الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويصح بيع لصبرة ) من أي نوع كانت ( المجهولة الصيعان ) والقطيع المجهول العدد والأرض أو الثوب المجهولة الذرع ( كل ) بالنصب على القطع لامتناع البدلية لفظا ومحلا ؛ لأن البدل يصح الاستغناء [ ص: 260 ] عنه أما بدل الاشتمال فواضح بل شرطه عدم اختلال الكلام لو حذف البدل ، وأما بدل الكل فلجواز حذف المبدل منه عند ابن مالك وغيره كالأخفش ، وهنا لا يصح الاستغناء عن الأول ولا عن الثاني ؛ لأن الشرط ذكر كل من الصبرة وكل صاع بدرهم وحينئذ فالتقدير على القطع ويصح بيع الصبرة المذكورة مع ذكره كل صاع بدرهم عقب ذكرها . ووجه التقييد بهذه المعية رد ما يتوهم من عدم الصحة لجهالتها وجهالة الثمن كما يفيده تعليلهم الآتي .

                                                                                                                              ( تنبيه ) بما قررت به وجه النصب يندفع زعم أنه على المفعولية لبيع ووجه اندفاعه استلزامه أنه مفعول ثان ، وواضح أنه لا يصلح له ؛ لأنه عين المفعول الأول الذي هو الصبرة في الحقيقة ، وإنما غايته أنه تفصيل له .

                                                                                                                              واعلم أنه يترتب على ما تقرر أنه لا بد من ذكرهما أعني الصبرة وكل صاع بدرهم أنه لو اقتصر على بعتك كل صاع بدرهم أي ، وأشار إلى الصبرة بنحو يده لم يصح ، وهو متجه ويؤيده فرقهم بين الصحة هنا وعدمها في بعتك من هذه كل صاع بدرهم وكل صاع بدرهم من هذه بأنه في هذه لم يضف البيع لجميع الصبرة بل لبعضها المحتمل للقليل والكثير فلا يعلم قدر المبيع تحقيقا ولا تخمينا بخلافه في مسألة المتن وحينئذ فبحث بعضهم الصحة في صورة الاقتصار المذكورة غير صحيح لا سيما مع حذفه قولي أي ، وأشار إلخ ؛ لأنه فيها لم يضف البيع لجميع الصبرة فكان قوله : كل صاع بدرهم غير مفيد لتعيين المبيع ومثل تلك الإشارة هنا غير مفيد تعيينا له كما هو واضح ويؤخذ من الفرق المذكور صحة بعتك هذه الصبرة كل صاع منها بدرهم ، ولا يضر ذكر من هنا ؛ لأن إضافة البيع لجميع الصبرة تلغي النظر للتبعيض الذي تقيده ويؤيده ما أفاده ذلك الفرق أيضا أن محل البطلان في بعتك منها كل صاع بدرهم إن نوى بمن التبعيض أو أطلق بخلاف ما لو أراد بها البيان فيصح ؛ لأن التقدير حينئذ شيئا هو هذه فتأمله ( صاع ) أو رأس أو ذراع ( بدرهم ) لمشاهدة المبيع وجهالة الثمن زالت بتفصيله فلا غرر كالبيع بجزاف مشاهد ويتجه فيما إذا خرج بعض صاع صحة البيع فيه بحصته من الدرهم وفارق بيع القطيع كل شاة بدرهم فبقي بعض شاة بأن خرج باقيها لغيره فإن البيع يبطل فيه بأنه يتسامح في التوزيع على المثلي لعدم النظر فيه إلى القيمة بما لم يتسامح به في التوزيع على المتقوم ومن ثم لو قال بعتك هذا القطيع أو الثياب مثلا كل اثنين مثلا بدرهم بطل ؛ لأن فيه توزيع الدرهم على قيمتهما ، وهي مختلفة غالبا فيؤدي للجهل .

                                                                                                                              [ ص: 261 ] وخرج ببيع الصبرة بيع بعضها كما لو باع منها كل صاع بدرهم فلا يصح للجهل .

                                                                                                                              ( ولو باعها ) أي الصبرة ومثلها ما ذكرناه ( بمائة درهم كل صاع ) أو رأس أو ذراع ( بدرهم صح ) البيع ( إن خرجت مائة ) لموافقة الجملة التفصيل فلا غرر ( وإلا ) تخرج مائة بل أقل أو أكثر ( فلا ) يصح البيع ( على الصحيح ) لتعذر الجمع بينهما واعترض حكما وخلافا بأن الأكثرين على الصحة وبأنها هي الحق إذ لا تعذر بل إن خرجت زائدة فالزيادة للمشتري ولا خيار للبائع لرضاه ببيع جميعها أو ناقصة خير المشتري فإن أجاز فبالقسط ويؤيده ما لو باع صبرة بر بصبرة شعير مكايلة فإن البيع يصح ، وإن زادت إحداهما ثم إن توافقا فذاك ، وإلا فسخ وفرق الأولون بأن الثمن هنا عينت كميته فإذا اختل عنها صار مبهما بخلافه ثم ويفرق أيضا بأن مكايلة وقع مخصصا لما قبله ومبينا أنه لم يبع إلا كيلا في مقابلة كيل ، وهذا لا تنافيه الصحة مع زيادة إحداهما بخلاف ما هنا فإن الزيادة أو النقص يلغي قوله بمائة أو كل صاع بدرهم [ ص: 262 ] فأبطل ويتخير البائع في الزيادة والمشتري في النقص أيضا في بعتك هذا على أن قدره كذا فزاد أو نقص والمشتري فقط إن زاد فإن نقص فعلي ، وإن زاد فلك فإن أجاز فبكل الثمن ، وإنما لم يتخير البائع هنا في الزيادة ؛ لأنها داخلة في المبيع كما دل عليه كلامه ويؤيده ما مر في على أن لي نصفه أنه بمعنى إلا نصفه فكذا المعنى هنا بعتك هذا الذي قدره كذا وما زاد عليه .

                                                                                                                              ( فرع ) لو اعتيد طرح شيء عند نحو الوزن من الثمن أو البيع لم يعمل بتلك العادة ثم إن شرط ذلك في العقد بطل وعليه يحمل كلام المجموع ، وإلا فلا ، ومر صحة بعتك هذا بكذا على أن لي نصفه ؛ لأنه بمعنى إلا نصفه فيأتي نظيره هنا ولا يصح بيعه ثلاثة أذرع مثلا من أرض ليحفرها ويأخذ ترابها ؛ لأنه لا يمكن أخذ تراب الثلاثة إلا بأكثر منها ويأتي في اختلاف المتبايعين أن الذراع يحمل على ماذا .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : بالنصب ) يجوز الجر أيضا ولعل الوجه أن النصب على البدلية من الصبرة على محله ولعله مراده ، وإلا لم يصح ؛ لأن بيع استوفى مفعوله بإضافته إليه فلم يبق له مفعول إلا بطريق التبعية ؛ لأن المبيع المعمول للبيع لا يكون إلا واحدا لا يقال يمنع من البدلية أن المبدل منه على نية الطرح ؛ لأنا نقول هذا فاسد ؛ لأن كونه على نية الطرح ليس معناه أنه ساقط الاعتبار رأسا كما يسبق إلى أفهام الضعفة بل معناه أنه غير مقصود بالذات بل ذكر توطئة للبدل بل قد يتوقف عليه المعنى المقصود كما في قوله تعالى { وجعلوا لله شركاء الجن } ويمكن أن يكون النصب على الحال كما في بعه مدا بكذا ولعل [ ص: 260 ] الأول أولى ؛ لأنه أدل على المراد من ذكر هذا البدل في العقد فتأمله .

                                                                                                                              ( قوله : إذا خرج بعض صاع ) يتبادر من ذلك تصوير المسألة بما إذا خرجت صيعانا وبعض صاع فلو خرجت بعض صاع فقط فهل يصح البيع ببعض درهم أو لا لعدم صدق كل صاع بدرهم ؟ . فيه نظر ( قوله : كل اثنين مثلا بدرهم بطل ؛ لأن فيه إلخ ) قد يقال قضيته [ ص: 261 ] أنه لو باعه شاتين بدرهم بطل ، وهو في غاية البعد لاتحاد المالك والتوزيع إنما ينظر إليه إذا اختلف المالك بل صرحوا بصحة ذلك في قولهم في الوكالة لو وكله في شراء شاة بدينار فاشترى به شاتين بالصفة صح إن ساوت إحداهما دينارا أخذا من قضية عروة البارقي .

                                                                                                                              فإن قلت وجه البطلان أن الصفة متعددة لتفصيل الثمن فكل شاتين مبيعتين في عقد ، وهما مجهولتان قلت فيلزم البطلان أيضا في كل شاة بدرهم للجهل المذكور والفرق بأن الجهل في كل شاتين أقوى منه في كل شاة غير قوي كما لا يخفى فليراجع ، وقد يفرق بين البطلان في بيع القطيع كل شاتين بدرهم وبين الصحة في بيع شاتين بدرهم بأن العقد في الأول متعدد أو بمنزلته وكل واحد من تلك العقود لم يرتبط بشاتين معينتين بل بشاتين مبهمتين مع شدة الاختلاف به بين الشياه ولا كذلك في الثاني لتعين الشاتين فيه .

                                                                                                                              ( تنبيه ) في العباب لو باع الرزمة كل ثوب منها بدرهم على أنها عشرة أثواب فبانت تسعة صح فيها بتسعة دراهم أو أحد عشر بطل في الكل . انتهى . وهذا منقول عن الماوردي وعلله بأن الثياب تختلف فلا يمكن جعل الزائد مشاعا في جميعها بخلاف الأرض والثوب ثم قال في العباب ولو باع صبرة أو أرضا أو ثوبا أو قطيعا أي من الغنم مثلا على أنه كذا فزاد أو نقص صح البيع ويتخير البائع إن زاد والمشتري إن نقص . انتهى . فليتأمل الفرق بين صور القطيع وما تقدم عن الماوردي فإن الغنم تختلف أيضا ولم صح البيع عند الزيادة في الكل هنا وبطل في الكل هناك ومجرد كل ثوب منها بدرهم هل يفرق .

                                                                                                                              ( فرع ) في المهذب أنه لو باعه ثوبا ظنه خمسة أذرع فبان عشرة تخير . انتهى . ولا يخفى إشكاله ولو حمل على ثوب اعتيد أن مثله خمسة كان قريبا ( قوله : لا تنافيه الصحة إلخ ) قد يقال بل تنافيه إذ لا يصدق عند الزيادة أو النقص أنه باع كيلا في مقابلة كيل ( قوله : يلغى قوله : بمائة ) قد يقال وزيادة أحدهما ثم يلغى قوله : بعتك [ ص: 262 ] هذه الصبرة بتلك الصبرة مكايلة ؛ لأنه صريح في ورود البيع على جميع كل واحدة ، وأن كل كيل من كل مقابل لمثله من الأخرى ( قوله : والمشتري فقط ) أي في النقص كما هو ظاهر . وقوله : إن زاد أي البائع أي زاد على قوله بعتك هذا على أن قدره كذا ( قوله : كما دل عليه كلامه ) أي بقوله ، وإن زاد فلك ( قوله : ويؤيده ما مر ) أشار إلى [ ص: 263 ] ما ذكره قبيل ، وأن يقبل على وفق الإيجاب بقوله ويصح بعتك هذا بكذا على أن لي نصفه ؛ لأنه بمعنى إلا نصفه . انتهى . وسيذكره آنفا بقوله ، وهو إلخ .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : من أي نوع ) إلى قوله على القطع في النهاية والمغني ( قوله : من أي نوع ) أي ، وإن لم يكن من أنواع الطعام بدليل أنه لم يجعل قسيم ذلك إلا القطيع والأرض والثوب فما في حاشية الشيخ ع ش من أن المراد من أي نوع من أنواع الطعام نظر فيه إلى مجرد المعنى اللغوي من أن الصبرة هي الكوم من الطعام . ا هـ رشيدي أي وتقدم في الشرح أن المراد من الصبرة هنا كل متماثل الأجزاء قول المتن ( المجهولة الصيعان ) أي للمتعاقدين نهاية ومغني أي أو أحدهما ( قوله : والقطيع إلخ ) عطف على الصبرة ( قوله : بالنصب ) ويجوز الجر أيضا ولعل الوجه أن النصب على البدلية من الصبرة على محله ولعله مراده ، وإلا لم يصح ؛ لأن بيع استوفى مفعوله بإضافته إليه فلم يبق له مفعول إلا بطريق التبعية ؛ لأن المبيع المعمول للبيع لا يكون إلا واحدا لا يقال يمنع من البدلية أن المبدل منه على نية الطرح ؛ لأنا نقول هذا فاسد ؛ لأن كونه على نية الطرح ليس معناه أنه ساقط الاعتبار رأسا كما يسبق إلى أفهام الضعفة بل معناه أنه غير مقصود بالذات بل ذكر توطئة للبدل بل قد يتوقف عليه المعنى المقصود كما في قوله تعالى { وجعلوا لله شركاء الجن } ويمكن أن يكون النصب على الحال كما في بعه مدا بكذا ولعل الأول أولى ؛ لأنه أدل على المراد من ذكر هذا البدل في العقد فتأمله . ا هـ . سم عبارة المغني والنهاية قال الشارح بنصب كل أي على تقدير بعتك الصبرة ويصح جره على أنه بدل من الصبرة ، وإنما صح هذا البيع لأن المبيع مشاهد ولا يضر الجهل بجملة الثمن في حال العقد وفارق عدم الصحة فيما لو باع ثوبا بما رقم أي كتب عليه من الدراهم المجهولة القدر بأن الغرر منتف في الحال ؛ لأن ما يقابل كل صاع معلوم القدر حينئذ بخلافه في تلك ا هـ قال ع ش قوله : م ر المجهولة القدر أي للعاقدين أو أحدهما . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : على القطع ) أي عن البدلية ، وقال الكردي أي على أنه قطع النعت عن المنعوت ، والشروط المذكورة في النحو للنعت التابع لا النعت المقطوع كما في الرضي ، والعامل في نصبه الذكر المقدر الآتي في قوله مع ذكره أي ذكر [ ص: 260 ] البائع كل صاع إلخ . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : عنه ) الأولى فيه أي في التركيب المشتمل عليه كما يفيده قوله : الآتي ، وأما بدل الكل إلخ ( قوله : أما بدل الاشتمال ) أي امتناع بدل الاشتمال ( قوله : بل شرطه عدم اختلال الكلام إلخ ) أي ، وهنا يختل الكلام بحذفه كما يأتي ( قوله : وهنا لا يصح ) أي حذف واحد منهما ( قوله : ويصح إلخ ) خبر فالتقدير إلخ ( قوله : مع ذكره كل صاع إلخ ) لعله حل معنى ، وإلا فالظاهر أن التقدير ذاكرا كل إلخ ( قوله : ووجه التقييد بهذه المعية إلخ ) لا يخفى ما فيه ( قوله : رد ما يتوهم إلخ ) ووجه الرد أن الثمن معلوم بالتفصيل ( وقوله : كما يفيده ) أي الرد . ا هـ . كردي ( قوله : بما قررت به إلخ ) محل تأمل ( قوله : لبيع ) أي المضاف إلى الصبرة ( قوله : استلزامه ) أي النصب على المفعولية ( وقوله : لا يصلح له ) أي ؛ لأن يكون مفعولا ثانيا ( قوله : أنه لا بد إلخ ) بيان لما تقرر ، ( وقوله : أنه لو اقتصر إلخ ) فاعل يترتب ( قوله : ويؤيده ) أي عدم الصحة ( وقوله : هنا ) أي في مسألة المتن ( قوله : لأنه إلخ ) تعليل لقوله غير صحيح ( قوله : ؛ لأن إضافة البيع إلخ ) لعل الأولى أن يقول ؛ لأن التبعيض الذي أفادته من في التفصيل مقصود حتى في مسألة المتن ( قوله : ويؤيده ) أي الصحة أو عدم المضرة ( قوله : أن محل إلخ ) بيان لما أفاده إلخ ( قوله : بخلاف ما لو أراد بها البيان ) قد يقال يلزم عليه حذف المبين ، وتقديره وينبغي أن يراجع في فنه . ا هـ . بصري أقول جوزه الرضي لكن بشرط ذكر بدله مع الجار والمجرور وكذا يلزم على البيان أيضا أن الإشارة السابقة لا تتقاعد عنه في إفادة التعيين ( قوله : فلا غرر إلخ ) ولو قال بعتك صاعا منها بدرهم وما زاد بحسابه صح في صاع فقط إذ هو المعلوم أو بعتكها ، وهي عشرة آصع كل صاع بدرهم وما زاد بحسابه صح في العشرة فقط لما مر بخلاف ما لو قال فيهما على أن ما زاد بحسابه لم يصح ؛ لأنه شرط عقد في عقد نهاية ومغني ( قوله : كالبيع لجزاف مشاهد إلخ ) عبارة النهاية كما إذا باع بثمن معين جزافا . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ويتجه إلخ ) وفاقا للنهاية ( قوله : ويتجه إلخ ) أي في صورة المتن رشيدي و ع ش ( قوله : فيما إذا خرج إلخ ) يتبادر من ذلك تصوير المسألة بما إذا خرجت صيعانا وبعض صاع فلو خرجت بعض صاع فقط فهل يصح البيع ببعض درهم أو لا لعدم صدق كل صاع بدرهم فيه سم على حج أقول ولا يبعد الصحة ؛ لأن المقصود تقدير ما يقابل قدر الصاع . ا هـ ع ش أقول بل المتبادر من كلام الشارح التصوير الثاني في كلام سم كما جرى عليه الكردي عبارته قوله : إذا خرج أي الصبرة والتذكير باعتبار المبيع . ا هـ . كردي ( قوله : بأنه يتسامح في التوزيع إلخ ) قضيته البطلان فيما لو كان المبيع أرضا أو ثوبا كل ذراع بدرهم فخرج بعض ذراع اللهم إلا أن يقال إنما بطل في مسألة الشاة لما فيه من ضرر الشركة الحاصلة فيها . ا هـ . ع ش ( قوله : كل اثنين مثلا بدرهم بطل إلخ ) قد يقال قضيته أنه لو باعه شاتين بدرهم بطل ، وهو في غاية البعد لاتحاد المالك ، والتوزيع إنما ينظر إليه إذا اختلف المالك بل صرحوا بصحة ذلك في قولهم في الوكالة لو وكله في شراء شاة بدينار فاشترى به [ ص: 261 ] شاتين بالصفة صح إن ساوت إحداهما دينارا أخذا من قضية عروة البارقي ، وقد يفرق بين البطلان في بيع القطيع كل شاتين بدرهم وبين الصحة في بيع شاتين بدرهم بأن العقد في الأول متعدد أو بمنزلته وكل واحد من تلك العقود لم يرتبط بشاتين معينتين بل بشاتين مبهمتين مع شدة الاختلاف بين الشياه ولا كذلك في الثاني لتعين الشاتين فيه .

                                                                                                                              ( فرع ) في المهذب أنه لو باعه ثوبا ظنه خمسة أذرع فبان عشرة تخير . انتهى . ولا يخفى إشكاله ، ولو حمل على ثوب اعتيد أن مثله خمسة كان قريبا . ا هـ . سم ( قوله : وخرج ببيع الصبرة إلخ ) يغني عنه قوله المار : وعدمها في بعتك من هذه كل صاع إلخ ( قوله : بيع بعضها ) أي المبهم بخلاف بيع نحو ربعها أو بيعها إلا ربعها مشاعا فقد تقدم عن سم أنه صحيح ، وإن كانت الصبرة مجهولة الصيعان ( قوله : كما لو باع إلخ ) الكاف للتشبيه . ا هـ . كردي قول المتن ( ولو باعها إلخ ) أي قابل جملة الصبرة أو نحوها كأرض وثوب بجملة الثمن وبعضها بتفصيله كأن باعها أي الصبرة أو الأرض أو الثوب بمائة درهم إلخ مغني ونهاية ( قوله : ومثلها ما ذكرناه ) أي القطيع والأرض والثوب . ا هـ . كردي ( قوله : بأن الأكثرين على الصحة إلخ ) نشر على غير ترتيب اللف ( قوله : بل أقل أو أكثر ) أطلقوا الزيادة والنقص هنا وفيما يأتي من نظائره فهل هو على إطلاقه أو محمول على ما لا يقع من التفاوت بين الكيلين غالبا ، وأما ما يقع بين الكيلين فمغتفر كما ذكروه في مواضع ينبغي أن يحرر . ا هـ بصري .

                                                                                                                              ولعل الأقرب الثاني كما يومئ إليه كلامه ( قوله : ويؤيده ) إلى قوله والمشتري فقط في المغني إلا قوله : ويفرق إلى ويتخير ، وإلى المتن في النهاية إلا قوله ومر صحة إلى ولا يصح ( قوله : ويؤيده ) أي مقابل الصحيح الذي قال به الأكثرون ( قوله : مكايلة ) أي صاعا بصاع . ا هـ . مغني ( قوله : ثم إن توافقا إلخ ) أي المتبايعان بأن سمح رب الزائدة بها أو رضي رب الناقصة بأخذ قدرها من الأخرى أقر البيع إن تشاحا فسخ ع ش ومغني ( قوله : بأن الثمن هنا ) أي في كلام المصنف ( وقوله : بخلافه ثم ) أي فإن الثمن لم تعين كميته بل قوبلت إحدى الصبرتين مجملة بالأخرى فأشبه ما لو قال بعتك هذه الصبرة بشرط تساويهما فكان كما لو قال بعتك هذا العبد بشرط كونه كاتبا فلم يكن كذلك فإن البيع صحيح ويثبت الخيار إذا أخلف الشرط . ا هـ . ع ش ( قوله : وهذا لا تنافيه الصحة ) قد يقال بل تنافيه إذ لا يصدق عند الزيادة أو النقص أنه باع كيلا في مقابلة كيل . ا هـ . سم ( قوله : يلغى قوله : بمائة إلخ ) قد يقال وزيادة إحداهما ثم يلغى قوله : بعتك هذه [ ص: 262 ] الصبرة بتلك الصبرة مكايلة ؛ لأنه صريح في ورود البيع على جميع كل واحدة ، وأن كل كيل من كل مقابل لمثله من الأخرى . ا هـ . سم .

                                                                                                                              ( قوله : يلغى قوله : بمائة أو كل صاع ) يعني كل من الزيادة والنقص يقتضي إلغاء واحد من هذين القولين ويحتمل أنه نشر على غير ترتيب اللف ، وهو الأقرب ( قوله : فأبطل ) أي عدم خروج الصبرة مائة ( قوله : ويتخير البائع إلخ ) ظاهر فيما لو كان المبيع ثوبا ، وأرضا أما لو كان أشياء متعددة كالثياب فيبطل البيع إن خرج زائدا على ما قدره ويصح بقسطه من المسمى إن نقص وعبارة سم على البهجة قال في الكفاية لو قال بعتك هذه الرزمة كل ثوب بدرهم على أنها عشرة أثواب ، وقد شاهد كل ثوب منها فخرجت تسعة صح ولزمه تسعة دراهم ، وإن خرجت أحد عشر قال الماوردي بطل في الكل قطعا بخلاف الأرض والثوب إذا باعه مزارعة ؛ لأن الثياب تختلف فلا يمكن جعل الزائد شائعا في جميعها وما زاد في الأرض مشبه لباقيه فأمكن جعله مشاعا في جميعها . ا هـ . وقال في العباب ولو باع صبرة أو أرضا أو ثوبا أو قطيعا على أنه كذا فزاد أو نقص صح البيع ويتخير البائع إن زاد والمشتري إن نقص ا هـ فليحرر الفرق بين ذلك وما تقدم في الرزمة ولا سيما والقطيع شديد التفاوت كأثواب الرزمة أو أشد ومجرد تفصيل الثمن أو إجماله لا يظهر الفرق به ولعل الفرق بين الرزمة وغيرها ما قدمناه من أن الرزمة لما كانت أشياء متعددة غلب فيها التفاوت ولا كذلك الثوب الواحد مثلا . ا هـ . ع ش ولا يخفى أن هذا الفرق لا يدفع الإشكال بالقطيع ( قوله : ويتخير البائع في الزيادة إلخ ) فإن قال المشتري للبائع لا تفسخ ، وأنا أقنع بالقدر المشروط أو أنا أعطيك ثمن الزائد لم يسقط خيار البائع ولا يسقط خيار المشتري بحط البائع من الثمن قدر النقص ، وإذا جاز فبالمسمى فقط . ا هـ . مغني ( قوله : أيضا ) أي كتخير المشتري على مقابل الصحيح الذي قال به الأكثرون . ا هـ . رشيدي ، وقال الكردي أي كما في صورة المكايلة . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : والمشتري فقط ) أي في النقص كما هو ظاهر . ا هـ . سم ( قوله : إن زاد إلخ ) أي زاد البائع على قوله بعتك هذا على أن قدره إلخ قوله : فإن نقص إلخ فيتخير المشتري في صورة النقص بين الفسخ والإجازة بكل الثمن ويلغى قول البائع فإن نقص فعلي وكان وجهه أنه صيغة وعد ، وأما الزيادة فليس دخولها بقوله ، وإن زاد فلك ، وإنما دخولها لشمول قوله بعتك هذه لها . ا هـ . بصري ( قوله : كما دل عليه كلامه ) أي قوله : إن زاد فلك . ا هـ . سم ولعل ما مر آنفا عن البصري أحسن من هذا ( قوله : ويؤيده ما مر ) أي قبيل ، وأن يقبل على وفق الإيجاب وسيذكره آنفا لقوله ومر صحة إلخ . ا هـ . سم ( قوله : طرح شيء ) لعل المراد ما يشمل النقص والزيادة أخذا مما يأتي عن ع ش آنفا ، وإن كان المتبادر الأول ( قوله : من الثمن ) أي كما لو اشترى بقرش مثلا ودفع له تسعة وعشرين نصفا . ا هـ . ع ش ( قوله : لم يعمل بتلك العادة ) ومنه ما جرت به العادة الآن من طرح قدر معتاد بعد الوزن ويختلف باختلاف الأنواع كحطهم لكل مائة رطل خمسة مثلا من السمن أو الجبن ، وهل يكون حكمه حكم الأمانة عنده أو حكم الغصب ؟ . فيه نظر والأقرب الثاني ويجب عليه أن يميز الزائد ويتصرف فيما عداه أخذا مما قالوه في باب الغصب من أنه لو اختلط ماله بمال غيره وجب عليه فعل ذلك وطريق الصحة في ذلك أن يقول البائع بعتك المائة والخمسة مثلا بكذا . ا هـ . ع ش قال البجيرمي قوله : والأقرب الثاني الظاهر أنه محمول على الجاهل ، وقوله : وطريق الصحة إلخ قد يقال إن هذا القدر المطروح صار معلوما عند غالب الناس فهو مما يتسامح به لعلمهم به مع إقرارهم القباني على ذلك ، وهذا يخرجه عن حكم الغصب فليحرر . ا هـ .

                                                                                                                              وهذا ظاهر إن لم يعتقد الطارح لزوم الطرح ولو بالحياء ( قوله : ولا يصح بيعه ثلاثة أذرع إلخ ) لعل الصورة أن الثلاثة أذرع في الطول والعرض والسمك ، وإلا جاء البطلان من جهة الجهل أيضا وسيأتي في كلام الشارح م ر تعليل البطلان هنا أيضا بأن تراب الأرض مختلف فلا تكفي رؤية ظاهره عن باطنه . ا هـ . رشيدي ( قوله : الثمن ) إلى قوله أو سمعه في المغني ، وإلى قول المتن دون ما يتغير في النهاية إلا قوله ليلا ، وقوله وعبارته إلى قلت ، وقوله : وكذا البائع إلى المتن .




                                                                                                                              الخدمات العلمية