أما قوله تعالى : فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم ، تلك عشرة كاملة    [البقرة :196] . 
فقد قيل في جوابه : إنه سيق لدفع توهم احتمال التخيير ، فإن الواو قد تأتي بمعنى أو ، فلما قال : تلك عشرة  زال هذا الاحتمال . 
وأحسن من هذا أن يقال : إن [عطف] السبعة على الثلاثة يحتمل معنيين : 
أحدهما : أن تكون سبعة خارجة عن الثلاثة .  [ ص: 337 ] 
والآخر : أن تكون سبعة بالثلاثة التي قبلها ، كما قال تعالى : قل أإنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين  وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين   [فصلت :9 - 10] . فهذه أربعة أيام باليومين اللذين قبلهما ، ولو كان ذلك لكانت أيام الخلق ثمانية ؛ لأنه قال بعد ذلك : ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين  فقضاهن سبع سماوات في يومين   [فصلت :11 - 12] . فاقتضى أن يكون مجموع ما تقدم أربعة . 
فلما قال تعالى : تلك عشرة كاملة  ، علمنا أن السبعة مستقلة لا تدخل فيها الثلاثة المتقدمة ، وقوله : كاملة  ، أي : كاملة في ثوابها [كما هي كاملة في حسابها] . 
وأحسن منه أن يقال : لا يعتبر إلا كاملة لا نقص فيها ، ولا يقوم الأكثر فيها مقام الجميع ، بل لا بد من كمالها . والله سبحانه وتعالى أعلم . 
وأما قوله تعالى : فتم ميقات ربه أربعين ليلة    [الأعراف :142] ، ففيه فائدة زائدة ، وهو أن قوله : وأتممناها بعشر  ، المراد به دخول العشر في أيام الموعد ، فقوله : فتم ميقات ربه أربعين ليلة  رافع  [ ص: 338 ] لتوهم أن تكون العشر لغير مواعدة ، فلما أدخلها في الميقات علم أن المواعدة تناولتها كما تناولت الثلاثين ، والتمام وإن أشعر بها فليس في الصراحة كقوله : فتم ميقات ربه أربعين ليلة   . 
وأحسن من هذا أن يقال : إن الله سبحانه وتعالى واعده ووقت له للميعاد ثلاثين ليلة ، ثم أخبر أنه أتمها بعشر ، فلا يدرى انقضى أجل الميقات عند انتهاء الثلاثين ، وكانت العشر تماما ، أي زيادة بعد انقضاء أجل الميقات ، [أو] إنما كان انقضاؤه عند تمام الأربعين ، وأن الإتمام بعشرة هو زيادة في الأجل . فلما قال : فتم ميقات ربه أربعين ليلة  علمنا أن العشر دخلت في الأجل ، فصارت جزءا منه . 
وهذا كما تقول : اشتريت هذه السلعة من فلان بتسعين ، وأتممتها له مائة ، فلا يدرى هل أتممت الثمن بالعشرة ، أو أتممتها بعد استيفاء الثمن ، فإذا قلت : فتم له ثمن المبيع مائة ، علمنا أن العشرة صارت جزءا من الثمن ، والله سبحانه وتعالى أعلم . 
				
						
						
