[ ص: 263 ] قال تعالى : (  تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات   تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم      ) ( 13 (  ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين      ) ( 14 ) .  
قوله تعالى : (  يدخله      ) : في الآيتين بالياء والنون ، ومعناهما واحد . (  نارا خالدا فيها      ) : نارا : مفعول ثان ليدخل ، وخالدا حال من المفعول الأول . ويجوز أن يكون صفة لنار ؛ لأنه لو كان كذلك لبرز ضمير الفاعل لجريانه على غير من هو له ، ويخرج على قول الكوفيين جواز جعله صفة ؛ لأنهم لا يشترطون إبراز الضمير في هذا النحو .  
قال تعالى : (  واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم   فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا      ) ( 15 ) .  
قوله تعالى : (  واللاتي      ) : هو جمع " التي " على غير قياس . وقيل : هي صيغة موضوعة للجمع ، وموضعها رفع بالابتداء . والخبر : فاستشهدوا عليهن ؛ وجاز ذلك وإن كان أمرا ؛ لأنه صار في حكم الشرط ، حيث وصلت التي بالفعل ، وإذا كان كذلك لم يحسن النصب ؛ لأن تقدير الفعل قبل أداة الشرط لا يجوز ؛ وتقديره : بعد الصلة يحتاج إلى إضمار فعل غير قوله : " فاستشهدوا " ؛ لأن استشهدوا لا يصح أن يعمل النصب في اللاتي ، وذلك لا يحتاج إليه مع صحة الابتداء ، وأجاز قوم النصب بفعل محذوف تقديره : اقصدوا اللاتي ، أو تعمدوا . وقيل : الخبر محذوف تقديره : وفيما يتلى عليكم حكم اللاتي . ففيما يتلى هو الخبر ، وحكم هو المبتدأ ، فحذفا لدلالة قوله : "  فاستشهدوا      " ؛ لأنه الحكم المتلو عليهم . (  أو يجعل الله      ) : أو عاطفة ؛ والتقدير : أو إلى أن يجعل الله . وقيل : هي بمعنى إلا أن ، وكلاهما مستقيم . ( لهن ) : يجوز أن يتعلق بـ " يجعل " وأن يكون حالا من : " سبيلا " .  
قال تعالى : (  واللذان يأتيانها منكم فآذوهما   فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما      ) ( 6 ) .  
قوله تعالى : (  واللذان يأتيانها      ) : الكلام في اللذان كالكلام في اللاتي ، إلا أن من أجاز النصب يصح أن يقدر فعلا من جنس المذكور ؛ تقديره : آذوا اللذين . ولا يجوز أن      [ ص: 264 ] يعمل ما بعد الفاء فيما قبلها هاهنا ، ولو عرا من ضمير المفعول ؛ لأن الفاء هنا في حكم الفاء الواقعة في جواب الشرط ، وتلك تقطع ما بعدها عما قبلها . ويقرأ اللذان بتخفيف النون على أصل التثنية ، وبتشديدها على أن إحدى النونين عوض من اللام المحذوفة ؛ لأن الأصل اللذيان مثل العميان والشجيان ، فحذفت الياء ؛ لأن الاسم مبهم ، والمبهمات لا تثنى التثنية الصناعية ، والحذف مؤذن بأن التثنية هنا مخالفة للقياس ، وقيل : حذفت لطول الكلام بالصلة ، فأما هذان وهاتين وفذانك فنذكرها في مواضعها .  
قال تعالى : (  إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة   ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما      ) ( 17 ) .  
قوله تعالى : (  إنما التوبة      ) : مبتدأ ، وفي الخبر وجهان : أحدهما : هو : (  على الله      ) : أي : ثابتة على الله ؛ فعلى هذا يكون "  للذين يعملون السوء      " حالا من الضمير في الظرف وهو قوله "  على الله      " ، والعامل فيها الظرف أو الاستقرار ؛ أي : كائنة للذين . ولا يجوز أن يكون العامل في الحال التوبة ؛ لأنه قد فصل بينهما بالجار . والوجه الثاني : أن يكون الخبر "  للذين يعملون      " ؛ وأما "  على الله      " فيكون حالا من شيء محذوف ؛ تقديره : إنما التوبة إذ كانت على الله ، أو إذا كانت على الله ، فإذ أو إذا ظرفان العامل فيهما الذين يعملون السوء ؛ لأن الظرف يعمل فيه المعنى ، وإن تقدم عليه ، وكان التامة ، وصاحب الحال ضمير الفاعل في كان ، ولا يجوز أن يكون على الله حالا يعمل فيها الذين ؛ لأنه عامل معنوي ، والحال لا يتقدم على المعنوي ، ونظير هذه المسألة قولهم هذا بسرا أطيب منه رطبا .  
قال تعالى : (  وليست التوبة للذين يعملون السيئات   حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما      ) ( 18 ) .  
قوله تعالى : (  ولا الذين يموتون      ) : في موضعه وجهان : أحدهما : هو جر عطفا على الذين يعملون السيئات ؛ أي : ولا الذين يموتون . والوجه الثاني : أن يكون مبتدأ وخبره "  أولئك أعتدنا لهم      " . واللام لام الابتداء وليست لا النافية .  
				
						
						
