الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وقبض ) غير المنقول من ( العقار ) ونحوه كالأرض وما فيها [ ص: 410 ] من نحو بناء ونخل ، ولو بشرط قطعه وثمرة مبيعة قبل أوان الجذاذ ، وإلا فهي منقولة فلا بد من نقلها ، ومثلها الزرع حيث جاز بيعه في الأرض أي إقباض ذلك ( تخليته للمشتري ) بلفظ يدل عليها من البائع ( وتمكينه من التصرف ) فيه بتسليم مفتاح الدار إليه أي إن وجد [ ص: 411 ] ودخل في البيع كما هو ظاهر مع عدم مانع حسي ، أو شرعي ؛ لأن القبض لم يحد لغة ، ولا شرعا فحكم فيه العرف ، وهو قاض بهذا وما يأتي أي باعتبار ما ظهر لهم فلا ينافي ذلك جريان الخلاف فيه ؛ لأنه مبني على الاختلاف هل العرف كذلك ، أو لا وإنما يعتد بذلك ( بشرط فراغه من أمتعة ) غير المشتري من ( البائع ) والمستأجر والمستعير والموصى له بالمنفعة والغاصب كما اعتمده الأذرعي وغيره وغلط أعني الأذرعي من أخذ بمفهوم الاقتصار على البائع عملا بالعرف لتأتي التفريغ هنا حالا ، وبه فارق قبض الأرض المزروعة بالتخلية مع بقاء الزرع ، ولو جمع الأمتعة ببعضها حصل قبض ما عداه فإن حولها لغيره حصل قبض الجميع أما أمتعة المشتري ، ويظهر أن المراد به من وقع له الشراء دون نحو وكيله فلا تضر كحقير متاع لغيره

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 410 ] قوله قبل أوان الجذاذ ) وقال الجلال البلقيني : لا فرق بين المبيعة قبل أوان الجذاذ أو بعده خلافا لما وقع في الروضة وبذلك أفتى شيخنا الشهاب الرملي ، وفي شرح العباب للشارح ما نصه : وعبارة الأذرعي ويستثنى من اعتبار التحويل بيع الشجر بشرط قطعه والجدار بشرط نقله والثمرة على الشجرة سواء أشرط قطعها ، أو لا وهكذا بيع الزرع في الأرض حيث يصح ، وما أشبه هذا فإن التخلية كافية فيه انتهت وإنما يتجه ما ذكره بناء على عدم تقييده الثمرة بقبل وقت الجذاذ الذي ذهب إليه جماعة أما على تقييده به الذي هو المعتمد فلا بد من النقل في جميع ما ذكره ا هـ

                                                                                                                              ( قوله : ومثلها الزرع ) ظاهره التفصيل فيه بين أوان جذاذه وغيره كالثمرة ، وهو محصل ميله في شرح العباب بعد أن بين أن ما أطلقه العباب من اعتبار التخلية فيه هو ما في الجواهر وغيرها ( قوله : أي إقباض ذلك ) أول به ليصح أن يحمل عليه قوله : تخليته ؛ إذ كل من الإقباض والتخلية فعل البائع فيصح حمل أحدهما على الآخر بخلاف نفس القبض فإنه فعل المشتري فلا يحمل عليه التخلية التي هي فعل البائع ، ولو زاد الباء في قوله : تخليته لم يحتج لتأويل القبض بالإقباض نعم يمكن حمل التخلية على القبض على وجه المبالغة لقوة سببيتها في حصول القبض ( قول المصنف تخليته للمشتري مع لفظ إلخ ) جعل هذا تفسيرا للإقباض ويعلم مما يأتي أن الإقباض ، أو الإذن في القبض إنما يعتبر إذا كان للبائع حق الحبس ، وإلا كان للمشتري الاستقلال بالقبض فهذه الأمور إنما تشترط إذا كان للبائع حق الحبس وإلا كان للمشتري الاستقلال بالقبض فهذه الأمور إنما تشترط إذا كان للبائع حق الحبس وإلا لم يشترط شيء من - [ ص: 411 ] ذلك فليتأمل ( قوله : ودخل في البيع ) ينبغي أنه احتراز عما لو صرح بإخراجه فقط ، وإلا فالظاهر دخوله عند الإطلاق ، وإن كان منقولا ( قوله : بشرط فراغه من أمتعة غير المشتري ) هل يجري هذا الشرط في المنقول حتى لو كان المبيع ظرفا كإناء وزنبيل مشغول بأمتعة غير المشتري لم يكف نقله قبل تفريغه فيه نظر ، ولا يبعد الجريان ، وإن كان نقل المنقول استيلاء حقيقيا بخلاف تخلية العقار ثم رأيت قوله الآتي مع تفريغ السفينة وسيأتي فيه بيان ( قوله : لتأتي التفريغ إلخ ) قد ينعكس الحال فيتأتى التفريغ حالا من الزرع دون الأمتعة ( قوله : كحقير متاع لغيره ) أي : كحصير ومنارة ، وخرج غير الحقير ، ومنه فص صغير الجرم كثير القيمة في حق صغير ويفرق بينه وبين الحقير بأنه لغلوه يقصد حفظه في الدار وإحرازه بها والمنع عنها لأجله فتعد مشغولة فلا بد من التفريغ ، ولا كذلك الحقير فليتأمل



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( وقبض العقار ) دخل فيه النهاية والمغني بقولهما ثم شرع في بيان القبض ، والرجوع في حقيقته إلى العرف فيه لعدم ما يضبطه شرعا أو لغة كالإحياء والحرز في السرقة فقال : وقبض إلخ ( قوله : ونحوه ) إلى قول أما أمتعة المشتري في المغني ، وكذا في النهاية إلا قوله : وإلا إلى : ومثلها ، قوله : بلفظ إلى المتن ( قوله : ونحوه ) أي : فما يعد تابعا له ا هـ ع ش ( قوله : كالأرض وما فيها إلخ ) مثال للعقار ا هـ ع ش عبارة المغني ، وهو الأرض والنخل والضياع كما قاله الجوهري وأراد بالضياع - [ ص: 410 ] الأبنية ا هـ وعبارة الرشيدي قوله : كالأرض إلخ هذا هو حقيقة العقار كما في الصحاح وغيره فإدخال الكاف عليه إما للإشارة إلى أن مثل النخل بقية الشجر كما عبر به بعضهم أو أنها استقصائية ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ونخلا ) أي : رطبا ، أو جافا ، وإن كان الجاف لا بقاء له ، وخرج بذلك الأشجار المقلوعة فلا بد فيها من النقل ، وإن كانت حية وأريد عودها كما كانت ، وكان الأولى : وشجر كما عبر به الشيخ إلا أن يقال : آثره للاقتصار عليه في كلام الجوهري في تفسير العقار فقول الشيخ : والشجر بيان للمراد من العقار في كلامهم ا هـ ع ش ( قوله : وثمرة ) مثال لنحوه ا هـ .

                                                                                                                              ع ش ( قوله : وإلا ) أي : بأن تلفت أوان الجذاذ ( قوله : فهي منقولة إلخ ) وفاقا للمغني ، والإيعاب وخلافا للنهاية حيث قال : وهو أي : قول الشيخين قبل أوان الجذاذ مثال لا قيد كما أفاده الجلال البلقيني وشمل ذلك أي : كون القبض بالتخلية ما لو باعها بعد بدو صلاحها بشرط قطعها ، وبه أفتى الوالد رحمه الله تعالى ا هـ قال الرشيدي قوله : م ر بعد بدو صلاحها ، وكذا قبله المفهوم بالأولى ، وإنما قيد بالبعدية ؛ لأنها هي الواقعة في السؤال الذي أجاب عنه والده ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ومثلها الزرع ) ظاهره التفصيل فيه بين أوان جذاذه وغيره كالثمرة ، وهو ما اعتمده في الإيعاب بعد أن بين أن ما أطلقه العباب من اعتبار التخلية فيه هو ما في الجواهر وغيرها ا هـ سم ( قوله : حيث جاز بيعه ) أي : بأن كان المقصود منه ظاهرا ا هـ ع ش ( قوله : أي إقباض ذلك ) أول به ليصح حمل قوله : تخليته عليه ؛ إذ كل من الإقباض والتخلية فعل البائع بخلاف القبض فإنه فعل المشتري ، ولا يحمل عليه التخلية إلا على وجه المبالغة لقوة سببيتها في حصول القبض ا هـ سم قوله : ليصح حمل قوله إلخ أي : وإلا فخصوص الإقباض ليس شرطا إلا إذا كان للبائع حق الحبس فالتفسير المذكور لصحة الحمل لا غير ا هـ رشيدي قول المتن ( تخليته للمشتري ) أي : تركه له ا هـ مغني ( قوله : بلفظ يدل إلخ ) كخليت بينك وبينه ، أو ما يقوم مقام اللفظ كالكتابة والإشارة ، ومحل اشتراط ذلك كما هو ظاهر إن كان للبائع حق الحبس أما إذا لم يكن له فسيأتي أنه يستقل المشتري بقبضه فلا يحتاج إلى لفظ ا هـ بجيرمي عن الشوبري عن الطندتائي وقوله : ومحل اشتراط إلخ في سم ما يوافقه قول المتن ( وتمكينه من التصرف ) وإن لم يتصرف فيه ، ولم يدخله نهاية ومغني عبارة الإيعاب : وهي أي : التخلية - كما علم مما تقرر - تمكين البائع ، أو وكيله المشتري أو وكيله من التصرف في المبيع بإزالة المانع الحسي والشرعي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بتسليم مفتاح الدار ) أي : إن كان مفتاح غلق مثبت بخلاف مفتاح القفل ا هـ ع ش ( قوله : إن وجد ) نعم إن قال له البائع : تسلمه ، واصنع له مفتاحا فينبغي أن يستغني بذلك عن تسليم المفتاح سم على منهج أي : ومع ذلك ينفسخ العقد في المفتاح بما يقابله من الثمن ، ويثبت للمشتري الخيار بتلفه في يد البائع ، وإن كانت - [ ص: 411 ] قيمة المفتاح تافهة ا هـ ع ش ( قوله : ودخل في المبيع ) ينبغي أنه احتراز عما لو صرحوا بإخراجه فقط ، وإلا فالظاهر دخوله عند الإطلاق ، وإن كان منقولا ا هـ سم ( قوله : مع عدم إلخ ) متعلق بالتخلية ( قوله : مانع حسي ) أي : ككونها في يد غاصب و ( قوله : أو شرعي ) أي : كشغل الدار بأمتعة غير المشتري ا هـ .

                                                                                                                              ع ش ( قوله : لأن القبض إلخ ) تعليل لحصول القبض بما ذكر في المتن والشرح ( قوله : فحكم ) من التحكيم ببناء المفعول ( قوله : وهو راض بهذا وما يأتي ) أي : والعرف قاض بما ذكره المصنف في هذا ، وفيما بعده ا هـ مغني ( قوله : لهم ) أي للأصحاب ، قوله : ذلك أي : قضاء العرف بهذا وبما يأتي ( قوله : جريان الخلاف ) أي : المشار إليه بقول المتن في الأصح ( قوله : فيه ) أي : فيما يأتي ( قوله : لأنه مبني على الاختلاف إلخ ) حاصله ومتى وقع الخلاف في شيء أهو قبض ، أو لا كان ناشئا عن الخلاف في العرف فيه فمن عده قبضا ينسبه للعرف ومن نفى القبض فيه يقول : العرف لا يعده قبضا ا هـ ع ش ( قوله : كما اعتمده إلخ ) راجع لقوله : والمستأجر إلخ ( قوله : عملا بالعرف ) علة لاشتراط الفراغ مما ذكر ( قوله : لتأتي التفريغ إلخ ) علة للعمل بالعرف ا هـ ع ش أي : لاقتضاء العرف ذلك عبارة المغني عقب المتن ؛ لأن التسليم في العرف موقوف على ذلك فيفرغها بحسب الإمكان ، ولا يكلف تفريغها في ساعة واحدة إذا كانت كبيرة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : هنا ) أي : في نحو الدار ( قوله : حالا ) أي : من شأن الأمتعة ذلك بخلاف الزرع ، وعليه فلو قل الزرع جدا بحيث يمكن التفريغ منه حالا لا يمنع وجوده من القبض ، ولو كثرت الأمتعة بحيث تعذر تفريغها حالا منعت القبض ا هـ ع ش ( قوله : ببعضها ) عبارة النهاية والمغني في بيت من الدار وخلي بين المشتري وبينها حصل إلخ ( قوله : حصل قبض ما عداه ) ظاهره ، وإن كانت الأمتعة في جانب من البيت ، وهو واضح إن أغلق عليها باب البيت ، وإلا فينبغي حصول القبض فيما عدا الموضع الحاوي للأمتعة عرفا ا هـ ع ش ( قوله : أما أمتعة المشتري ) محترز قوله غير المشتري ( قوله : ومن نحو وكيله ) فبقاء أمتعة الوكيل والولي مانع من صحة القبض ؛ لأنها تمنع من دخول البيع في يد من وقع له الشراء ا هـ ع ش ( قوله : كحقير متاع ) أي : كحصير ومنارة ، وخرج غير الحقير ، ومنه فص صغير الجرم كبير القيمة في حق صغير ، ويفرق بينه وبين الحقير بأنه لغلوه يقصد حفظه في الدار وإحرازه بها والمنع عنها لأجله فتعد مشغولة فلا بد من التفريغ ولا كذلك الحقير فليتأمل سم و ع ش ( قوله : لغيره ) ، ولا فرق في ذلك بين الغني والفقير فيما يظهر ا هـ ع ش




                                                                                                                              الخدمات العلمية