الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إذا جرح الرجل المسلم رجلا من أهل الذمة وقطع رجليه أو يديه عمدا ، أيجعل هذا على عاقلة الرجل المسلم أم يجعل ذلك في ذمته ؟ قال : بل في ماله ولا أقوم بحفظه عن مالك .

                                                                                                                                                                                      قلت : لم جعلت هذا في مال الجاني ولم تجعله على العاقلة ، وقد قلت لي في المأمومة والجائفة عن مالك ، إن عمد ذلك على العاقلة إذا كانت بين المسلمين ; لأنها وقعت حين وقعت ولا قصاص فيها . فهذا أيضا قد وقع حين لا قصاص بينهما . فلم لا تجعل هذا على العاقلة ؟ أرأيت إن أصاب المسلم هذا الذمي بمأمومة عمدا ، أتجعلها على العاقلة أم لا ؟ والمأمومة ثلث دية النصراني . وقد قلت إنما ينظر إلى المجروح أو الجارح ، فأيهما بلغت الجناية ثلث ديته حملتها العاقلة ؟

                                                                                                                                                                                      قال : المأمومة والجائفة لم يكن ذلك عند مالك بالأمر البين كالسنة ، إن العاقلة لا تحمل - عند مالك - ولكنه استحسنه .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : وقد اجتمع أمر الناس أن العاقلة لا تحمل العمد .

                                                                                                                                                                                      قال : فأما المأمومة والجائفة فقد قال مالك فيهما ما قال . وقد كان مالك يقول فيهما - أكثر دهره - إنهما في ماله إن كان له مال ، فإن لم يكن له مال حملت ذلك العاقلة . ويقول : إنما رأيت ذلك لئلا يبطل جرحه لأنه لا قود فيه ، فلما كان هذا الجاني عديما وكانت الجناية لا قود فيها ، حملها على العاقلة ثم رجع فجعلها على العاقلة بضعف .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال لي مالك آخر ما كلمته فيها ما هو عندي بالأمر البين : إنه على العاقلة . فأرى في مسائلك هذه كلها في جراح المسلم النصراني أو في نفسه ، إن ذلك في ماله إلا في مأمومته أو جائفته فذلك على العاقلة في رأيي

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية