الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون ) ( 152 ) .

قوله تعالى : ( إلا بالتي هي أحسن ) : أي إلا بالخصلة .

و ( بالقسط ) : في موضع الحال ؛ أي : مقسطين .

ويجوز أن يكون حالا من المفعول ؛ أي : أوفوا الكيل تاما .

والكيل هاهنا مصدر في معنى المكيل ، والميزان كذلك ، ويجوز أن يكون فيه حذف مضاف تقديره : " مكيل الكيل " ، و " موزون الميزان " . ( لا نكلف ) : مستأنف .

( ولو كان ذا قربى ) : أي : ولو كان المقول له ، أو فيه .

قال تعالى : ( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ) ( 53 ) .

قوله تعالى : ( وأن هذا ) : يقرأ بفتح الهمزة والتشديد ، وفيه ثلاثة أوجه : أحدها : تقديره : ولأن هذا ، واللام متعلقة بقوله : فاتبعوه ؛ أي : ولأجل استقامته اتبعوه ، وقد ذكرنا نحو هذا في قوله : " كما أرسلنا " .

والثاني : أنه معطوف على ما حرم ؛ أي : واتلو عليكم أن هذا صراطي .

والثالث : هو معطوف على الهاء في وصاكم به ، وهذا فاسد لوجهين : أحدهما : أنه عطف على الضمير من غير إعادة الجار .

والثاني : أنه يصير المعنى وصاكم باستقامة الصراط ؛ وهو فاسد .

ويقرأ بفتح الهمزة وتخفيف النون ، وهي كالمشددة .

[ ص: 411 ] ويقرأ بكسر الهمزة على الاستئناف . ومستقيما حال . والعامل فيه هذا .

( فتفرق ) : جواب النهي ، والأصل فتفرق . و ( بكم ) : في موضع المفعول ؛ أي : فتفرقكم .

ويجوز أن يكون حالا ؛ أي : فتتفرق وأنتم معها .

قال تعالى : ( ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن وتفصيلا لكل شيء وهدى ورحمة لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون ) ( 154 ) .

قوله تعالى : ( تماما ) : مفعول له ، أو مصدر ؛ أي : أتممناه إتماما ؛ ويجوز أن يكون في موضع الحال من الكتاب . ( على الذي أحسن ) : يقرأ بفتح النون على أنه فعل ماض ، وفي فاعله وجهان : أحدهما : ضمير اسم الله ، والهاء محذوفة ؛ أي : على الذي أحسنه الله ؛ أي : أحسن إليه ؛ وهو موسى .

والثاني : هو ضمير موسى ؛ لأنه أحسن في فعله ، ويقرأ بضم النون على أنه اسم ، والمبتدأ محذوف ، وهو العائد على الذي ؛ أي : على الذي هو أحسن ، وهو ضعيف ، وقال قوم : أحسن بفتح النون في موضع جر صفة للذي وليس بشيء ؛ لأن الموصول لا بد له من صلة .

وقيل : تقديره : على الذين أحسنوا .

قال تعالى : ( وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون ) ( 155 ) .

قوله تعالى : ( وهذا ) : مبتدأ و " كتاب " خبره و " أنزلناه " صفة ، أو خبر ثان . و " مبارك " صفة ثانية ، أو خبر ثالث ، ولو كان قرئ " مباركا " بالنصب على الحال جاز .

قال تعالى : ( أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين ) ( 156 ) .

[ ص: 412 ] قوله تعالى : ( أن تقولوا ) : أي : أنزلناه كراهة أن تقولوا .

( أو تقولوا ) : معطوف عليه . ( وإن كنا ) : إن مخففة من الثقيلة ، واللام في " لغافلين " عوض ، أو فارقة بين إن وما .

التالي السابق


الخدمات العلمية