قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=112nindex.php?page=treesubj&link=28908إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين ) ( 112 ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=112إذ قال الحواريون ) : أي : اذكر إذ قال ، ويجوز أن يكون ظرفا لـ " مسلمون " . (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=112هل يستطيع ربك ) : يقرأ بالياء على أنه فعل وفاعل ، والمعنى هل يقدر ربك ، أو يفعل . وقيل التقدير : هل يطيع ربك ، وهما بمعنى واحد مثل استجاب ، وأجاب ، واستجب ، وأجب . ويقرأ بالتاء ، وربك نصب ، والتقدير : هل تستطيع سؤال ربك ، فحذف المضاف .
فأما قوله : " أن ينزل " ؛ فعلى القراءة الأولى هو مفعول يستطيع ، والتقدير : على أن
[ ص: 353 ] ينزل ، أو في أن ينزل . ويجوز أن لا يحتاج إلى حرف جر على أن يكون يستطيع بمعنى يطيق ؛ وعلى القراءة الأخرى يكون مفعولا لـ " سؤال " المحذوف .
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=113nindex.php?page=treesubj&link=28908قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين ) ( 113 (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=114قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين ) ( 114 ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=113أن قد صدقتنا ) : أن مخففة من الثقيلة ، واسمها محذوف ، " وقد " عوض منه .
وقيل : أن مصدرية " وقد " لا تمنع مع ذلك .
( تكون ) : صفة لمائدة . و ( لنا ) : يجوز أن يكون خبر كان ، ويكون " عيدا " حالا من الضمير في الظرف ، أو حالا من الضمير في كان ، على قول من ينصب عنها الحال .
ويجوز أن يكون " عيدا " الخبر ، وفي " لنا " على هذا وجهان : أحدهما : أن يكون حالا من الضمير في تكون .
والثاني : أن تكون حالا من " عيدا " ؛ لأنه صفة له قدمت عليه .
فأما : " لأولنا وآخرنا " فإذا جعلت " لنا " خبرا ، أو حالا من فاعل ، تكون فهو صفة لـ " عيدا " ، وإن جعلت " لنا " صفة لـ " عيدا " كان لأولنا وآخرنا بدلا من الضمير المجرور بإعادة الجار .
ويقرأ " لأولانا وأخرانا " على تأنيث الطائفة أو الفرقة . وأما " من السماء " فيجوز أن يكون صفة لمائدة ، وأن يتعلق بـ " ينزل " .
( وآية ) : عطف على " عيدا " . و ( منك ) : صفة لها .
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=115nindex.php?page=treesubj&link=28908قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين ) ( 115 ) .
قوله تعالى : ( منكم ) : في موضع الحال من ضمير الفاعل في يكفر .
[ ص: 354 ] ( عذابا ) : اسم للمصدر الذي هو التعذيب ، فيقع موقعه ، ويجوز أن يجعل مفعولا به على السعة . وأما قوله : " لا أعذبه " يجوز أن تكون الهاء للعذاب ، وفيه على هذا وجهان : أحدهما : أن يكون حذف حرف الجر ؛ أي : لا أعذب به أحدا .
والثاني : أن يكون مفعولا به على السعة .
ويجوز أن يكون ضمير المصدر المؤكد ؛ كقولك : ظننته زيدا منطلقا ، ولا تكون هذه الهاء عائدة على العذاب الأول .
فإن قلت : لا أعذبه صفة لعذاب ؛ فعلى هذا التقدير : لا يعود من الصفة إلى الموصوف شيء .
قيل : إن الثاني لما كان واقعا موقع المصدر ، والمصدر جنس ، و " عذابا " نكرة ، كان الأول داخلا في الثاني . والثاني مشتمل على الأول ؛ وهو مثل : زيد نعم الرجل .
ويجوز أن تكون الهاء ضمير من وفي الكلام حذف ؛ أي : لا أعذب الكافر ؛ أي : مثل الكافر ؛ أي : مثل عذاب الكافر .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=112nindex.php?page=treesubj&link=28908إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) ( 112 ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=112إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ ) : أَيِ : اذْكُرْ إِذْ قَالَ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا لِـ " مُسْلِمُونَ " . (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=112هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ ) : يُقْرَأُ بِالْيَاءِ عَلَى أَنَّهُ فِعْلٌ وَفَاعِلٌ ، وَالْمَعْنَى هَلْ يَقْدِرُ رَبُّكَ ، أَوْ يَفْعَلُ . وَقِيلَ التَّقْدِيرُ : هَلْ يُطِيعُ رَبُّكَ ، وَهَمَّا بِمَعْنًى وَاحِدٍ مِثْلُ اسْتَجَابَ ، وَأَجَابَ ، وَاسْتَجِبْ ، وَأَجِبْ . وَيُقْرَأُ بِالتَّاءِ ، وَرَبَّكَ نُصِبَ ، وَالتَّقْدِيرُ : هَلْ تَسْتَطِيعُ سُؤَالَ رَبِّكَ ، فَحُذِفَ الْمُضَافُ .
فَأَمَّا قَوْلُهُ : " أَنْ يُنَزِّلَ " ؛ فَعَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُولَى هُوَ مَفْعُولُ يَسْتَطِيعُ ، وَالتَّقْدِيرُ : عَلَى أَنْ
[ ص: 353 ] يُنَزِّلَ ، أَوْ فِي أَنْ يُنَزِّلَ . وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَحْتَاجَ إِلَى حَرْفِ جَرٍّ عَلَى أَنْ يَكُونَ يَسْتَطِيعُ بِمَعْنَى يُطِيقُ ؛ وَعَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُخْرَى يَكُونُ مَفْعُولًا لِـ " سُؤَالَ " الْمَحْذُوفِ .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=113nindex.php?page=treesubj&link=28908قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ ) ( 113 (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=114قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ ) ( 114 ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=113أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا ) : أَنْ مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ ، وَاسْمُهَا مَحْذُوفٌ ، " وَقَدْ " عِوَضٌ مِنْهُ .
وَقِيلَ : أَنْ مَصْدَرِيَّةٌ " وَقَدْ " لَا تَمْنَعُ مَعَ ذَلِكَ .
( تَكُونُ ) : صِفَةٌ لِمَائِدَةٍ . وَ ( لَنَا ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَبَرَ كَانَ ، وَيَكُونُ " عِيدًا " حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي الظَّرْفِ ، أَوْ حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي كَانَ ، عَلَى قَوْلِ مَنْ يَنْصِبُ عَنْهَا الْحَالَ .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ " عِيدًا " الْخَبَرَ ، وَفِي " لَنَا " عَلَى هَذَا وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي تَكُونُ .
وَالثَّانِي : أَنْ تَكُونَ حَالًا مِنْ " عِيدًا " ؛ لِأَنَّهُ صِفَةٌ لَهُ قُدِّمَتْ عَلَيْهِ .
فَأَمَّا : " لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا " فَإِذَا جُعِلَتْ " لَنَا " خَبَرًا ، أَوْ حَالًا مِنْ فَاعِلٍ ، تَكُونُ فَهُوَ صِفَةٌ لِـ " عِيدًا " ، وَإِنْ جُعِلَتْ " لَنَا " صِفَةً لِـ " عِيدًا " كَانَ لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا بَدَلًا مِنَ الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ بِإِعَادَةِ الْجَارِّ .
وَيُقْرَأُ " لِأُولَانَا وَأُخْرَانَا " عَلَى تَأْنِيثِ الطَّائِفَةِ أَوِ الْفِرْقَةِ . وَأَمَّا " مِنَ السَّمَاءِ " فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِمَائِدَةٍ ، وَأَنْ يَتَعَلَّقَ بِـ " يُنَزِّلَ " .
( وَآيَةً ) : عَطْفٌ عَلَى " عِيدًا " . وَ ( مِنْكَ ) : صِفَةٌ لَهَا .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=115nindex.php?page=treesubj&link=28908قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ ) ( 115 ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : ( مِنْكُمْ ) : فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ الْفَاعِلِ فِي يَكْفُرُ .
[ ص: 354 ] ( عَذَابًا ) : اسْمٌ لِلْمَصْدَرِ الَّذِي هُوَ التَّعْذِيبُ ، فَيَقَعُ مَوْقِعَهُ ، وَيَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ مَفْعُولًا بِهِ عَلَى السَّعَةِ . وَأَمَّا قَوْلُهُ : " لَا أُعَذِّبُهُ " يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْهَاءُ لِلْعَذَابِ ، وَفِيهِ عَلَى هَذَا وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَ حُذِفَ حَرْفُ الْجَرِّ ؛ أَيْ : لَا أُعَذِّبُ بِهِ أَحَدًا .
وَالثَّانِي : أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا بِهِ عَلَى السَّعَةِ .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ضَمِيرَ الْمَصْدَرِ الْمُؤَكِّدِ ؛ كَقَوْلِكَ : ظَنَنْتُهُ زَيْدًا مُنْطَلِقًا ، وَلَا تَكُونُ هَذِهِ الْهَاءُ عَائِدَةً عَلَى الْعَذَابِ الْأَوَّلِ .
فَإِنْ قُلْتَ : لَا أُعَذِّبُهُ صِفَةٌ لِعَذَابٍ ؛ فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ : لَا يَعُودُ مِنَ الصِّفَةِ إِلَى الْمَوْصُوفِ شَيْءٌ .
قِيلَ : إِنَّ الثَّانِيَ لَمَّا كَانَ وَاقِعًا مَوْقِعَ الْمَصْدَرِ ، وَالْمَصْدَرُ جِنْسٌ ، وَ " عَذَابًا " نَكِرَةٌ ، كَانَ الْأَوَّلُ دَاخِلًا فِي الثَّانِي . وَالثَّانِي مُشْتَمِلٌ عَلَى الْأَوَّلِ ؛ وَهُوَ مِثْلُ : زَيْدٌ نِعْمَ الرَّجُلُ .
وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْهَاءُ ضَمِيرَ مَنْ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ ؛ أَيْ : لَا أُعَذِّبُ الْكَافِرَ ؛ أَيْ : مِثْلَ الْكَافِرِ ؛ أَيْ : مِثْلَ عَذَابِ الْكَافِرِ .