فصل
nindex.php?page=treesubj&link=26063_27340_27339الهجرة المشروعة كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=5والرجز فاهجر [المدثر :5] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=68وإذا رأيت الذين يخوضون [الأنعام :68] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=178وتول عنهم [الصافات :178] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=10واهجرهم هجرا جميلا [المزمل :10] ،
nindex.php?page=treesubj&link=29300_29286وهجرة الصحابة إلى الحبشة ثم إلى المدينة ،
nindex.php?page=treesubj&link=26062وهجرة المسلم من دار الكفر إلى دار الإسلام ،
nindex.php?page=treesubj&link=20345_26062_27339وهجرة الناس من دار الفجور والبدعة إلى دار البر والسنة ، وهجران المعلنين بالمعاصي والمظهرين للبدع ، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بهجرة الثلاثة الذين خلفوا ، وأمر
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بهجر
صبيغ بن عسل ،
nindex.php?page=treesubj&link=20345_27340_27339وأمر الأئمة بهجران الدعاة إلى البدع بحيث لا يتخذون حكاما ولا شهودا ولا أئمة ولا مفتين ولا محدثين ، ولا يجالسون ولا يخاطبون ونحو ذلك . كل هذا له مقصودان :
أحدهما : اشتمال ذلك على أداء الواجبات وترك المحرمات ، فإن هجران الذنوب تركها ، قال النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=650009«المهاجر من هجر ما نهى الله عنه » . والهجرة من دار الحرب ليتمكن المسلم من إقامة دينه ولوائه الجهاد . ولئلا يقع فيما هم فيه . وكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=27339_27340هجران قرناء السوء ، لئلا يرى القبيح ويسمعه فيكون شريكا لهم ، كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=140إنكم إذا مثلهم [ ص: 75 ] [النساء :140] ، ولئلا يوقعوه في بعض ذنوبهم ، فإن
nindex.php?page=hadith&LINKID=688530«المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل » . فالأول يكون بترك مخالطتهم وقت الذنوب ، وإن خولطوا في غيرها للضرورة . والثاني يكون بترك عشرتهم مطلقا ، فإن المعاشرة قد تجر إلى القبيح ، فمن كان مضطرا إلى معاشرتهم أو كان هو الحاكم عليهم دينا ودنيا فهذا لا ينهى عن المعاشرة ، بخلاف . . . . . . . . الذين قد يفسدون عقله أو دينه أو نحو ذلك .
المقصود الثاني : تضمنها نهي المهجور وتعزيره وعقوبته فيكون جزاء له . . . . . . . له ولغيره من ضربائه ، كسائر أنواع التعزير والعقوبات المشروعة . فهذه الهجرة من جنس العقوبات والتعزيرات لتنكيل المهجور وغيره على ذلك الذنب ، وتلك الهجرة من جنس التقوى والاحتراز عن مواقعة المحظور [ات] البدعية والفجورية ، فالأولى تحقيق التقوى ، والثانية تحقيق الجهاد ، فالأولى من فعل الذين هاجروا ، والثانية من فعل الذين جاهدوا .
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=72إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض [الأنفال :72] .
[ ص: 76 ]
ولهذا لا يصلح . . . . . . إلا مع المكنة والقدرة ، كما لا تصلح المعاقبة إلا للقادر المتمكن ، بخلاف الأولى . ولهذا كانت الأولى مشروعة
بمكة ، والثانية إنما شرعت
بالمدينة بعد
تبوك لما كان الإسلام في غاية القوة ، فإن الثانية تتضمن ترك السلام عليه وترك عيادته وتقديمه في شيء من المراتب الدينية ، كالإمامة والحكم والشهادة والحديث والفتوى .
وهذا إذا كان ممن يؤثر في المهجور حصول المنفعة ، وربما كان فيه منفعة ومضرة فيراعى ما غلب منهما ، وقد يختلف ذلك باختلاف الأحوال والأوقات ، وتختلف فيه الاجتهادات ، وقد يستغنى عن الهجرة بالتأليف . فالغرض النهي عن المنكر بأقرب الطرق ، وتحصيل المعروف على أكمل الوجه . والله أعلم .
nindex.php?page=treesubj&link=20345وأهل السنة والحديث يهجرون الداعية إلى البدع من الكلام أو الرأي أو العيادة ، ولهذا كان أهل السنة قد تجنبوا فيها الرواية عن الدعاة إلى البدع عندهم من أهل الكلام كعمرو بن عبيد وغيره ، ومن أهل الرأي كأهل الرأي من أهل الكوفة ، وهو فعل أحمد بن حنبل معهم ، وهذا تفصيله مذكور في غير هذا الموضع .
فَصْلٌ
nindex.php?page=treesubj&link=26063_27340_27339الْهِجْرَةُ الْمَشْرُوعَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=5وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ [الْمُدَّثِّرِ :5] ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=68وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ [الْأَنْعَامِ :68] ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=178وَتَوَلَّ عَنْهُمْ [الصَّافَّاتِ :178] ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=10وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلا [الْمُزَّمِّلِ :10] ،
nindex.php?page=treesubj&link=29300_29286وَهِجْرَةُ الصَّحَابَةِ إِلَى الْحَبَشَةِ ثُمَّ إِلَى الْمَدِينَةِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=26062وَهِجْرَةُ الْمُسْلِمِ مِنْ دَارِ الْكُفْرِ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=20345_26062_27339وَهِجْرَةُ النَّاسِ مِنْ دَارِ الْفُجُورِ وَالْبِدْعَةِ إِلَى دَارِ الْبَرِّ وَالسُّنَّةِ ، وَهِجْرَانُ الْمُعْلِنِينَ بِالْمَعَاصِي وَالْمُظْهِرِينَ لِلْبِدَعِ ، كَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِجْرَةِ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا ، وَأَمَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بِهَجْرِ
صَبِيغِ بْنِ عِسْلٍ ،
nindex.php?page=treesubj&link=20345_27340_27339وَأَمَرَ الْأَئِمَّةَ بِهِجْرَانِ الدُّعَاةِ إِلَى الْبِدَعِ بِحَيْثُ لَا يُتَّخَذُونَ حُكَّامًا وَلَا شُهُودًا وَلَا أَئِمَّةً وَلَا مُفْتِينَ وَلَا مُحَدِّثِينَ ، وَلَا يُجَالَسُونَ وَلَا يُخَاطَبُونَ وَنَحْوُ ذَلِكَ . كُلُّ هَذَا لَهُ مَقْصُودَانِ :
أَحَدُهُمَا : اشْتِمَالُ ذَلِكَ عَلَى أَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ وَتَرْكِ الْمُحَرَّمَاتِ ، فَإِنَّ هِجْرَانَ الذُّنُوبِ تَرْكُهَا ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=650009«الْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ » . وَالْهِجْرَةُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ لِيَتَمَكَّنَ الْمُسْلِمُ مِنْ إِقَامَةِ دِينِهِ وَلِوَائِهِ الْجِهَادِ . وَلِئَلَّا يَقَعَ فِيمَا هُمْ فِيهِ . وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=27339_27340هِجْرَانُ قُرَنَاءِ السُّوءِ ، لِئَلَّا يَرَى الْقَبِيحَ وَيَسْمَعَهُ فَيَكُونَ شَرِيكًا لَهُمْ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=140إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ [ ص: 75 ] [النِّسَاءِ :140] ، وَلِئَلَّا يُوقِعُوهُ فِي بَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ، فَإِنَّ
nindex.php?page=hadith&LINKID=688530«الْمَرْءَ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ » . فَالْأَوَّلُ يَكُونُ بِتَرْكِ مُخَالَطَتِهِمْ وَقْتَ الذُّنُوبِ ، وَإِنْ خُولِطُوا فِي غَيْرِهَا لِلضَّرُورَةِ . وَالثَّانِي يَكُونُ بِتَرْكِ عِشْرَتِهِمْ مُطْلَقًا ، فَإِنَّ الْمُعَاشَرَةَ قَدْ تَجُرُّ إِلَى الْقَبِيحِ ، فَمَنْ كَانَ مُضْطَرًّا إِلَى مُعَاشَرَتِهِمْ أَوْ كَانَ هُوَ الْحَاكِمَ عَلَيْهِمْ دِينًا وَدُنْيَا فَهَذَا لَا يُنْهَى عَنِ الْمُعَاشَرَةِ ، بِخِلَافِ . . . . . . . . الَّذِينَ قَدْ يُفْسِدُونَ عَقْلَهُ أَوْ دِينَهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ .
الْمَقْصُودُ الثَّانِي : تَضَمُّنُهَا نَهْيَ الْمَهْجُورِ وَتَعْزِيرَهُ وَعُقُوبَتَهُ فَيَكُونُ جَزَاءً لَهُ . . . . . . . لَهُ وَلِغَيْرِهِ مِنْ ضُرَبَائِهِ ، كَسَائِرِ أَنْوَاعِ التَّعْزِيرِ وَالْعُقُوبَاتِ الْمَشْرُوعَةِ . فَهَذِهِ الْهِجْرَةُ مِنْ جِنْسِ الْعُقُوبَاتِ وَالتَّعْزِيرَاتِ لِتَنْكِيلِ الْمَهْجُورِ وَغَيْرِهِ عَلَى ذَلِكَ الذَّنْبِ ، وَتِلْكَ الْهِجْرَةُ مِنْ جِنْسِ التَّقْوَى وَالِاحْتِرَازِ عَنْ مُوَاقَعَةِ الْمَحْظُورَ [اتِ] الْبِدْعِيَّةِ وَالْفُجُورِيَّةِ ، فَالْأُولَى تَحْقِيقُ التَّقْوَى ، وَالثَّانِيَةُ تَحْقِيقُ الْجِهَادِ ، فَالْأُولَى مِنْ فِعْلِ الَّذِينَ هَاجَرُوا ، وَالثَّانِيَةُ مِنْ فِعْلِ الَّذِينَ جَاهَدُوا .
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=72إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [الْأَنْفَالِ :72] .
[ ص: 76 ]
وَلِهَذَا لَا يَصْلُحُ . . . . . . إِلَّا مَعَ الْمُكْنَةِ وَالْقُدْرَةِ ، كَمَا لَا تَصْلُحُ الْمُعَاقَبَةُ إِلَّا لِلْقَادِرِ الْمُتَمَكِّنِ ، بِخِلَافِ الْأُولَى . وَلِهَذَا كَانَتِ الْأُولَى مَشْرُوعَةً
بِمَكَّةَ ، وَالثَّانِيَةُ إِنَّمَا شُرِعَتْ
بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ
تَبُوكَ لَمَّا كَانَ الْإِسْلَامُ فِي غَايَةِ الْقُوَّةِ ، فَإِنَّ الثَّانِيَةَ تَتَضَمَّنُ تَرْكَ السَّلَامِ عَلَيْهِ وَتَرْكَ عِيَادَتِهِ وَتَقْدِيمِهِ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمَرَاتِبِ الدِّينِيَّةِ ، كَالْإِمَامَةِ وَالْحُكْمِ وَالشَّهَادَةِ وَالْحَدِيثِ وَالْفَتْوَى .
وَهَذَا إِذَا كَانَ مِمَّنْ يُؤَثِّرُ فِي الْمَهْجُورِ حُصُولُ الْمَنْفَعَةِ ، وَرُبَّمَا كَانَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَمَضَرَّةٌ فَيُرَاعَى مَا غَلَبَ مِنْهُمَا ، وَقَدْ يَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَالْأَوْقَاتِ ، وَتَخْتَلِفُ فِيهِ الِاجْتِهَادَاتُ ، وَقَدْ يُسْتَغْنَى عَنِ الْهِجْرَةِ بِالتَّأْلِيفِ . فَالْغَرَضُ النَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ بِأَقْرَبِ الطَّرْقِ ، وَتَحْصِيلُ الْمَعْرُوفِ عَلَى أَكْمَلِ الْوَجْهِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
nindex.php?page=treesubj&link=20345وَأَهْلُ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ يَهْجُرُونَ الدَّاعِيَةَ إِلَى الْبِدَعِ مِنَ الْكَلَامِ أَوِ الرَّأْيِ أَوِ الْعِيَادَةِ ، وَلِهَذَا كَانَ أَهْلُ السُّنَّةِ قَدْ تَجَنَّبُوا فِيهَا الرِّوَايَةَ عَنِ الدُّعَاةِ إِلَى الْبِدَعِ عِنْدَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ كَعَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ وَغَيْرِهِ ، وَمِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ كَأَهْلِ الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ ، وَهُوَ فِعْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ مَعَهُمْ ، وَهَذَا تَفْصِيلُهُ مَذْكُورٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ .