قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=188nindex.php?page=treesubj&link=28908لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم ( 188 ) ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=188لا تحسبن الذين يفرحون ) : يقرأ بالياء على الغيبة ، وكذلك (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=188فلا تحسبنهم ) : بالياء وضم الباء . وفاعل الأول الذين يفرحون ، وأما مفعولاه فمحذوفان
[ ص: 251 ] اكتفاء بمفعولي تحسبنهم ؛ لأن الفاعل فيهما واحد ، فالفعل الثاني تكرير للأول ، وحسن لما طال الكلام المتصل بالأول ، والفاء زائدة ، فليست للعطف ، ولا للجواب ، وقال بعضهم : بمفازة ، هو مفعول حسب الأول ، ومفعوله الثاني محذوف ، دل عليه مفعول حسب الثاني ؛ لأن التقدير : لا يحسبن الذين يفرحون أنفسهم بمفازة ، وهم في " فلا تحسبنهم " هو أنفسهم ؛ أي : فلا يحسبن أنفسهم ، وأغنى بمفازة الذي هو مفعول الأول عن ذكره ثانيا لحسب الثاني .
وهذا وجه ضعيف متعسف ، عنه مندوحة بما ذكرنا في الوجه الأول .
ويقرأ بالتاء فيهما على الخطاب ، وبفتح الباء منهما ، والخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - والقول فيه أن الذين يفرحون هو المفعول الأول ، والثاني محذوف لدلالة مفعول حسب الثاني عليه ، وقيل : التقدير : لا تحسبن الذين يفرحون بمفازة ، وأغنى المفعول الثاني هنا عن ذكره لحسب الثاني ، وحسب الثاني مكرر ، أو بدل لما ذكرنا في القراءة بالياء فيهما ؛ لأن الفاعل فيهما واحد أيضا ، وهو النبي ، ويقرأ بالياء في الأول ، وبالتاء في الثاني ، ثم في التاء في الفعل الثاني وجهان : أحدهما : الفتح على أنه خطاب لواحد والضم على أنه لجماعة ، وعلى هذا يكون مفعولا الفعل الأول محذوفين ؛ لدلالة مفعولي الثاني عليهما ، والفاء زائدة أيضا ، والفعل الثاني ليس ببدل ولا مكرر ؛ لأن فاعله غير فاعل الأول ، والمفازة : مفعلة من الفوز . و (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=188من العذاب ) : متعلق بمحذوف ؛ لأنه صفة للمفازة ؛ لأن المفازة مكان ، والمكان لا يعمل ، ويجوز أن تكون المفازة مصدرا فتتعلق " من " به ، ويكون التقدير : فلا تحسبنهم فائزين ، فالمصدر في موضع اسم الفاعل .
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=191nindex.php?page=treesubj&link=28908الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ( 191 )
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=192ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار ) ( 192 ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=191الذين يذكرون ) : في موضع جر نعتا " لأولي " أو في موضع نصب بإضمار أعني ، أو رفع على إضمار " هم " . ويجوز أن يكون مبتدأ ، والخبر محذوفا ؛ تقديره : يقولون ربنا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=191قياما وقعودا ) : حالان من ضمير الفاعل في " يذكرون " . (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=191وعلى جنوبهم ) : حال أيضا ، وحرف الجر يتعلق بمحذوف هو الحال في الأصل ؛ تقديره : ومضطجعين على جنوبهم . (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=191ويتفكرون ) : معطوف على يذكرون ، ويجوز أن يكون حالا
[ ص: 252 ] أيضا ؛ أي : يذكرون الله متفكرين . (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=191باطلا ) : مفعول من أجله ، والباطل هنا فاعل بمعنى المصدر مثل العاقبة ، والعافية ؛ والمعنى ما خلقتهما عبثا . ويجوز أن يكون حالا تقديره : ما خلقت هذا خاليا عن حكمة ، ويجوز أن يكون نعتا لمصدر محذوف ؛ أي : خلقا باطلا .
فإن قيل : كيف قال هذا ، والسابق ذكر السماوات والأرض ، والإشارة إليها بهذه ففي ذلك ثلاثة أوجه : أحدها : أن الإشارة إلى الخلق المذكور في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=191خلق السماوات ) ، وعلى هذا يجوز أن يكون الخلق مصدرا ، وأن يكون بمعنى المخلوق ، ويكون من إضافة الشيء إلى ما هو هو في المعنى . والثاني : أن السماوات والأرض بمعنى الجمع ، فعادت الإشارة إليه . والثالث : أن يكون المعنى : ما خلقت هذا المذكور أو المخلوق . (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=191فقنا ) : دخلت الفاء لمعنى الجزاء ؛ فالتقدير : إذا نزهناك أو وحدناك فقنا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=192من تدخل النار ) : في موضع نصب بتدخل .
وأجاز قوم أن يكون منصوبا بفعل دل عليه جواب الشرط ، وهو " فقد أخزيته " .
وأجاز قوم أن يكون (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=192من ) مبتدأ ، والشرط وجوابه الخبر ، وعلى جميع الأوجه الكلام كله في موضع رفع خبر إن .
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=193nindex.php?page=treesubj&link=28908ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار ) ( 193 ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=193ينادي ) : صفة لمناديا ، أو حال من الضمير في مناديا .
فإن قيل : ما الفائدة في ذكر الفعل مع دلالة الاسم الذي هو مناد عليه قيل : فيه ثلاثة أوجه : أحدها هو توكيد كما تقول قم قائما . والثاني : أنه وصل به ما حسن التكرير ، وهو قوله : " للإيمان " . والثالث : أنه لو اقتصر على الاسم لجاز أن يكون سمع معروفا بالنداء يذكر ما ليس بنداء ، فلما قال ينادي ثبت أنهم سمعوا نداءه في تلك الحال .
ومفعول ينادي محذوف ؛ أي : نادى الناس : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=193أن آمنوا ) : أن هنا بمعنى أي فيكون النداء قوله آمنوا ، ويجوز أن تكون أن المصدرية وصلت بالأمر فيكون التقدير : على هذا ينادي للإيمان بأن آمنوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=193مع الأبرار ) : صفة للمفعول المحذوف تقديره : أبرارا مع الأبرار ، وأبرارا على هذا حال ، والأبرار جمع بر ، وأصله برر ، ككتف وأكتاف . ويجوز الإمالة في الأبرار تغليبا لكسرة الراء الثانية .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=188nindex.php?page=treesubj&link=28908لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ( 188 ) ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=188لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ ) : يُقْرَأُ بِالْيَاءِ عَلَى الْغَيْبَةِ ، وَكَذَلِكَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=188فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ ) : بِالْيَاءِ وَضَمِّ الْبَاءِ . وَفَاعِلُ الْأَوَّلِ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ ، وَأَمَّا مَفْعُولَاهُ فَمَحْذُوفَانِ
[ ص: 251 ] اكْتِفَاءً بِمَفْعُولَيْ تَحْسَبَنَّهُمْ ؛ لِأَنَّ الْفَاعِلَ فِيهِمَا وَاحِدٌ ، فَالْفِعْلُ الثَّانِي تَكْرِيرٌ لِلْأَوَّلِ ، وَحَسُنَ لَمَّا طَالَ الْكَلَامُ الْمُتَّصِلُ بِالْأَوَّلِ ، وَالْفَاءُ زَائِدَةٌ ، فَلَيْسَتْ لِلْعَطْفِ ، وَلَا لِلْجَوَابِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : بِمَفَازَةٍ ، هُوَ مَفْعُولُ حَسِبَ الْأَوَّلُ ، وَمَفْعُولُهُ الثَّانِي مَحْذُوفٌ ، دَلَّ عَلَيْهِ مَفْعُولُ حَسِبَ الثَّانِي ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ : لَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ أَنْفُسَهُمْ بِمَفَازَةٍ ، وَهُمْ فِي " فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ " هُوَ أَنْفُسَهُمْ ؛ أَيْ : فَلَا يَحْسَبَنَّ أَنْفُسَهُمْ ، وَأَغْنَى بِمَفَازَةٍ الَّذِي هُوَ مَفْعُولُ الْأَوَّلِ عَنْ ذِكْرِهِ ثَانِيًا لِحَسِبَ الثَّانِي .
وَهَذَا وَجْهٌ ضَعِيفٌ مُتَعَسِّفٌ ، عَنْهُ مَنْدُوحَةٌ بِمَا ذَكَرْنَا فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ .
وَيُقْرَأُ بِالتَّاءِ فِيهِمَا عَلَى الْخِطَابِ ، وَبِفَتْحِ الْبَاءِ مِنْهُمَا ، وَالْخِطَابُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْقَوْلُ فِيهِ أَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ هُوَ الْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ ، وَالثَّانِي مَحْذُوفٌ لِدَلَالَةِ مَفْعُولِ حَسِبَ الثَّانِي عَلَيْهِ ، وَقِيلَ : التَّقْدِيرُ : لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَفَازَةٍ ، وَأَغْنَى الْمَفْعُولُ الثَّانِي هُنَا عَنْ ذِكْرِهِ لِحَسِبَ الثَّانِي ، وَحَسِبَ الثَّانِي مُكَرَّرٌ ، أَوْ بَدَلٌ لِمَا ذَكَرْنَا فِي الْقِرَاءَةِ بِالْيَاءِ فِيهِمَا ؛ لِأَنَّ الْفَاعِلَ فِيهِمَا وَاحِدٌ أَيْضًا ، وَهُوَ النَّبِيُّ ، وَيُقْرَأُ بِالْيَاءِ فِي الْأَوَّلِ ، وَبِالتَّاءِ فِي الثَّانِي ، ثُمَّ فِي التَّاءِ فِي الْفِعْلِ الثَّانِي وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا : الْفَتْحُ عَلَى أَنَّهُ خِطَابٌ لِوَاحِدٍ وَالضَّمُّ عَلَى أَنَّهُ لِجَمَاعَةٍ ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ مَفْعُولَا الْفِعْلِ الْأَوَّلِ مَحْذُوفَيْنِ ؛ لِدَلَالَةِ مَفْعُولَيِ الثَّانِي عَلَيْهِمَا ، وَالْفَاءُ زَائِدَةً أَيْضًا ، وَالْفِعْلُ الثَّانِي لَيْسَ بِبَدَلٍ وَلَا مُكَرَّرٍ ؛ لِأَنَّ فَاعِلَهُ غَيْرُ فَاعِلِ الْأَوَّلِ ، وَالْمَفَازَةُ : مَفْعَلَةٌ مِنَ الْفَوْزِ . وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=188مِنَ الْعَذَابِ ) : مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ ؛ لِأَنَّهُ صِفَةٌ لِلْمَفَازَةِ ؛ لِأَنَّ الْمَفَازَةَ مَكَانٌ ، وَالْمَكَانُ لَا يَعْمَلُ ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْمَفَازَةُ مَصْدَرًا فَتَتَعَلَّقُ " مِنَ " بِهِ ، وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ : فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ فَائِزِينَ ، فَالْمَصْدَرُ فِي مَوْضِعِ اسْمِ الْفَاعِلِ .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=191nindex.php?page=treesubj&link=28908الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ( 191 )
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=192رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ) ( 192 ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=191الَّذِينَ يَذْكُرُونَ ) : فِي مَوْضِعِ جَرٍّ نَعْتًا " لِأُولِي " أَوْ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِإِضْمَارِ أَعْنِي ، أَوْ رَفْعٍ عَلَى إِضْمَارِ " هُمْ " . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً ، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفًا ؛ تَقْدِيرُهُ : يَقُولُونَ رَبَّنَا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=191قِيَامًا وَقُعُودًا ) : حَالَانِ مِنْ ضَمِيرِ الْفَاعِلِ فِي " يَذْكُرُونَ " . (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=191وَعَلَى جُنُوبِهِمْ ) : حَالٌ أَيْضًا ، وَحَرْفُ الْجَرِّ يَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ هُوَ الْحَالُ فِي الْأَصْلِ ؛ تَقْدِيرُهُ : وَمُضْطَجِعِينَ عَلَى جُنُوبِهِمْ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=191وَيَتَفَكَّرُونَ ) : مَعْطُوفٌ عَلَى يَذْكُرُونَ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا
[ ص: 252 ] أَيْضًا ؛ أَيْ : يَذْكُرُونَ اللَّهَ مُتَفَكِّرِينَ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=191بَاطِلًا ) : مَفْعُولٌ مِنْ أَجْلِهِ ، وَالْبَاطِلُ هُنَا فَاعِلٌ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ مِثْلُ الْعَاقِبَةِ ، وَالْعَافِيَةِ ؛ وَالْمَعْنَى مَا خَلَقْتُهُمَا عَبَثًا . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا تَقْدِيرُهُ : مَا خَلَقْتُ هَذَا خَالِيًا عَنْ حِكْمَةٍ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَعْتًا لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ ؛ أَيْ : خَلْقًا بَاطِلًا .
فَإِنْ قِيلَ : كَيْفَ قَالَ هَذَا ، وَالسَّابِقُ ذِكْرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَالْإِشَارَةُ إِلَيْهَا بِهَذِهِ فَفِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ : أَحُدُهَا : أَنَّ الْإِشَارَةَ إِلَى الْخَلْقِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=191خَلْقِ السَّمَاوَاتِ ) ، وَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْخَلْقُ مَصْدَرًا ، وَأَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْمَخْلُوقِ ، وَيَكُونُ مِنْ إِضَافَةِ الشَّيْءِ إِلَى مَا هُوَ هُوَ فِي الْمَعْنَى . وَالثَّانِي : أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِمَعْنَى الْجَمْعِ ، فَعَادَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ . وَالثَّالِثُ : أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى : مَا خَلَقْتُ هَذَا الْمَذْكُورَ أَوِ الْمَخْلُوقَ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=191فَقِنَا ) : دَخَلَتِ الْفَاءُ لِمَعْنَى الْجَزَاءِ ؛ فَالتَّقْدِيرُ : إِذَا نَزَّهْنَاكَ أَوْ وَحَّدْنَاكَ فَقِنَا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=192مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ ) : فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِتُدْخِلَ .
وَأَجَازَ قَوْمٌ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا بِفِعْلٍ دَلَّ عَلَيْهِ جَوَابُ الشَّرْطِ ، وَهُوَ " فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ " .
وَأَجَازَ قَوْمٌ أَنْ يَكُونَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=192مَنْ ) مُبْتَدَأً ، وَالشَّرْطُ وَجَوَابُهُ الْخَبَرَ ، وَعَلَى جَمِيعِ الْأَوْجُهِ الْكَلَامُ كُلُّهُ فِي مَوْضِعِ رَفْعِ خَبَرِ إِنَّ .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=193nindex.php?page=treesubj&link=28908رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ ) ( 193 ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=193يُنَادِي ) : صِفَةٌ لَمُنَادِيًا ، أَوْ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي مُنَادِيًا .
فَإِنْ قِيلَ : مَا الْفَائِدَةُ فِي ذِكْرِ الْفِعْلِ مَعَ دَلَالَةِ الِاسْمِ الَّذِي هُوَ مُنَادٍ عَلَيْهِ قِيلَ : فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ : أَحَدُهَا هُوَ تَوْكِيدٌ كَمَا تَقُولُ قُمْ قَائِمًا . وَالثَّانِي : أَنَّهُ وُصِلَ بِهِ مَا حَسَّنَ التَّكْرِيرَ ، وَهُوَ قَوْلُهُ : " لِلْإِيمَانِ " . وَالثَّالِثُ : أَنَّهُ لَوِ اقْتَصَرَ عَلَى الِاسْمِ لَجَازَ أَنْ يَكُونَ سَمِعَ مَعْرُوفًا بِالنِّدَاءِ يَذْكُرُ مَا لَيْسَ بِنِدَاءٍ ، فَلَمَّا قَالَ يُنَادِي ثَبَتَ أَنَّهُمْ سَمِعُوا نِدَاءَهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ .
وَمَفْعُولُ يُنَادِي مَحْذُوفٌ ؛ أَيْ : نَادَى النَّاسَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=193أَنْ آمِنُوا ) : أَنْ هُنَا بِمَعْنَى أَيْ فَيَكُونُ النِّدَاءُ قَوْلَهُ آمِنُوا ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ أَنِ الْمَصْدَرِيَّةَ وُصِلَتْ بِالْأَمْرِ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ : عَلَى هَذَا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ بِأَنْ آمِنُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=193مَعَ الْأَبْرَارِ ) : صِفَةٌ لِلْمَفْعُولِ الْمَحْذُوفِ تَقْدِيرُهُ : أَبْرَارًا مَعَ الْأَبْرَارِ ، وَأَبْرَارًا عَلَى هَذَا حَالٌ ، وَالْأَبْرَارُ جَمْعُ بَرٍّ ، وَأَصْلُهُ بَرِرٌ ، كَكَتِفٍ وَأَكْتَافٍ . وَيَجُوزُ الْإِمَالَةُ فِي الْأَبْرَارِ تَغْلِيبًا لِكَسْرَةِ الرَّاءِ الثَّانِيَةِ .