الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فصل له اللعان لنفي ولد ) بل يلزمه إذا علم أنه ليس منه كما مر بتفصيله ( وإن عفت عن الحد وزوال النكاح ) بطلاق أو غيره ولو أقام بينة بزناها لحاجته إليه بل هي آكد من حاجته لدفع الحد ( وله ) اللعان بل يلزمه إن صدق كما قاله ابن عبد السلام ( لدفع حد القذف ) إن طلبته هي أو الزاني ( وإن زال النكاح ولا ولد ) إظهارا لصدقه ومبالغة في الانتقام منها ( ول ) دفع ( تعزيره ) لكونها ذمية مثلا ، وقد طلبته ( إلا تعزير تأديب ) لصدقه ظاهرا كقذف من ثبت زناها ببينة أو إقرار أو لعانه مع امتناعها منه ؛ لأن اللعان لإظهار الصدق وهو ظاهر فلا معنى له أو لكذبه الضروري ( كقذف طفلة لا توطأ ) أي لا يمكن وطؤها وكقذف كبيرة [ ص: 226 ] نحو قرناء أو بوطء نحو ممسوح فلا يلاعن لإسقاطه وإن بلغت وطالبته إذ لا عار يلحقها به للعلم بكذبه فلا يمكن من الحلف على صدقه وإنما زجر حتى لا يعود للإيذاء والخوض في الباطل ومن ثم يستوفيه القاضي للطفلة بخلاف الكبيرة لا بد من طلبها ومحل ما ذكر في نحو القرناء حيث لم يرد وطء دبرها وإلا فهو من الأول وما عدا هذين أعني ما علم صدقه أو كذبه يقال له تعزير التكذيب لما فيه من إظهار كذبه بقيام العقوبة عليه وهو من جملة المستثنى منه ولا يستوفى إلا بطلب المقذوف

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( فصل له اللعان إلخ )

                                                                                                                              ( قوله : بل يلزمه إن صدق ) في مختصر الكفاية لابن النقيب ولو قذفها ولا بينة له فقد يظهر أن اللعان واجب عليه ؛ لأنه يدفع به محرما لا يمكن إباحته وهو الجلد ودفع الحرام واجب ويؤيده مفهوم النص الآتي أنه ليس عليه أن يلاعن حتى يطالب بالحد وأطلق في الحاوي عدم الوجوب ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ولدفع تعزيره ) قال شيخنا الشهاب البرلسي والظاهر أن الفرقة تثبت بهذا اللعان وأنه يفعل ذلك وإن زال النكاح لكن عبارة الشارح يعني المحلي توهم خلاف الثاني ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لصدقه ظاهرا ) كيف يأتي هذا إذا رماها بغير الذي ثبت مع أن الحكم كذلك ( قوله : مع امتناعها ) كأنه احتراز عما لو لاعنت ، ثم قذفها بزنا آخر فإنه يحد ( قوله : في المتن لا توطأ ) خرج التي توطأ قال في الروض ، وكذا أي له اللعان لدفع تعزير وجب لتكذيبه ظاهرا [ ص: 226 ] كقذف صغيرة توطأ ومجنونة لكن لا يلاعن حتى يكملا ويطالبا ا هـ ، وقوله : لتكذيبه ظاهرا قال في شرحه بأنقذف زوجته غير المحصنة ولم يعلم كذبه ولم يظهر صدقه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : يستوفيه القاضي للطفلة ) ظاهره ولو مع وجود ولي لم يطلب ( قوله : وهو من جملة المستثنى منه ) عبر بمن جملة ؛ لأن هذين منها أيضا فتأمله ( قوله : إلا بطلب المقذوف ) ظاهره ولو غير كامل فيؤخر إلى كماله ، وفي شرح م ر ، فلو قال الزوج قذفتك في النكاح فلي اللعان وادعت هي صدوره قبله صدق بيمينه ولو اختلفا بعد الفرقة وقال قذفتك قبلها فقالت بل بعدها صدق بيمينه أيضا ما لم ينكر أصل النكاح فتصدق بيمينها أو قال قذفتك وأنت صغيرة فقالت بل بالغة صدق بيمينه إن احتمل صدوره في صغرها أو قال قذفتك وأنا نائم فأنكرت نومه لم يقبل منه لبعده أو وأنت مجنونة أو رقيقة أو كافرة ونازعته صدق بيمينه إن عهد ذلك لها وإلا صدقت أو وأنا صبي صدق إن احتمل نظير ما مر أو وأنا [ ص: 227 ] مجنون صدق إن عهد له ا هـ ، وفي الروض وشرحه



                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( فرع )

                                                                                                                              لو قذف المفسوخ نكاحها أو المطلقة البائن بخلع أو طلاق ثلاث وانقضاء عدة بزنا مطلق أو مضاف إلى حالة النكاح أو قذف من وطئها في نكاح فاسد أو ظانا أنها زوجته أو أمته لم يلاعن فإن كان هناك ولد منفصل لاعن لنفيه ، وكذا إن كان هناك حمل ولا حد لها بلعانه إن لم يكن أضاف الزنا إلى نكاحه وتتأبد الحرمة بهذا اللعان فإن كان قال زنيت في نكاحي وجب الحد عليها وتسقطه باللعان فإن بان في صورة أن لا حمل فسد لعانه وحد ، وكذا لو لاعن زوج ولا ولد وبان بعد لعانه فساد نكاحه تبينا فساد لعانه وحد فلا يثبت شيء من أحكامه انتهى باختصار ، وفي الروض وشرحه أيضا ما نصه : فصل لو قذف من لاعنها عزر فقط إن قذفها بذلك الزنا أو أطلق فإن قذفها بزنا آخر عزر أيضا فقط إن حدت بلعانه لكونها لم تلاعن للعانه وذلك ؛ لأن لعانه في حقه كالبينة فلا يحد وإنما عزر للإيذاء وحد إن لاعنت سواء أقذفها بذلك بعد اللعان أم قبله في النكاح أم قبله كما يحد للأجنبية واللعان إنما يسقط الحصانة إذا لم يعارضه لعانها فإن عارضه بقيت الحصانة بحالها على أن اللعان حجة ضعيفة فيختص أثرها بذلك الزنا كما يختص بالزوج وليس له إسقاط العقوبة من تعزير أو حد باللعان ؛ لأنها بانت بلعان القذف الأول ولا ولد وإن حد بالقذف الأول ولم يلاعن ، ثم عاد إلى القذف بذلك عزر تأديبا للإيذاء ولا يحد لظهور كذبه بالحد الأول ولا يلاعن لإسقاط التعزير كما علم مما مر أو قذفها بغيره أي بزنا غير ذلك الزنا فلا لعان لإسقاط العقوبة لظهور كذبه بالحد وهل يحد ؛ لأن كذبه في الأول لا يوجب كذبه في الثاني فوجب الحد لدفع العار أو يعزر لظهور كذبه بالحد وجهان أوجههما الثاني أخذا من عموم ما يأتي فيمن قذف شخصا فحد ، ثم قذفه ثانيا وتحد بقذفها الأجنبي ولو بما حدت فيه أي بسببه ؛ لأن اللعان في صورته مختص بالزوج فيقتصر أثره عليه ، وسواء في الزوج والأجنبي أكان ثم ولد فنفاه باللعان وبقي أو مات أو لم يكن



                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( فرع )

                                                                                                                              لا يتكرر الحد بتكرر القذف ولو صرح فيه بزنا آخر أو قصد به الاستئناف فيكفي الزوج لعان واحد يذكر فيه الزنيات كلها ، وكذا الزناة إن سماهم في القذف بأن يقول أشهد بالله أني لمن الصادقين فيما رميتك به من الزنا بفلان وفلان وفلانومن قذف شخصا فحد ، ثم قذفه ثانيا عزر لظهور كذبه بالحد الأول والزوجة في ذلك كغيرها إن وقع القذفان في حال الزوجية فإن قذف أجنبية ، ثم تزوجها قبل أن يحد أو بعده ، ثم قذفها بالزنا الأول فالحد الواجب واحد ولا لعان لإسقاطه بل يحتاج إلى بينة ؛ لأنه قذفها بالأول وهي أجنبية أو قذفها بغيره تعدد الحد لاختلاف موجب القذفين ؛ لأن الثاني يسقط باللعان بخلاف الأول فإن أقام بأحدهما أي أحد الزناءين بينة بعد طلبها لحد القذف سقطا أي الحدان ؛ لأنه ثبت أنها غير محصنة وإلا فإن بدأت بطلب حد القذف بالزنا الأول حد له مطلقا ، ثم للثاني إن لم يلاعن وإلا سقط عنه حده وإن بدأت بالثاني فلاعن لم يسقط الحد الأول ؛ لأن اللعان يختص أثره بذلك الزنا بخلاف البينة وسقط الثاني وإن لم يلاعن حد للثاني أي للقذف الثاني ، ثم للأول بعد طلبها لحده ، وإن طالبته بهما أي بالحدين جميعا فكابتدائها بالأول فيحد له ، ثم للثاني إن لم يلاعن



                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( فرع ) لو قذف زوجته ، ثم أبانها بلا لعان ، ثم قذفها بزنا آخر ، ثم جدد نكاحها بل أو لم يجدده فإن حد للأول قبل التجديد للنكاح قال البلقيني صوابه قبل القذف عزر للثاني كما لو قذف أجنبية فحد ، ثم قذفها ثانيا وينبغي حمله على ما إذا لم يضف الثاني إلى حالة البينونة لئلا يشكل بما مر فيما لو قذف أجنبية ، ثم تزوجها ، ثم قذفها بزنا آخر من أن الحد يتعدد فإن لم تطلب حد القذف الأول حتى أبانها قال البلقيني صوابه حتى قذفها فإن لاعن للأول قبل القذف الثاني أو بعده عزر للثاني للإيذاء ولا يحد إذ بلعانه سقطت حصانتها في حقه وإلا أي : وإن لم يلاعن الأول حد حدين لاختلاف القذفين في الحكم وهو محمول على ما إذا أضاف الزنا إلى حالة البينونة أخذا مما مر ا هـ سقته مع طوله لكثرة فوائده وإيضاحه المقام مع اختصار الشارح فيه ا هـ



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( فصل ) له اللعان لنفي ولد ( قول المتن لنفي ولد ) ولو من وطء شبهة أو نكاح فاسد ا هـ المغني ( قوله : بل يلزمه ) إلى قوله والخوض في المغني وإلى الفصل في النهاية ( قوله : بل يلزمه إذا علم ) فيه ما مر قريبا ا هـ رشيدي عبارة المغني .

                                                                                                                              ( تنبيه )

                                                                                                                              قضية قوله أنه لا يجب وإن علم أنه ليس منه وليس مرادا بل يجب في هذه الحالة كما علم مما مر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : إذا علم إلخ ) أي : أو ظن ظنا مؤكدا كما مر ا هـ رشيدي أي : وكما يأتي ( قوله : ولو أقام بينة إلخ ) غاية معطوفة على وإن عفت إلخ ( قوله : لحاجته إليه ) أي : إلى اللعان لنفي الولد تعليل للمتن والشارح معا ( قوله : من حاجته ) أي إلى اللعان ( قوله : بل يلزمه إن صدق ) فيه ما مر أيضا قريبا ا هـ رشيدي عبارة المغني تنبيه قضيته أنه لا يجب في هذه الحالة وبه صرح الماوردي ولكن الذي صرح به ابن عبد السلام في القواعد وهو أقعد الوجوب دفعا للحد والفسق عنه ، وهل وجب الحد في هذه الحالة على الملاعن ، ثم سقط باللعان أو لم يجب أصلا احتمالان للإمام والأول أوجه ا هـ رشيدي ( قوله : إظهارا لصدقه ) أي : المترتب عليه دفع عار الحد والفسق وغير ذلك ، وأما قوله ومبالغة إلخ فلا يظهر له دخل في اللزوم ا هـ رشيدي ( قوله : ولدفع تعزيره ) قال شيخنا الشهاب البرلسي والظاهر أن الفرقة تثبت بهذا اللعان وأنه يفعل ذلك وإن زال النكاح انتهى ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله : لكونها ذمية مثلا ) عبارة المغني كقذف زوجته الأمة أو الذمية وصغيرة يمكن جماعها ويسمى هذا تعزير تكذيب أيضا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لصدقه ظاهرا ) كيف يأتي هذا إذا رماها بغير الذي ثبت مع أن الحكم كذلك ا هـ سم ، وقد يقال ذلك من تعزير التكذيب الآتي ( قوله : مع امتناعها ) كأنه احتراز عما لو لاعنت ، ثم قذفها بزنا آخر فإنه يحد ا هـ سم ( قوله : منه ) أي : اللعان ( قوله : وهو ظاهر ) أي : صدقه ( قوله : أو لكذبه إلخ ) عطف على قوله لصدقه ظاهرا ا هـ ع ش ( قول المتن لا توطأ ) خرج التي توطأ . عبارة الروض مع شرحه ، وكذا أي له اللعان لدفع تعزير وجب لتكذيبه ظاهرا بأن قذف زوجته غير المحصنة ولم يعلم كذبه ولم يظهر صدقه كقذف صغيرة توطأ ومجنونة لكن لا يلاعن لدفع تعزيره لهما حتى تكملا بالبلوغ والإفاقة وتطالبا انتهت ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله : وكقذف كبيرة ) إلى قوله وما عدا هذين فيه ركة وتعقيد . عبارة المغني أي لا يمكن وطؤها فإنه لا يلاعن لإسقاطه وإن بلغت وطالبته للعلم بكذبه فلم يلحق بها عارا بل يعزر تأديبا على الكذب حتى لا يعود للإيذاء ، ومثل ذلك ما لو قال زنى بك ممسوح أو ابن شهر مثلا أو [ ص: 226 ] قال لرتقاء أو قرناء زنيت فإنه يعزر للإيذاء ولا يلاعن وهذا ظاهر إذا صرح بالفرج فإن أطلق فينبغي أن يسأل عند دعواها عن إرادته فإن وطأها في الدبر ممكن فيلحق العار بها ويترتب على جوابه حكمه زاد النهاية وتعزير التأديب يستوفيه القاضي للطفلة إلخ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : نحو قرناء ) نعت كبيرة ( قوله : أو بوطء نحو ممسوح ) أي : أو قذف بوطء إلخ ( قوله : فلا يلاعن ) تفريع على ما في المتن ( قوله : لإسقاطه ) أي : تعزير التأديب ( قوله : وإن بلغت ) أي : الطفلة ( قوله : فلا يمكن ) من التمكين ( قوله : وإنما زجر إلخ ) جواب سؤال منشؤه قوله إذ لا عار إلخ ( قوله : حتى لا يعود للإيذاء ) أي لما من شأنه الإيذاء وإلا فلا إيذاء في القذف المذكور أو المراد مطلق الإيذاء أي حتى لا يعود لإيذاء أحد ا هـ رشيدي أقول أو المراد إيذاء أهلها ( قوله : ومن ثم ) راجع إلى قوله وإنما زجر إلخ ( قوله : يستوفيه القاضي للطفلة ) ظاهره ولو مع وجود ولي لم يطلب سم على حج ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : من الأول ) أي : ما في قوله ولدفع تعزيره ا هـ كردي والأصوب وهو اللعان لحد القذف إلخ ( قوله : وما عدا ، وقوله : أعني ما ) الأولى فيهما من ( قوله أعني ما علم إلخ ) تفسير لهذين وما علم صدقه كقذف من ثبت زناها ببينة إلخ وما علم كذبه كقذف الطفلة وما عداهما هو ما لم يعلم صدقه ولا كذبه كقذف زوجته غير المحصنة ( قوله : وهو ) أي : تعزير التكذيب ( قوله : من جملة المستثنى منه ) عبر بمن جملة ؛ لأن هذين منها أيضا فتأمله إلا أن فيه لعانا ؛ لأنه من الباقي بعد الاستثناء بخلاف هذين ( قوله : ولا يستوفى ) أي : تعزير التكذيب ا هـ ع ش ( قوله : إلا بطلب المقذوف ) ظاهره ولو غير كامل فيؤخر إلى كماله ا هـ سم




                                                                                                                              الخدمات العلمية