الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

وأما الحنفيون فقد قال من يحتج لهم : إذا عم البلوى ، كثر السؤال ، وإذا كثر السؤال ، كثر الجواب ، ويكون النقل على حسب البيان ، فإذا نقل خاصا علم أنه لا أصل له .

وهذا عندنا غير صحيح والدليل على وجوب قبوله ، أنه خبر عدل فيما يتعلق بالشرع مما لا طريق فيه للعلم ولا يعارضه مثله ، فوجب [ ص: 363 ] العمل به قياسا على ما لا تعم به البلوى ، ولأن شروط البيوع والأنكحة ، وما يعرض في الوضوء مما خرج من غير السبيلين ، والمشي مع الجنازة ، وبيع رباع مكة وإجارتها ، ووجوب الوتر ، وما أشبه ذلك قد أثبته المخالف بخبر الواحد وهو مما تعم به البلوى .

فأما قوله : أن السؤال يكثر عنه ، فالجواب عنه : أن النقل لا يجب أن يكون على حسب البيان ؛ لأن الصحابة كانت دواعيهم مختلفة ، وكان بعضهم لا يرى الرواية ويؤثر عليها الاشتغال بالجهاد ، وقال السائب بن يزيد : " صحبت سعد بن أبى وقاص من المدينة إلى مكة ، فلم أسمعه يروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثا " ، وروي : " إلا حديثا حتى رجع " .

وجواب آخر : وهو أنه يجوز أن يتعبد الله تعالى فيما تعم به البلوى بالظن ، ورجوع العامة إلى اجتهاد أهل العلم ، فيلقي الرسول - صلى الله عليه وسلم - الحكم إلقاء خاصا فلا يظهر ، ويكون من بلغه خبره يلزمه حكمه ، ومن لم يبلغه خبره يكون مأمورا بالاجتهاد ، وطلب ذلك الحكم من جهة الخبر .

على أن ما ذكره المخالف يبطل بما وصفناه من الأحكام التي أثبتها من طريق الآحاد ، وكل جواب له عنها فهو جوابنا عما ذكره .

[ ص: 364 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية