سورة الأعراف .
بسم الله الرحمن الرحيم .
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=28908المص ( 1 )
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=2كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين ) ( 2 ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=1المص ) : قد ذكرنا في أول البقرة ما يصلح أن يكون هاهنا ، ويجوز أن تكون هذه الحروف في موضع مبتدأ ، و " كتاب " خبره ، وأن تكون خبر مبتدأ محذوف ؛ أي : المدعو به " المص " ، وكتاب خبر مبتدأ محذوف ؛ أي : هذا ، أو هو . و ( أنزل ) : صفة له .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=2فلا يكن ) : النهي في اللفظ للحرج ، وفي المعنى للمخاطب ؛ أي : لا تحرج به .
و ( منه ) : نعت للحرج ، وهي لابتداء الغاية ؛ أي : لا تحرج من أجله .
و ( لتنذر ) : يجوز أن يتعلق اللام بأنزل ، وأن يتعلق بقوله : فلا يكن ؛ أي : لا تحرج به لتتمكن من الإنزال ، فالهاء في منه للكتاب ، أو للإنزال . والهاء في " به " للكتاب . (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=2وذكرى ) : فيه ثلاثة أوجه :
[ ص: 415 ] أحدها : منصوب ، وفيه وجهان : أحدهما : هو حال من الضمير في أنزل ، وما بينهما معترض . والثاني : أن يكون معطوفا على موضع لتنذر وتذكر ؛ أي : ولذكرى . والثاني : أن يكون في موضع رفع ، وفيه وجهان : أحدهما : هو معطوف على كتاب . والثاني : خبر ابتداء محذوف ؛ أي : وهو ذكرى . والوجه الثالث : أن يكون في موضع جر عطفا على موضع تنذر ، وأجاز قوم أن يعطف على الهاء في " به " ، وهذا ضعيف ، لأنه الجار لم يعد .
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=3nindex.php?page=treesubj&link=28908اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون ) ( 3 ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=3من ربكم ) : يجوز أن يتعلق بأنزل ، ويكون لابتداء الغاية ، وأن يتعلق بمحذوف ، ويكون حالا ؛ أي : أنزل إليكم كائنا من ربكم . و (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=3من دونه ) : حال من أولياء ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=3قليلا ما تذكرون ) : مثل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=88فقليلا ما يؤمنون ) [ البقرة : 88 ] . وقد ذكر في البقرة .
و " تذكرون " بالتخفيف على حذف إحدى التاءين ، وبالتشديد على الإدغام .
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=4nindex.php?page=treesubj&link=28908وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون ) ( 4 ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=4وكم من قرية ) : في " كم " وجهان : أحدهما : هي مبتدأ ، و " من قرية " تبيين ، ومن زائدة ، والخبر " أهلكناها " ، وجاز تأنيث الضمير العائد على " كم " ؛ لأن كم في المعنى " قرى " . وذكر بعضهم أن أهلكناها صفة لقرية ، والخبر " فجاءها بأسنا " وهو سهو ؛ لأن الفاء تمنع ذلك .
والثاني : أن " كم " في موضع نصب بفعل محذوف ، دل عليه أهلكناها ، والتقدير : كثيرا من القرى أهلكنا ، ولا يجوز تقديم الفعل على " كم " وإن كانت خبرا ؛ لأن لها صدر الكلام إذ أشبهت رب ، والمعنى : وكم من قرية أردنا إهلاكها كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=98فإذا قرأت القرآن ) [ النحل : 98 ] : أي : أردت قراءته . وقال قوم : هو على القلب ؛ أي : وكم من قرية جاءها بأسنا فأهلكناها ، والقلب هنا لا حاجة إليه ، فيبقى محض ضرورة ، والتقدير : أهلكنا أهلها فجاء أهلها . ( بياتا ) : البيات اسم للمصدر ، وهو في موضع الحال ، ويجوز أن يكون مفعولا له ، ويجوز أن يكون في حكم الظرف . (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=4أو هم قائلون ) : الجملة حال ، و " أو " لتفصيل الجمل ؛ أي : جاء بعضهم بأسنا ليلا وبعضهم نهارا ، والواو هنا واو " أو " وليست حرف العطف سكنت تخفيفا ، وقد ذكرنا ذلك في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=100أوكلما عاهدوا عهدا ) [ البقرة : 100 ] .
[ ص: 416 ] قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=28908فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين ) ( 5 ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=5دعواهم ) : يجوز أن يكون اسم كان ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=5إلا أن قالوا ) : الخبر ، ويجوز العكس .
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=28908فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين ) ( 7 ) .
قوله تعالى : ( بعلم ) : هو في موضع الحال ؛ أي : عالمين .
سُورَةُ الْأَعْرَافِ .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=28908المص ( 1 )
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=2كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ) ( 2 ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=1المص ) : قَدْ ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ الْبَقَرَةِ مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ هَاهُنَا ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْحُرُوفُ فِي مَوْضِعِ مُبْتَدَأٍ ، وَ " كِتَابٌ " خَبَرُهُ ، وَأَنْ تَكُونَ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ؛ أَيِ : الْمَدْعُوُّ بِهِ " المص " ، وَكِتَابٌ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ؛ أَيْ : هَذَا ، أَوْ هُوَ . وَ ( أُنْزِلَ ) : صِفَةٌ لَهُ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=2فَلَا يَكُنْ ) : النَّهْيُ فِي اللَّفْظِ لِلْحَرَجِ ، وَفِي الْمَعْنَى لِلْمُخَاطَبِ ؛ أَيْ : لَا تَحْرَجْ بِهِ .
وَ ( مِنْهُ ) : نَعْتٌ لِلْحَرَجِ ، وَهِيَ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ ؛ أَيْ : لَا تَحْرَجْ مِنْ أَجْلِهِ .
وَ ( لِتُنْذِرَ ) : يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ اللَّامُ بِأُنْزِلَ ، وَأَنْ يَتَعَلَّقَ بِقَوْلِهِ : فَلَا يَكُنْ ؛ أَيْ : لَا تَحْرَجْ بِهِ لِتَتَمَكَّنَ مِنَ الْإِنْزَالِ ، فَالْهَاءُ فِي مِنْهُ لِلْكِتَابِ ، أَوْ لِلْإِنْزَالِ . وَالْهَاءُ فِي " بِهِ " لِلْكِتَابِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=2وَذِكْرَى ) : فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ :
[ ص: 415 ] أَحَدُهَا : مَنْصُوبٌ ، وَفِيهِ وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا : هُوَ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي أُنْزِلَ ، وَمَا بَيْنَهُمَا مُعْتَرِضٌ . وَالثَّانِي : أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى مَوْضِعِ لِتُنْذِرَ وَتُذَكِّرَ ؛ أَيْ : وَلِذِكْرَى . وَالثَّانِي : أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ ، وَفِيهِ وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا : هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى كِتَابٍ . وَالثَّانِي : خَبَرُ ابْتِدَاءٍ مَحْذُوفٍ ؛ أَيْ : وَهُوَ ذِكْرَى . وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ : أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ عَطْفًا عَلَى مَوْضِعِ تُنْذِرَ ، وَأَجَازَ قَوْمٌ أَنْ يُعْطَفَ عَلَى الْهَاءِ فِي " بِهِ " ، وَهَذَا ضَعِيفٌ ، لِأَنَّهُ الْجَارُّ لَمْ يُعَدْ .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=3nindex.php?page=treesubj&link=28908اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ) ( 3 ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=3مِنْ رَبِّكُمْ ) : يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِأُنْزِلَ ، وَيَكُونَ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ ، وَأَنْ يَتَعَلَّقَ بِمَحْذُوفٍ ، وَيَكُونَ حَالًا ؛ أَيْ : أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ كَائِنًا مِنْ رَبِّكُمْ . وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=3مِنْ دُونِهِ ) : حَالٌ مِنْ أَوْلِيَاءَ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=3قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ) : مِثْلُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=88فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ ) [ الْبَقَرَةِ : 88 ] . وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْبَقَرَةِ .
وَ " تَذَكَّرُونَ " بِالتَّخْفِيفِ عَلَى حَذْفِ إِحْدَى التَّاءَيْنِ ، وَبِالتَّشْدِيدِ عَلَى الْإِدْغَامِ .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=4nindex.php?page=treesubj&link=28908وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ ) ( 4 ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=4وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ ) : فِي " كَمْ " وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا : هِيَ مُبْتَدَأٌ ، وَ " مِنْ قَرْيَةٍ " تَبْيِينٌ ، وَمِنْ زَائِدَةٌ ، وَالْخَبَرُ " أَهْلَكْنَاهَا " ، وَجَازَ تَأْنِيثُ الضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَى " كَمْ " ؛ لِأَنَّ كَمْ فِي الْمَعْنَى " قُرًى " . وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ أَهْلَكْنَاهَا صِفَةٌ لِقَرْيَةٍ ، وَالْخَبَرُ " فَجَاءَهَا بَأْسُنَا " وَهُوَ سَهْوٌ ؛ لِأَنَّ الْفَاءَ تَمْنَعُ ذَلِكَ .
وَالثَّانِي : أَنَّ " كَمْ " فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ ، دَلَّ عَلَيْهِ أَهْلَكْنَاهَا ، وَالتَّقْدِيرُ : كَثِيرًا مِنَ الْقُرَى أَهْلَكْنَا ، وَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْفِعْلِ عَلَى " كَمْ " وَإِنْ كَانَتْ خَبَرًا ؛ لِأَنَّ لَهَا صَدْرُ الْكَلَامِ إِذْ أَشْبَهَتْ رُبَّ ، وَالْمَعْنَى : وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَرَدْنَا إِهْلَاكَهَا كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=98فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ ) [ النَّحْلِ : 98 ] : أَيْ : أَرَدْتَ قِرَاءَتَهُ . وَقَالَ قَوْمٌ : هُوَ عَلَى الْقَلْبِ ؛ أَيْ : وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ جَاءَهَا بَأْسُنَا فَأَهْلَكْنَاهَا ، وَالْقَلْبُ هُنَا لَا حَاجَةَ إِلَيْهِ ، فَيَبْقَى مَحْضَ ضَرُورَةٍ ، وَالتَّقْدِيرُ : أَهْلَكْنَا أَهْلَهَا فَجَاءَ أَهْلُهَا . ( بَيَاتًا ) : الْبَيَاتُ اسْمٌ لِلْمَصْدَرِ ، وَهُوَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا لَهُ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي حُكْمِ الظَّرْفِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=4أَوْ هُمْ قَائِلُونَ ) : الْجُمْلَةُ حَالٌ ، وَ " أَوْ " لِتَفْصِيلِ الْجُمَلِ ؛ أَيْ : جَاءَ بَعْضُهُمْ بَأْسُنَا لَيْلًا وَبَعْضُهُمْ نَهَارًا ، وَالْوَاوُ هُنَا وَاوُ " أَوْ " وَلَيْسَتْ حَرْفَ الْعَطْفِ سُكِّنَتْ تَخْفِيفًا ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=100أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا ) [ الْبَقَرَةِ : 100 ] .
[ ص: 416 ] قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=28908فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ) ( 5 ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=5دَعْوَاهُمْ ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اسْمَ كَانَ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=5إِلَّا أَنْ قَالُوا ) : الْخَبَرُ ، وَيَجُوزُ الْعَكْسُ .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=28908فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ ) ( 7 ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : ( بِعِلْمٍ ) : هُوَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ ؛ أَيْ : عَالِمِينَ .