الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون ) ( 95 ) .

قوله تعالى : ( جزاء ) : مصدر ؛ أي : يجزون بذلك جزاء ، أو هو مفعول له .

قال تعالى : ( الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله والله عليم حكيم ) ( 97 ) .

قوله تعالى : ( وأجدر أن لا يعلموا ) : أي : بأن يعلموا .

قال تعالى : ( ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرما ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء والله سميع عليم ) ( 98 ) .

قوله تعالى : ( بكم الدوائر ) : يجوز أن تتعلق الباء بـ ( يتربص ) وأن يكون حالا من الدوائر .

( دائرة السوء ) : يقرأ بضم السين ، وهو الضرر ، وهو مصدر في الحقيقة يقال سؤته سوءا ومساءة ومسائية .

[ ص: 488 ] ويقرأ بفتح السين وهو الفساد والرداءة .

قال تعالى : ( ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم سيدخلهم الله في رحمته إن الله غفور رحيم ) ( 99 ) .

قوله تعالى : ( قربات ) : هو مفعول ثان لـ " يتخذ " .

.

و ( عند الله ) : صفة لقربات ، أو ظرف لـ " يتخذ " ، أو لقربات .

( وصلوات الرسول ) : معطوف على ما ينفق تقديره : وصلوات الرسول قربات .

و : قربة بسكون الراء ، وقرئ بضمها على الإتباع .

قال تعالى : ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم ) ( 100 ) .

قوله تعالى : ( والسابقون ) : يجوز أن يكون معطوفا على قوله " من يؤمن " تقديره : ومنهم السابقون .

ويجوز أن يكون مبتدأ ، وفي الخبر ثلاثة أوجه : أحدها : " الأولون " والمعنى : والسابقون إلى الهجرة الأولون من أهل الملة ، أو والسابقون إلى الجنة الأولون إلى الهجرة . والثاني : الخبر " من المهاجرين والأنصار " والمعنى فيه الإعلام بأن السابقين من هذه الأمة هم من المهاجرين والأنصار .

والثالث : أن الخبر " رضي الله عنهم " ويقرأ " والأنصار " بالرفع على أن يكون معطوفا على " السابقون " ، أو يكون مبتدأ ، والخبر " رضي الله عنهم " وذلك على الوجهين الأولين .

وبإحسان حال من ضمير الفاعل في " اتبعوهم " .

[ ص: 489 ] ( تجري تحتها ) : و " من تحتها " والمعنى فيهما واضح .

قال تعالى : ( وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم ) ( 101 ) .

قوله تعالى : ( وممن ) : من بمعنى الذي ، و ( منافقون ) : مبتدأ ، وما قبله الخبر .

و ( مردوا ) : صفة لمبتدأ محذوف ، تقديره : ومن أهل المدينة قوم مردوا . وقيل : مردوا صفة لمنافقون ، وقد فصل بينهما ، ومن أهل المدينة خبر مبتدأ محذوف تقديره : من أهل المدينة قوم كذلك .

( لا تعلمهم ) : صفة أخرى ، مثل مردوا .

و ( نعلمهم ) : بمعنى نعرفهم ، فهي تتعدى إلى مفعول واحد .

قال تعالى : ( وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم ) ( 102 ) .

قوله تعالى : ( وآخرون اعترفوا ) : هو معطوف على منافقون ، ويجوز أن يكون مبتدأ ، واعترفوا صفته ؛ و " خلطوا " خبره .

( وآخر سيئا ) : معطوف على " عملا " ولو كان بالباء جاز أن تقول خلطت الحنطة والشعير ، وخلطت الحنطة بالشعير .

( عسى الله ) : الجملة مستأنفة ؛ وقيل : خلطوا حال وقد معه مرادة ؛ أي : اعترفوا بذنوبهم قد خلطوا ، " وعسى الله " خبر المبتدأ .

التالي السابق


الخدمات العلمية