الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين ) ( 7 ) .

قوله تعالى : ( في قرطاس ) : نعت لكتاب . ويجوز أن يتعلق بكتاب على أنه ظرف له . والكتاب هنا : المكتوب في الصحيفة لا نفس الصحيفة .

[ ص: 359 ] والقرطاس بكسر القاف وفتحها لغتان ، وقد قرئ بهما .

والهاء في " لمسوه " يجوز أن ترجع على قرطاس ، وأن ترجع على كتاب .

قال تعالى : ( ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون ) ( 9 ) .

قوله تعالى : ( ما يلبسون ) : " ما " بمعنى الذي ، وهي مفعول : لبسنا .

قال تعالى : ( ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون ) ( 10 ) .

قوله تعالى : ( ولقد استهزئ ) : يقرأ بكسر الدال على أصل التقاء الساكنين ، وبضمها على أنه أتبع حركتها حركة التاء ؛ لضعف الحاجز بينهما . و " ما " بمعنى الذي ، وهو فاعل حاق . و ( به ) : يتعلق بـ " يستهزئون " .

و ( منهم ) : الضمير للرسل ، فيكون منهم متعلقا بسخروا لقوله : فيسخرون منهم . ويجوز في الكلام سخرت به . ويجوز أن يكون الضمير راجعا إلى المستهزئين ، فيكون منهم حالا من ضمير الفاعل في سخروا .

قال تعالى : ( قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين ) ( 11 ) .

قوله تعالى : ( كيف كان ) : كيف خبر كان . و ( عاقبة ) : اسمها ، ولم يؤنث الفعل ؛ لأن العاقبة بمعنى المعاد ، فهو في معنى المذكور ، ولأن التأنيث غير حقيقي .

قال تعالى : ( قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله كتب على نفسه الرحمة ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون ) ( 12 ) .

قوله تعالى : ( لمن ) : " من " استفهام ، و " ما " بمعنى الذي في موضع مبتدأ ، ولمن خبره . ( قل لله ) : أي : قل هو لله . ( ليجمعنكم ) : قيل : موضعه نصب بدلا من الرحمة ، وقيل : لا موضع له ؛ بل هو مستأنف ، واللام فيه جواب قسم محذوف وقع " كتب " موقعه .

( لا ريب فيه ) : قد ذكر في آل عمران والنساء .

( الذين خسروا ) : مبتدأ " فهم " مبتدأ ثان . و ( لا يؤمنون ) : خبره . والثاني وخبره خبر الأول ؛ ودخلت الفاء لما في الذين من معنى الشرط . وقال الأخفش : للذين خسروا بدل من المنصوب في ليجمعنكم ؛ وهو بعيد ؛ لأن ضمير المتكلم والمخاطب لا يبدل منهما لوضوحهما غاية الوضوح ، وغيرهما دونهما في ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية