وهذه فوائد لم تكن تحصل بدون إدخال هذا الفصل ، والله سبحانه وتبارك وتعالى أعلم .
وأما قوله تبارك وتعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=35nindex.php?page=treesubj&link=28905_28914_28994أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون [المؤمنون :35] ، فأعاد أنكم .
فقد قيل : أصل الكلام : أيعدكم أنكم مخرجون إذا متم وكنتم ترابا وعظاما .
فإنه لو قال : أيعدكم أنكم إذا كنتم ترابا وعظاما ، لطال الفصل بين أن واسمها وخبرها ، فأعاد أن لتقع على الخبر .
ونظير هذا قوله سبحانه وتعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=63ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم خالدا فيها [التوبة :63] ، لما طال الكلام أعاد أن ، هذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج وطائفة .
وأحسن من هذا أن يقال : إن كل واحد من هاتين الجملتين جملة شرطية مركبة من جملتين خبريتين ، فأكدت الجملة الشرطية بأن ،
[ ص: 353 ] على حد تأكيدها في قول الشاعر :
إن من يدخل الكنيسة يوما . . . يلق فيها جآذرا وظباءا
ثم أكدت الجملة الخبرية بأن إذ هي المقصودة ، على حد تأكيدها في قوله سبحانه وتعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=170والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين [الأعراف :170] .
ونظير الجمع بين تأكيد الجملة الكبرى المركبة من الشرط والجزاء قوله تبارك وتعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=90إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين [يوسف :90] ، ولا يقال في هذا : «إن » أعيدت لطول الكلام .
ونظيره قوله سبحانه وتعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=74إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيا [طه :74] .
ونظيره قوله تبارك وتعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم [الأنعام :54] ، فهما تأكيدان
[ ص: 354 ] مقصودان لمعنيين مختلفين ، ألا ترى أن تأكيد قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54غفور رحيم بأن ، غير تأكيد «من عمل سوءا بجهالة فأنه غفور رحيم » له بأن ، وهذا ظاهر لا خفاء به ، وهو كثير في القرآن وكلام العرب .
وأما قوله سبحانه وتعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=147nindex.php?page=treesubj&link=28974_28914_28905وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين [آل عمران :147] .
فهذا ليس من التكرار في شيء ، فإن «قولهم » خبر كان قدم على اسمها ، و «أن قالوا » في تأويل المصدر ، وهو الاسم ، فهما اسم كان وخبرها ، والمعنى : وما كان لهم قول إلا قول : ربنا اغفر لنا ذنوبنا .
ونظير هذا قوله سبحانه وتعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=82وما كان جواب قومه إلا أن قالوا [الأعراف :82] ، والجواب قول ، وتقول : ما لفلان قول إلا قول : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، فلا تكرار أصلا .
وَهَذِهِ فَوَائِدُ لَمْ تَكُنْ تَحْصُلُ بِدُونِ إِدْخَالِ هَذَا الْفَصْلِ ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَبَارَكَ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=35nindex.php?page=treesubj&link=28905_28914_28994أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ [الْمُؤْمِنُونَ :35] ، فَأَعَادَ أَنَّكُمْ .
فَقَدْ قِيلَ : أَصْلُ الْكَلَامِ : أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ إِذَا مُتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا .
فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ : أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا كُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا ، لَطَالَ الْفَصْلُ بَيْنَ أَنَّ وَاسْمِهَا وَخَبَرِهَا ، فَأَعَادَ أَنَّ لِتَقَعَ عَلَى الْخَبَرِ .
وَنَظِيرُ هَذَا قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=63أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا [التَّوْبَةِ :63] ، لَمَّا طَالَ الْكَلَامُ أَعَادَ أَنَّ ، هَذَا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجِ وَطَائِفَةٍ .
وَأَحْسَنُ مِنْ هَذَا أَنْ يُقَالَ : إِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَاتَيْنِ الْجُمْلَتَيْنِ جُمْلَةٌ شَرْطِيَّةٌ مُرَكَّبَةٌ مِنْ جُمْلَتَيْنِ خَبَرِيَّتَيْنِ ، فَأُكِّدَتِ الْجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ بِأَنَّ ،
[ ص: 353 ] عَلَى حَدِّ تَأْكِيدِهَا فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ :
إِنَّ مَنْ يَدْخُلِ الْكَنِيسَةَ يَوْمًا . . . يَلْقَ فِيهَا جَآذِرًا وَظِبَاءَا
ثُمَّ أُكِّدَتِ الْجُمْلَةُ الْخَبَرِيَّةُ بِأَنَّ إِذْ هِيَ الْمَقْصُودَةُ ، عَلَى حَدِّ تَأْكِيدِهَا فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=170وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ [الْأَعْرَافِ :170] .
وَنَظِيرُ الْجَمْعِ بَيْنَ تَأْكِيدِ الْجُمْلَةِ الْكُبْرَى الْمُرَكَّبَةِ مِنَ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ قَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=90إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ [يُوسُفَ :90] ، وَلَا يُقَالُ فِي هَذَا : «إِنَّ » أُعِيدَتْ لِطُولِ الْكَلَامِ .
وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=74إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا [طَهَ :74] .
وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مَنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [الْأَنْعَامِ :54] ، فَهُمَا تَأْكِيدَانِ
[ ص: 354 ] مَقْصُودَانِ لِمَعْنَيَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ تَأْكِيدَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54غَفُورٌ رَحِيمٌ بِأَنَّ ، غَيْرُ تَأْكِيدِ «مَنْ عَمِلَ سُوءًا بِجَهَالَةٍ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ » لَهُ بِأَنَّ ، وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا خَفَاءَ بِهِ ، وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ وَكَلَامِ الْعَرَبِ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=147nindex.php?page=treesubj&link=28974_28914_28905وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ [آلِ عِمْرَانَ :147] .
فَهَذَا لَيْسَ مِنَ التَّكْرَارِ فِي شَيْءٍ ، فَإِنَّ «قَوْلَهُمْ » خَبَرُ كَانَ قُدِّمَ عَلَى اسْمِهَا ، وَ «أَنْ قَالُوا » فِي تَأْوِيلِ الْمَصْدَرِ ، وَهُوَ الِاسْمُ ، فَهُمَا اسْمُ كَانَ وَخَبَرُهَا ، وَالْمَعْنَى : وَمَا كَانَ لَهُمْ قَوْلٌ إِلَّا قَوْلَ : رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا .
وَنَظِيرُ هَذَا قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=82وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلا أَنْ قَالُوا [الْأَعْرَافِ :82] ، وَالْجَوَابُ قَوْلٌ ، وَتَقُولُ : مَا لِفُلَانٍ قَوْلٌ إِلَّا قَوْلَ : لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ ، فَلَا تَكْرَارَ أَصْلًا .