الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأصل الدين هو عبادة الله ، الذي أصله الحب والإنابة والإعراض عما سواه ، وهو الفطرة التي فطر عليها الناس ، وهذه المحبة التي هي أصل الدين انحرف فيها فريق من منحرفة الموسوية من الفقهاء والمتكلمين ، حتى أنكروها وزعموا أن محبة الله ليست إلا إرادة عبادته . ثم كثير منهم تاركون للعمل بما أمروا به ، فيأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم ، وهذا فاش فيهم ، وهو عدم المحبة والعمل . وفريق من منحرفة العيسوية من الصوفية والمتعبدين ، حتى خلطوها بمحبة ما يكرهه ، وأنكروا البغض والكراهية ، فلم ينكروا شيئا ولم يكرهوه ، أو قصروا في الكراهة والإنكار ، وأدخلوا فيها الصور والأصوات ومحبة الأنداد . [ ص: 95 ]

ولهذا كان لغواة الأولين وصف الغضب واللعنة الناشئ عن البغض ، لأن فيهم البغض دون الحب ، وكان لضلال الآخرين وصف الضلال والغلو ، لأن فيهم محبة لغير معبود صحيح ، ففيهم طلب وإرادة ومحبة ، لكن لا إلى مطلوب صحيح ولا مراد صحيح ولا محبوب صحيح ، بل قد خلطوا وغلوا وأشركوا ، ففيهم محبة الحق والباطل ، وهو وجود المحبوب والمكروه ، كما في الآخرين بغض الحق والباطل ، وهو دفع المحبوب والمكروه .

والله سبحانه يهدينا صراطه المستقيم ، فنحمد من هؤلاء محبة الحق والاعتراف به ، ومن هؤلاء بغض الباطل وإنكاره . [ ص: 96 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية