الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( باب الإحصار ) وهو لغة المنع واصطلاحا المنع عن إتمام أركان الحج أو العمرة أو هما فلو منع من الرمي أو المبيت لم يجز له التحلل ؛ لأنه متمكن منه بالطواف والحلق ويقع حجه مجزئا عن حجة الإسلام ويجبر كل من الرمي والمبيت بدم ، ونزاع ابن الرفعة فيه بما مر أن المبيت يسقط بأدنى عذر يرد بأن الدم هنا وقع تابعا ومشابها لوجوبه في أصل الإحصار فلم ينظروا إلى كونه ترك المبيت لعذر كما لم ينظروا لذلك في أصل دم الإحصار فإن قلت من الأعذار المسقطة ثم الخوف على المال ، والإحصار يحصل بالمنع إلا ببذل مال ، وإن قل فما الفرق ؟ .

                                                                                                                              [ ص: 201 ] قلت : الفرق أن ذات المبيت ثم لم يتعرض لها المخوف منه يمنع ؛ لأن الفرض أنه أحصرهم عن الحج لا غير بخلافه هنا أعني في منعه من المبيت فإن العدو متعرض للمنع منه مثلا إلا ببذل مال وهذا هو الذي توجد فيه المشابهة للإحصار دون الأول إذ لا تعرض من المخوف منه لمنع من نحو المبيت أصلا فتأمله ( والفوات ) أي للحج إذ العمرة لا تفوت إلا تبعا لحج القارن ( من أحصر ) أي منع عن المضي في نسكه دون الرجوع أو معه وهم فرق مختلفة أو فرقة واحدة سواء كافر ومسلم ، وإن أمكنه قتاله أو بذل مال له ولم يجد طريقا آخر يمكنه سلوكه ( تحلل ) جوازا حاجا كان أو معتمرا أو قارنا لنزول قوله تعالى { حين أحصروا بالحديبية وهم حرم فنحر صلى الله عليه وسلم وحلق ، وأمرهم بذلك { فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } } أي ، وأردتم التحلل إذ الإحصار بمجرده لا يوجب هديا .

                                                                                                                              والأولى للمعتمر وحاج اتسع زمن إحرامه الصبر إن رجا زوال الإحصار نعم إن غلب على ظنه انكشاف العدو ، وإمكان الحج أو قبل ثلاثة أيام في العمرة [ ص: 202 ] امتنع تحلله لقلة المشقة حينئذ أما إذا أمكنه سلوك طريق آخر ولو بحرا غلبت فيه السلامة ووجدت شروط الاستطاعة فيه فيلزمه سلوكه ، وإن علم الفوات ويتحلل بعمل عمرة ، وأما إذا خشي فوات الحج لو صبر فالأولى التحلل لئلا يدخل في ورطة لزوم القضاء له واستعماله أحصر في منع العد وخلاف الأشهر إذ هو استعماله في نحو المرض وحصر في العدو كذا قيل ، ورد بالآية الموافقة لما هنا فالأشهر أن الإحصار المنع من المقصود بعدو أو نحو مرض والحصر التضييق وشمل كلامه الحصر عن الوقوف دون البيت وعكسه لكن يلزمه في الأول أن يدخل مكة ويتحلل بعمل عمرة وفي الثاني أن يقف ثم يتحلل أي ما لم يغلب على ظنه انكشاف العدو قبل ثلاثة أيام فيما يظهر أخذا مما تقرر في العمرة [ ص: 203 ] ولا قضاء فيهما على تفصيل فيه وفي لزوم دم الإحصار ذكرته في شرح العباب عن المجموع وغيره واستنبط البلقيني من الإحصار عن الطواف أن من حاضت أو نفست قبل الطواف ولم يمكنها الإقامة للطهر أنها تسافر فإذا وصلت لمحل يتعذر وصولها منه لمكة لعدم نفقة أو نحو خوف تحللت بالنية والذبح والحلق ، وأيده بقول المجموع عن كثيرين من صد عن طريق ووجد طريقا أطول ولم يكن معه نفقة تكفيه جاز له التحلل وسبقه البارزي إلى نحوه كما بسطت ذلك في الحاشية وقد ينظر في قوله لعدم نفقة بما يأتي أن نحو نفاد النفقة لا يجوز التحلل من غير شرط وما في المجموع لا يؤيده ؛ لأن الذي فيه محصر ؛ لأنه صد عن طريقه وتعذر عليه سلوك الطريق الأخرى فجاز له التحلل لبقاء إحصاره فتأمله .

                                                                                                                              ( وقيل لا تتحلل الشرذمة ) القليلة التي اختص بها الحصر من بين الرفقة والأصح أن الحصر لخاص ولو لواحد [ ص: 204 ] كأن حبس ظلما ولو بدين يعجز عنه كالعام ؛ لأن مشقة كل أحد لا تختلف بتحمل غيره مثلها وعدمه وفارق نحو المحبوس المريض بأن الحبس يمنعه إتمام نسكه حسا بخلاف المرض .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( باب الفوات والإحصار ) ( قوله : فلو منع من الرمي أو المبيت ) ينبغي أو منهما جميعا ( قوله : لم يجز له التحلل ) أي تحلل الحصر المخرج من النسك ( قوله : لأنه متمكن منه بالطواف والحلق ) أي بالنسبة للتحلل الأول ، وأما الثاني فيحصل بدم ترك الرمي فليراجع ( قوله : لوجوبه إلخ ) انظره مع أن الحصر لا يوجب دما ، وإنما يوجبه تحلله وهو ممتنع كما تقدم . ( قوله : [ ص: 201 ] قلت الفرق إلخ ) قد يقال مقصوده بالفرق مجرد التمييز بين الصورتين لا توجيه لزوم الدم هنا لا هناك إذ لم يظهر ذلك من هذا الفرق بل قد يظهر منه العكس والأقرب أن مقصوده بيان أنه لم كان هذا إحصارا دون ذاك ؟ ( قوله : سواء كافر ومسلم إلخ ) في شرح العباب في وجوب قتال الكفار المتعرضين بشروط ما يتعين مراجعته ( قوله : أو بذل مال له ) يكره بذله للكافر بخلافه للمسلم بعد الإحرام كما تقدم في شرح قوله . الثالث أمن الطريق إلخ ( قوله : ولم يجد طريقا آخر ) فلو ظن أن لا طريق آخر فتحلل فبان أن ثم طريقا آخر يتأتى سلوكه فينبغي تبين عدم صحة التحلل م ر ( قوله : حين أحصروا بالحديبية ) فإن قلت يشكل من قصة الحديبية أن السيد عثمان رضي الله عنه من جملة أهل الحديبية وقد مكنته قريش من البيت حين أرسله إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فامتنع من الطواف لكراهته ذلك مع منعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما هو مشهور مبسوط في السير فكيف جاز لسيدنا عثمان رضي الله عنه التحلل مع التمكن من إتيانه بعمرة وقد اطلع صلى الله عليه وسلم على ذلك ، وأقره قلت يحتمل أنه إنما ترك الإتيان بها حين دخل مكة ومكنوه من البيت ؛ لأن العمل لا يجب فورا مع تجويزه أنه يتمكن منه بعد رجوعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع النبي صلى الله عليه وسلم بأن يزول المنع العام أو وحده بإذنه صلى الله عليه وسلم لبقاء تمكنه وحده من البيت ما يتفق بعد ذلك المنع العام لعثمان وغيره كما يحتمل أنه ترك العمل ابتداء لأداء اجتهاده إلى امتناع ذلك عليه مع كونه عليه الصلاة والسلام ممنوعا منه ثم [ ص: 202 ] منع هو منه أيضا بعد رجوعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فليتأمل .

                                                                                                                              ( قوله : امتنع تحلله ) أي فلو تحلل لم يحصل التحلل ( قوله : ويتحلل بعمل عمرة ) إن حصل الفوات ( قوله : فالأولى التحلل ) بعد جواز الترك ( قوله : لئلا يدخل ) لو فات ( قوله : لزوم القضاء ) فإنه يلزم بالفوات لكن سيأتي أن الفوات يوجب قضاء التطوع ، وأما الفرض فهو باق كما كان فليتأمل مع ما هنا ( قوله : وشمل كلامه الحصر عن الوقوف إلخ ) أقول وشمل الحصر عن الطواف فقط أو عن السعي فقط ، وعبارة الإيضاح ولا فرق في جواز التحلل بالإحصار بين أن يتفق ذلك قبل الوقوف أو بعده ولا بين الإحصار عن البيت فقط أو عن الوقوف أو عنهما قال السيد في حاشيته وتبعه الشارح في حاشيته قد قدمنا أن الإحصار عن السعي فقط كذلك . ا هـ . وهذا مع ما صرح به قولهم الآتي ولا قضاء على المحصر إلخ من أنه بالإحصار ثم التحلل يخرج من النسك ويسقط ما فعله منه يعلم أن من أحصر ولو عن الطواف وحده أو السعي وحده ثم تحلل سقط ما فعله من النسك ، وإذا أراده بعد ذلك عند تمكنه احتاج إلى استئنافه والإتيان بإحرام جديد ومن ذلك تحلل الحائض الآتي عن البلقيني فتحتاج بعده عند تمكنها إلى استئنافه بإحرام جديد خلافا لما توهمه بعض الطلبة من أنه إذا تمكن كفى البناء على ما فعله قبل التحلل فليحرر ش ( قوله : ثم يتحلل ) الظاهر أنه يتحلل بالرمي والحلق والذبح فإنه لا يشترط الترتيب بينهما ، وأما النية عند الرمي والحلق والذبح فيحتمل اعتبارها نظرا إلى أنه يزيد الخروج من النسك ويحتمل اعتبارها في غير الرمي أو في غير الرمي والحلق ولو فعل اثنين من الثلاثة حصل التحلل الأول فيما يظهر ولو فاته الرمي إلخ توقف التحلل على [ ص: 203 ] الذبح عنه فإن لم يجد صام عشرة أيام وتوقف التحلل عليها أيضا أخذا من قولهم بمثل ذلك فيما لو فاته الرمي عند التحلل من الحج الخالي عن الحصر ثم رأيت في الروض ما نصه فإن أحصر بعد الوقوف ولم يتحلل حتى فاته الرمي والمبيت فعليه الدم ويحصل به والحلق الأول ثم يطوف متى أمكن وقد تم حجه وعليه دم ثان للمبيت . ا هـ كذا بخط شيخنا الشهاب البرلسي بهامش شرح البهجة .

                                                                                                                              وما بحثه من تعدد التحلل خالفه الشارح في شرح الإرشاد وفرق بما بينا ما فيه في محل آخر وبهامشه ويؤيد بحث شيخنا ما حكاه عن الروض وبذلك يخص الفرق الآتي في شرح قول المصنف وله التحلل في الحال في الأظهر إن كان في كلامهم ، وإلا أمكن منعه فليتأمل وفي الروض متصلا بقوله وعليه دم ثان للمبيت ما نصه ولا قضاء بإحصار بعد الوقوف ، وإن صد عن عرفات فقط تحلل بأفعال العمرة ولا قضاء عليه . ا هـ .

                                                                                                                              واعلم أن ما حكاه شيخنا عن الروض فيه نوع تصرف في لفظه كما يعلم بمراجعته ، وأن مفهوم قول الروض ولم يتحلل حتى فاته الرمي إلخ أن له التحلل قبل فواته وهو محمل قول الشارح وفي الثاني أن يقف ثم يتحلل وحينئذ يسقط الرمي والمبيت كما هو ظاهر ( قوله : ولا قضاء فيهما على تفصيل ) عبارة شرح م ر ولا قضاء فيهما في الأظهر . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : على تفصيل ) أطلق في الروض أنه لا قضاء فيهما ( قوله : ولم يمكنها الإقامة ) لا يبعد عدم اشتراط ذلك في جواز السفر ثم التحلل بشرطه ( قوله : أو نحو خوف تحللت بالنية ) ظاهره ، وإن انقطع الحيض حينئذ ( قوله : وقد ينظر إلخ ) يمكن أن يجاب بالفرق ؛ لأنه انضم هنا إلى نفاد النفقة كونها منعت من البيت بالحيض ( قوله : وتعذر عليه سلوك الطريق الأخرى ) قد يقال تعذر الطريق الأخرى ليس إلا لفقد نفقة الطريق الأخرى كما هو صريح فهو صريح في جواز التحلل لمن وجد طريقا لكن لم يجد نفقتها فالتأييد صحيح فليتأمل بعد قوله بما يأتي إلخ إلا أن يفرق بين مجرد نفاد النفقة وبين نفاد نفقة طريق مع الصد عن طريق أخرى ويوجه بأنه بمنزلة من لم يجد طريقا أخرى فتأمله .

                                                                                                                              ( قوله : من بين الرفقة إلخ ) قضيته اختصاص هذا بما إذا [ ص: 204 ] كانت الشرذمة بعضا من الرفقة بخلاف ما إذا كانت جملة الرفقة فليراجع ( قوله : كأن حبس ظلما ) صريح في أن هذا من محل الخلاف أيضا .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( باب الإحصار والفوات ) أي وما يذكر معهما من بقية موانع إتمام الحج والموانع ستة أولها الإحصار العام مغني ( قوله : وهو لغة ) إلى قوله ونزاع ابن الرفعة في النهاية والمغني ( قوله : أو هما ) يغني عنه جعل أو لمنع الخلو فقط ( قوله : فلو منع من الرمي أو المبيت ) ينبغي أو منهما جميعا سم ونهاية ومغني ( قوله : لم يجز له التحلل ) أي تحلل الحصر المخرج من النسك سم ( قوله : لأنه متمكن منه إلخ ) أي بالنسبة للتحلل الأول ، وأما الثاني فيحصل بدم ترك الرمي فليراجع سم وجزم بذلك الونائي ويأتي في الشرح قبيل قول المصنف إذ أحرم العبد ما يفيده ( قوله : منه ) أي من التحلل ( قوله : ويجبر كل إلخ ) واستحسن ابن عبد الحق سقوط الدم وجزم به النور الزيادي ونائي أي دم المبيت دون الرمي كما في البصري ( قوله : بدم ) كذا في الأسنى والنهاية والمغني ( قوله : فيه ) أي في جبر المبيت بدم بصري ( قوله : بما مر إلخ ) أي في فصل مبيت ليالي أيام التشريق ( قوله : بأدنى عذر ) كضياع مريض وفوت مطلوبه كآبق ( قوله : وقع تابعا ) أي تبعية مع انتفاء دم الإحصار فلو اكتفى بالمشابهة لكان أشبه بصري ( قوله : لوجوبه في أصل الإحصار ) انظره مع أن الحصر لا يوجب دما ، وإنما يوجبه تحلله وهو ممتنع كما تقدم سم .

                                                                                                                              ( قوله : إلى كونه ) أي الممنوع عن المبيت ( قوله : ثم ) أي فيما مر ( قوله : والإحصار ) يعني منع العدو من نحو المبيت ، وإن كان قضية قوله الآتي ؛ لأن إلخ أن المراد بالإحصار هنا الاصطلاحي أي المنع عن إتمام النسك ويأتي عن البصري ما فيه ( قوله : يحصل بالمنع إلخ ) أي ففيه الخوف على المال ( قوله : فما الفرق ) أي بين المبيتين المتروكين أعني التابع للإحصار والمستقل كردي والأولى أعني المتروك للخوف على المال أي من ضياعه والمتروك للمنع منه إلا [ ص: 201 ] ببذل المال .

                                                                                                                              ( قوله : قلت الفرق إلخ ) قد يقال مقصوده بالفرق مجرد التمييز بين الصورتين لا توجيه لزوم الدم هناك إذ لم يظهر ذلك من هذا الفرق بل قد يظهر منه العكس والأقرب أن مقصوده بيان أنه لم كان هذا إحصارا دون ذاك سم وقوله : إحصارا أي مشابها به ( قوله : ثم ) إشارة إلى قوله أو المبيت لم يجز إلخ كردي أقول بل إلى قوله من الأعذار المسقطة للمبيت ثم إلخ ( قوله : لأن الفرض أنه أحصرهم إلخ ) محل تأمل إذ لا يظهر ارتباطه بسابقه ولاحقه فليتأمل سم ( قوله : وهذا هو الذي توجد فيه المشابهة إلخ ) أي من حيث المنع والتعرض له كردي ( قوله : دون الأول ) أي المبيت الذي لم يتعرض لذاته لم يوجد فيه المشابهة للإحصار ؛ لأنه تابع له وداخل في حكمه كردي والصواب أي المبيت المتروك لعذر الخوف على المال مثلا ( قوله : أي للحج ) إلى قوله ، وأيده بقول المجموع في النهاية إلا قوله إن رجا زوال الإحصار وقوله : أي ما لم يغلب إلى ولا قضاء وقوله : على تفصيل إلى واستنبط ، وإلى قوله كما بسطت في المغني إلا ما ذكر وقوله : لئلا يدخل إلى واستعماله وقوله : كذا قيل إلى وشمل ( قوله : أو معه ) أي مع الرجوع وفائدة التحلل حينئذ دفع مشقة الإحرام كالحلق والقلم ونحوهما ع ش ومغني .

                                                                                                                              ( قوله : وهم ) أي المانعون ( فرق مختلفة إلخ ) وسواء أكان المنع بقطع طريق أم بغيره نهاية ومغني ( قوله : سواء كافر ومسلم إلخ ) أي سواء كان المانع كافرا أم مسلما وسواء أمكن المضي بقتال أو بذل مال أو لم يمكن نهاية ومغني قال سم وفي شرح العباب في وجوب قتال الكفار المتعرضين بشروط ما يتعين مراجعته . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أو بذل مال له ) يكره بذله للكافر بخلافه للمسلم بعد الإحرام كما تقدم في شرح قوله الثالث أمن الطريق إلخ سم عبارة النهاية والمغني ويكره بذل مال للكفار لما فيه من الصغار بلا ضرورة ولا يحرم كما لا تحرم الهبة لهم أما المسلمون فلا يكره بذله لهم والأولى قتال الكفار عند القدرة عليه ليجمعوا بين الجهاد ونصرة الإسلام ، وإتمام النسك فإن عجزوا عن قتالهم أو كان المانعون مسلمين فالأولى لهم أن يتحللوا ويتجاوزوا عن القتال ويجوز لهم إن أرادوا القتال لبس الدرع ونحوه من آلات الحرب ويجب عليهم الفدية كما لو لبس المحرم المخيط لدفع حر وبرد . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أو بذل مال ) أي ، وإن قل ع ش وونائي زاد المغني أي قلة بالنسبة إلى أداء النسك كما قاله بعض المتأخرين فنحو الدرهمين والثلاث لا يتحلل من أجلها . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ولم يجد إلخ ) عطف على منع إلخ وسيذكر محترزه قال سم فلو ظن أن لا طريق آخر فتحلل فبان أن ثم طريقا آخر يتأتى سلوكه فينبغي تبين عدم صحة التحلل م ر . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : تحلل جوازا ) أي بما سيأتي لا وجوبا مغني ونهاية ( قوله : وحلق ) عبارة النهاية والمغني فحلق بالفاء ( قوله : أي ، وأردتم التحلل ) عطف على أحصرتم ( قوله : والأولى للمعتمر ) أي مطلقا ( قوله : [ ص: 202 ] امتنع تحلله ) أي فلو تحلل لم يحصل التحلل سم ( قوله : أما إذا أمكنه ) إلى ، وأما إذا خشي كان المناسب تقديمه على قوله والأولى للمعتمر إلخ ( قوله : أما إذا أمكنه إلخ ) عبارة النهاية أما إذا تمكنوا بغير قتال أو بذل مال كأن كان لهم طريق آخر يمكن سلوكه ووجدت شروط الاستطاعة فيه لزمهم سلوكه سواء أطال الزمان أم قصر ، وإن تيقنوا الفوات فلو فاتهم الوقوف بطول الطريق المسلوك أو نحوه تحللوا بعمل عمرة ولا قضاء عليهم في الأظهر . ا هـ . قال ع ش قوله : م ر ولا قضاء عليهم في الأظهر أي ؛ لأنه فوات نشأ عن حصر فلا يشكل بما يأتي من وجوب القضاء على من فاته الحج ؛ لأن ذاك فوات لم ينشأ عن حصر . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : فيه ) أي في سلوك الطريق الآخر ( قوله : وإن علم الفوات ) أي ؛ لأن سبب التحلل هو الحصر لا خوف الفوات ثم إن حصل لنحو صعوبة تحلل بعمل عمرة ولا قضاء ، وإلا قضى ونائي ( قوله : ويتحلل إلخ ) أي إن حصل الفوات سم ( قوله : وأما إذا خشي إلخ ) محترز قوله اتسع وقت إحرامه ( قوله : فالأولى التحلل ) أي بعد جواز الترك ( وقوله : لئلا يدخل إلخ ) أي لو فات سم ( قوله : في ورطة لزوم القضاء ) أي عند بعضهم نهاية قال ع ش قوله : م ر لزوم القضاء إلخ ضعيف . ا هـ . وبذلك يندفع استشكال سم بما نصه قوله : في ورطة لزوم القضاء فإنه يلزم بالفوات لكن سيأتي أن الفوات لا يوجب قضاء التطوع ، وأما الفرض فهو باق كما كان فليتأمل مع ما هنا . ا هـ . ودفعه الونائي بجواب آخر عبارته أما لو ضاق الوقت فالأولى تعجيل التحلل لئلا يدخل في ورطة لزوم القضاء إذا فاته فإنه ليس ناشئا عن الإحصار بل هو فوات محض ؛ لأنه ، وإن لم يحصر لفاته . ا هـ . أي فلا يشكل بما يأتي فإنه في فوات نشأ عن الإحصار ( قوله : وحصر ) أي استعماله ( قوله : وشمل كلامه الحصر عن الوقوف إلخ ) أقول وشمل الحصر عن الطواف فقط كما في الإيضاح أو عن السعي فقط كما في حاشيتي السيد والشارح عليه وهذا مع ما صرح به قولهم الآتي ولا قضاء على المحصر إلخ من أنه بالإحصار ثم التحلل يخرج من النسك ويسقط ما فعله منه يعلم أن من أحصر ولو عن الطواف وحده أو السعي وحده ثم تحلل سقط ما فعله من النسك ، وإذا أراده بعد ذلك عند تمكنه احتاج إلى استئنافه والإتيان بإحرام جديد ومن ذلك تحلل الحائض الآتي عن البلقيني فتحتاج بعده عند تمكنها إلى استئنافه بإحرام جديد سم ( قوله : وفي الثاني أن يقف إلخ ) ولا حكم لهذا الوقوف فليس له البناء عليه حتى يقع عن نحو حجة الإسلام في وقت آخر رشيدي عن عبارة الونائي ، وإن وقف فأحصر فتحلل فزال الحصر ، وأراد أن يحرم ويبني امتنع ، وإن كان الوقت باقيا صح إحرامه ولزمه الاستئناف . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ثم يتحلل ) أي بالذبح ثم إزالة ثلاث شعرات ناويا التحلل فيهما ، وإن لم يجد الدم فإطعام مجزئ في الفطرة بقيمته فإن لم يقدر على الطعام [ ص: 203 ] لزمه صوم بعدد أمداده لكل مد يوم ويكمل المنكسر ، ولا يتوقف التحلل على صوم فيكفي الإتيان به في أي زمن ومكان شاء ولو بعد التحلل ونائي ويأتي في الشرح كالنهاية والمغني ما يوافقه وقضية ذلك أنه يسقط عنه الرمي والمبيت كما نبه عليه سم ، وأن له تحلل واحد فقط كما تصرح به الشروح الثلاثة خلافا لما نقله سم عن بحث شيخه البرلسي ثم أيده ( قوله : ولا قضاء فيهما على تفصيل ) أطلق في الروض وشرح م ر أي والخطيب أنه لا قضاء فيهما سم عبارة الونائي ولا يقضي محصور حصرا عاما أو خاصا تحلل بل الأمر كما كان الإحصار إلا في صور قليلة بأن أخر التحلل عن الحج مع إمكانه من غير رجاء أمن حتى فات أو فاته ثم أحصر أو زال الحصر والوقت باق ولم يتحلل ومضى في النسك ففاته أو سلك طريقا آخر مساويا للأول ففاته الوقوف . ا هـ . ويأتي في شرح قول المصنف ولا قضاء على المحصر إلخ أن هذه الصور لا ترد عليه أي المتن ؛ لأن القضاء في هذه كلها للفوات أي الغير الناشئ عن الحصر لا للحصر ( قوله : فيه ) أي في عدم القضاء ( وقوله : وفي لزوم إلخ ) عطف على فيه ( قوله : واستنبط البلقيني إلخ ) اعتمده النهاية والمغني ( قوله : ولم يمكنها الإقامة إلخ ) لا يبعد عدم اشتراط ذلك في جواز السفر ثم التحلل بشرطه سم ( قوله : تحللت بالنية ) ظاهره ، وإن انقطع الحيض سم ( قوله : وأيده ) الضمير المستتر للبلقيني والبارزي لما استنبطه ( قوله : وسبقه البارزي إلخ ) واستحسنه الولي العراقي مغني ( قوله : وقد ينظر إلخ ) يمكن أن يجاب بالفرق ؛ لأنه انضم هنا إلى نفاد النفقة كونها منعت من البيت بالحيض سم عبارة الونائي وحمل في الحاشية قول الأصحاب أن عدم النفقة لا يجوز التحلل من غير شرط على التحلل قبل الوقوف أما بعده فيجوز التحلل بسببه ، وإن لم يشرطه انتهى . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وتعذر عليه سلوك الطريق إلخ ) قد يقال تعذر الطريق الأخرى ليس إلا لفقد نفقتها فهو صريح في جواز التحلل لمن وجد طريقا لكن لم يجد نفقتها فالتأييد صحيح فليتأمل بعد مع قوله بما يأتي إلخ إلا أن يفرق بين مجرد نفاد النفقة وبين نفاد نفقة طريق مع الصد عن طريق أخرى ويوجه بأنه بمنزلة من لم يجد طريقا أخرى فتأمله سم وتقدم آنفا عن الونائي عن الحاشية جواب آخر ( قوله : والأصح ) إلى قول المتن ومن تحلل في النهاية والمغني إلا قوله الذي تلفظ به عقب الإحرام وقوله : بأن وجدت إلى المتن وقوله : ويظهر [ ص: 204 ] أن المراد إلى ثم إن شرط وقوله : ويظهر إلى المتن ( قوله : كأن حبس ظلما ) صريح في أن هذا من محل الخلاف أيضا سم ( قوله : ظلما ) أما إذا حبس بحق كأن حبس بدين متمكن من أدائه فلا يجوز له التحلل بل عليه أن يؤديه ويمضي في نسكه فلو تحلل لم يصح تحلله ، وإن فاته الحج في الحبس لم يتحلل إلا بعمل عمرة بعد إتيانه مكة كمن فاته الحج بلا إحصار مغني وشرح الروض ( قوله : ولو بدين إلخ ) عبارة النهاية أو بدين وهو معسر به وعاجز عن إثبات إعساره به . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بخلاف المرض ) أي فإنه لا يمنع الإتمام فالمريض متمكن من إتمام النسك معه مغني .




                                                                                                                              الخدمات العلمية