980 ص: فكان من الحجة عليهم لمخالفيهم أن حديث أيوب الذي قال فيه: " فسار حتى غاب الشفق ثم نزل" كل أصحاب نافع لم يذكروا ذلك لا عبيد الله ولا مالك ولا الليث ولا من قد روينا عنه حديث ابن عمر في هذا الباب، وإنما أخبر بذلك من فعل ابن عمر ، وذكر عن النبي -عليه السلام- الجمع ولم يذكر كيف جمع، فأما حديث عبيد الله : " أن رسول الله -عليه السلام- جمع بينهما " . ثم ذكر جمع ابن عمر كيف كان وأنه كان بعد ما غاب الشفق، فقد يجوز أن يكون أراد أن صلاة العشاء الآخرة التي بها كان جامعا بين الصلاتين بعد ما غاب الشفق، وإن كان قد صلى المغرب قبل غيبوبة الشفق؛ لأنه لم يكن قط جامعا بينهما، حتى صلى العشاء الآخرة، فصار بذلك جامعا بين المغرب والعشاء ، وقد روى ذلك غير أيوب مفسرا على ما قلنا.
[ ص: 258 ] كما حدثنا فهد ، قال: ثنا الحماني ، قال: ثنا عبد الله بن المبارك ، عن أسامة بن زيد ، قال: أخبرني نافع : " أن ابن عمر -رضي الله عنهما- جد به السير، فراح روحة لم ينزل إلا لظهر أو لعصر، وأخر المغرب حتى صرخ به سالم فقال: الصلاة، وصمت ابن عمر حتى إذا كان عند غيبوبة الشفق نزل فجمع بينهما، وقال: رأيت النبي -عليه السلام- يصنع هكذا إذا جد به السير " .
قال أبو جعفر - رحمه الله -: ففي هذا الحديث أن نزوله للمغرب كان قبل أن يغيب الشفق فاحتمل أن يكون قول نافع : " بعد ما غاب الشفق" في حديث أيوب إنما أراد به قربه من غيبوبة الشفق لئلا يتضاد ما روي عنه في ذلك.


