وعذاب الله ثلاثة أنواع :
nindex.php?page=treesubj&link=32482_19721_19705_19615نوع يكون في الدنيا قبل الموت ، فهذا يقبل الله توبة من تاب بعد معاينته ، ويكشفه عنه .
nindex.php?page=treesubj&link=32482_19722وعذاب يكون بالهلاك عند المعاينة ، فهذا لا كرة فيه ، ولا تقبل توبته بعد معاينته .
وكذلك عذاب يوم القيامة ، فإن الموت هو القيامة الصغرى ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة بن شعبة : إنكم تقولون : القيامة القيامة ، وإنه من مات فقد قامت قيامته . وشهد
nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة بن قيس صاحب
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود جنازة ، فلما دفن قال : أما هذا فقد قامت قيامته .
وهذا مذهب الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة المسلمين
[ ص: 367 ] وأهل السنة ، الذين
nindex.php?page=treesubj&link=29664_29663يثبتون في البرزخ بعد الموت وقبل قيام الناس من قبورهم عذابا ونعيما . وطائفة من أهل البدع تنكر هذا وينكرون عذاب القبر ، فهؤلاء ليس عندهم جزاء إلا في القيامة الكبرى . وبإزاء هؤلاء كثير من
nindex.php?page=treesubj&link=28840_28839_28760_28757المتفلسفة والملاحدة الباطنية ومن وافقهم يثبتون القيامة الصغرى ، وهو معاد النفس إذا فارقت البدن ، وليس عندهم قيامة كبرى يقوم الناس عنها من قبورهم ، وإنما يثبتون تغير العالم السفلي من حال إلى حال . وهذه القيامة الوسطى التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=889213«إن يستنفد هذا الغلام أجله لن يدركه الهرم حتى تقوم الساعة » . يريد به انخرام ذلك القرن ، هكذا جاء مبينا في الأحاديث الصحيحة .
وعذاب الله هو في هذه القيامات الثلاث ، يعذب من يشاء بعد الموت ويعذب كثيرا من الأمم بهلاكهم جميعا ، كما أهلك قوم نوح وعادا وثمود وغيرهم . وكذلك يزيل الدول ، وقد قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=915192«إذا رأيت الحفاة العراة العالة رعاء البهم يتطاولون في البنيان ، فذلك من أشراطها » .
والقيامة الكبرى إذا قام الناس من القبور ، وانشقت السماء وبست الجبال ، وكان ما أخبر الله به في كتابه . والوعيد في القرآن يتناول هذا وهذا وهذا ، والمفسرون يذكرون الأمور الثلاثة .
ومما يبين ذلك قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=76ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما [ ص: 368 ] يتضرعون [المؤمنون :76] . فدل ذلك على أنه بعد أن يصيب الإنسان العذاب تقبل منه الاستكانة والتضرع ، كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=94وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون [الأعراف :94] ، وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=40قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=41بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون [الأنعام :40 - 41] . فهذا يبين أنه قد يكشف العذاب الذي دعوا الله إليه ، كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=8وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار [الزمر :8] .
ومما يبين ذلك قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=21ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون [السجدة :21] ، فأخبر أنه يذيق الناس العذاب الأدنى في الدنيا لعلهم يتوبون ، وذلك أن
nindex.php?page=treesubj&link=32482_19615التوبة ترفع العذاب الأدنى عن جميع الناس . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=126أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون [التوبة :126] ، وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=41ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون [الروم :41] .
وَعَذَابُ اللَّهِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ :
nindex.php?page=treesubj&link=32482_19721_19705_19615نَوْعٌ يَكُونُ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ الْمَوْتِ ، فَهَذَا يَقْبَلُ اللَّهُ تَوْبَةَ مَنْ تَابَ بَعْدَ مُعَايَنَتِهِ ، وَيَكْشِفُهُ عَنْهُ .
nindex.php?page=treesubj&link=32482_19722وَعَذَابٌ يَكُونُ بِالْهَلَاكِ عِنْدَ الْمُعَايَنَةِ ، فَهَذَا لَا كَرَّةَ فِيهِ ، وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ بَعْدَ مُعَايَنَتِهِ .
وَكَذَلِكَ عَذَابُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، فَإِنَّ الْمَوْتَ هُوَ الْقِيَامَةُ الصُّغْرَى ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=19الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ : إِنَّكُمْ تَقُولُونَ : الْقِيَامَةُ الْقِيَامَةُ ، وَإِنَّهُ مَنْ مَاتَ فَقَدْ قَامَتْ قِيَامَتُهُ . وَشَهِدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16588عَلْقَمَةُ بْنُ قَيْسٍ صَاحِبُ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ جِنَازَةً ، فَلَمَّا دُفِنَ قَالَ : أَمَّا هَذَا فَقَدَ قَامَتْ قِيَامَتُهُ .
وَهَذَا مَذْهَبُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ
[ ص: 367 ] وَأَهْلِ السُّنَّةِ ، الَّذِينَ
nindex.php?page=treesubj&link=29664_29663يُثْبِتُونَ فِي الْبَرْزَخِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ قِيَامِ النَّاسِ مِنْ قُبُورِهِمْ عَذَابًا وَنَعِيمًا . وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ تُنْكِرُ هَذَا وَيُنْكِرُونَ عَذَابَ الْقَبْرِ ، فَهَؤُلَاءِ لَيْسَ عِنْدَهُمْ جَزَاءٌ إِلَّا فِي الْقِيَامَةِ الْكُبْرَى . وَبِإِزَاءِ هَؤُلَاءِ كَثِيرٌ مِنَ
nindex.php?page=treesubj&link=28840_28839_28760_28757الْمُتَفَلْسِفَةِ وَالْمَلَاحِدَةِ الْبَاطِنِيَّةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ يُثْبِتُونَ الْقِيَامَةَ الصُّغْرَى ، وَهُوَ مَعَادُ النَّفْسِ إِذَا فَارَقَتِ الْبَدَنَ ، وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ قِيَامَةٌ كُبْرَى يَقُومُ النَّاسُ عَنْهَا مِنْ قُبُورِهِمْ ، وَإِنَّمَا يُثْبِتُونَ تَغَيُّرَ الْعَالَمِ السُّفْلِيِّ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ . وَهَذِهِ الْقِيَامَةُ الْوُسْطَى الَّتِي ذَكَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=889213«إِنْ يَسْتَنْفِدْ هَذَا الْغُلَامُ أَجَلَهُ لَنْ يُدْرِكَهُ الْهَرَمُ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ » . يُرِيدُ بِهِ انْخِرَامَ ذَلِكَ الْقَرْنِ ، هَكَذَا جَاءَ مُبَيَّنًا فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ .
وَعَذَابُ اللَّهِ هُوَ فِي هَذِهِ الْقَيَّامَاتِ الثَّلَاثِ ، يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَيُعَذِّبُ كَثِيرًا مِنَ الْأُمَمِ بِهَلَاكِهِمْ جَمِيعًا ، كَمَا أَهْلَكَ قَوْمَ نُوحٍ وَعَادًا وَثَمُودَ وَغَيْرَهُمْ . وَكَذَلِكَ يُزِيلُ الدُّوَلَ ، وَقَدْ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=915192«إِذَا رَأَيْتَ الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الْبَهْمِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ ، فَذَلِكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا » .
وَالْقِيَامَةُ الْكُبْرَى إِذَا قَامَ النَّاسُ مِنَ الْقُبُورِ ، وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ وَبُسَّتِ الْجِبَالُ ، وَكَانَ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ فِي كِتَابِهِ . وَالْوَعِيدُ فِي الْقُرْآنِ يَتَنَاوَلُ هَذَا وَهَذَا وَهَذَا ، وَالْمُفَسِّرُونَ يَذْكُرُونَ الْأُمُورَ الثَّلَاثَةَ .
وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=76وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا [ ص: 368 ] يَتَضَرَّعُونَ [الْمُؤْمِنُونَ :76] . فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ يُصِيبَ الْإِنْسَانَ الْعَذَابُ تُقْبَلُ مِنْهُ الِاسْتِكَانَةُ وَالتَّضَرُّعُ ، كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=94وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ [الْأَعْرَافِ :94] ، وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=40قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=41بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ [الْأَنْعَامِ :40 - 41] . فَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّهُ قَدْ يَكْشِفُ الْعَذَابَ الَّذِي دَعَوُا اللَّهَ إِلَيْهِ ، كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=8وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ [الزُّمَرِ :8] .
وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=21وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [السَّجْدَةِ :21] ، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ يُذِيقُ النَّاسَ الْعَذَابَ الْأَدْنَى فِي الدُّنْيَا لَعَلَّهُمْ يَتُوبُونَ ، وَذَلِكَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=32482_19615التَّوْبَةَ تَرْفَعُ الْعَذَابَ الْأَدْنَى عَنْ جَمِيعِ النَّاسِ . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=126أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ [التَّوْبَةِ :126] ، وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=41ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الرُّومِ :41] .