قال تعالى : (  وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به   ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون      ) ( ( 41 ) ) .  
 [ ص: 53 ] قوله : (  مصدقا      ) : حال مؤكدة من الهاء المحذوفة في أنزلت .  
و (  معكم      ) : منصوب على الظرف ، والعامل فيه الاستقرار .  
(  أول      ) : هي أفعل ، وفاؤها وعينها واوان عند   سيبويه  ، ولم ينصرف منها فعل لاعتلال الفاء والعين ، وتأنيثها أولى ، وأصلها و " ولى " فأبدلت الواو همزة لانضمامها ضما لازما ، ولم تخرج على الأصل كما خرج وقتت ووجوه ، كراهية اجتماع الواوين .  
وقال بعض  الكوفيين      : أصل الكلمة من وأل يئل إذا نجا ، فأصلها أوأل ، ثم خففت الهمزة بأن أبدلت واوا ، ثم أدغمت الأولى فيها ، وهذا ليس بقياس ، بل القياس في تخفيف مثل هذه الهمزة أن تلقى حركتها على الساكن قبلها وتحذف .  
وقال بعضهم : من آل يئول ; فأصل الكلمة أول ، ثم أخرت الهمزة الثانية فجعلت بعد الواو ثم عمل فيها ما عمل في الوجه الذي قبله ، فوزنه الآن أعفل .  
(  كافر      ) : لفظه واحد ، وهو في معنى الجمع ; أي أول الكفار كما يقال هو أحسن رجل وقيل التقدير أول فريق كافر .  
قال تعالى : (  ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون       ) ( ( 42 ) ) .  
قوله تعالى : (  وتكتموا الحق      ) : هو مجزوم بالعطف على ولا تلبسوا ، ويجوز أن يكون نصبا على الجواب بالواو ; أي لا تجمعوا بينهما ; كقولك لا تأكل السمك وتشرب اللبن . (  وأنتم تعلمون      ) : في موضع نصب على الحال ، والعامل لا تلبسوا وتكتموا .  
قال تعالى : (  وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين       ( 43 ) ) .  
قوله تعالى : (  وأقيموا الصلاة      ) : أصل أقيموا أقوموا ، فعمل فيه ما ذكرناه في قوله : ويقيمون الصلاة في أول السورة : (  وآتوا الزكاة      ) : أصله : آتيوا فاستثقلت الضمة على الياء فسكنت وحذفت لالتقاء الساكنين ثم حركت التاء بحركة الياء المحذوفة ، وقيل ضمت تبعا للواو كما ضمت في اضربوا ونحوه ، وألف الزكاة منقلبة عن واو لقولهم زكا الشيء يزكو ، وقالوا في الجمع زكوات .  
(  مع الراكعين      ) : ظرف .  
قال تعالى : (  أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم   وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون      ) ( ( 44 ) ) .  
قوله تعالى : (  وتنسون      ) : أصله تنسيون ، ثم عمل فيه ما ذكرناه في قوله تعالى : (  اشتروا الضلالة      ) [ البقرة : 16 ] (  أفلا تعقلون      ) : استفهام في معنى التوبيخ ، ولا موضع له .  
قال تعالى : (  واستعينوا بالصبر والصلاة   وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين      ) ( ( 45 ) ) .  
 [ ص: 54 ] قوله تعالى : (  واستعينوا      ) : أصله استعونوا ، وقد ذكر في الفاتحة . وأنها الضمير للصلاة ، وقيل للاستعانة ; لأن استعينوا يدل عليها ، وقيل على القبلة لدلالة الصلاة عليها ، وكان التحول إلى الكعبة شديدا على اليهود : إلا على الخاشعين في موضع نصب بكبيرة ، وإلا دخلت للمعنى ولم تعمل ; لأنه ليس قبلها ما يتعلق بكبيرة ليستثنى منه فهو كقولك هو كبير على زيد .  
قال تعالى : (  الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم وأنهم إليه راجعون       ) ( ( 46 ) ) .  
قوله تعالى : (  الذين يظنون      ) : صفة للخاشعين ، ويجوز أن يكون في موضع نصب بإضمار أعني ، ورفع بإضمار " هم " .  
(  أنهم      ) : أن واسمها وخبرها ساد مسد المفعولين ، لتضمنه ما يتعلق به الظن ، وهو اللقاء ، وذكر من أسند إليه اللقاء ، وقال  الأخفش     : أن وما عملت فيه مفعول واحد ، وهو مصدر ، والمفعول الثاني محذوف تقديره : يظنون لقاء الله واقعا .  
(  ملاقو      ) : أصله ملاقيوا ثم عمل فيه ما ذكرنا في غير موضع ، وحذفت النون تخفيفا ; لأنه نكرة ، إذا كان مستقبلا ، ولما حذفها أضاف . (  إليه      ) : الهاء ترجع إلى الله ، وقيل إلى اللقاء الذي دل عليه ملاقوا .  
قال تعالى : (  يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم   وأني فضلتكم على العالمين      ( 47 ) ) .  
قوله تعالى : (  وأني فضلتكم      ) : في موضع نصب ، تقديره : واذكروا تفضيلي إياكم .  
قال تعالى : (  واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا   ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون      ( 48 ) ) .  
قوله تعالى : (  واتقوا يوما      ) : يوما هنا مفعول به ; لأن الأمر بالتقوى لا يقع في يوم القيامة ، والتقدير : واتقوا عذاب يوم أو نحو ذلك . 
(  لا تجزي نفس      ) : الجملة في موضع نصب صفة اليوم والعائد محذوف تقديره تجزى فيه ثم حذف الجار والمجرور عند   سيبويه     ; لأن الظروف يتسع فيها ، ويجوز فيها ما لا يجوز في غيرها ، وقال غيره : تحذف " في " فتصير تجزيه ، فإذا وصل الفعل بنفسه ، حذف المفعول به بعد ذلك . (  عن نفس      ) : في موضع نصب بـ (  تجزى      ) .  
ويجوز أن يكون في موضع نصب على الحال ، على أن يكون التقدير شيئا عن نفس . و (  شيئا      ) : هنا في حكم المصدر ; لأنه وقع موقع جزاء وهو كثير في القرآن لأن الجزاء شيء فوضع العام موضع الخاص .  
قوله تعالى : (  ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل      ) : أي فيه ; وكذلك : (  ولا هم ينصرون      ) . و (  منها      ) : في الموضعين يجوز أن يكون متعلقا بـ ( يقبل ) ويؤخذ ، ويجوز أن يكون صفة لشفاعة وعدل ، فلما قد انتصب على الحال .  
 [ ص: 55 ] و " يقبل " يقرأ بالتاء لتأنيث الشفاعة وبالياء لأنه غير حقيقي وحسن ذلك للفصل .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					