الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              [ ص: 393 ] ( باب ) في حكم المبيع ونحوه قبل قبضه وبعده والتصرف فيما له تحت يد غيره وبيان القبض والتنازع فيه وما يتعلق بذلك

                                                                                                                              ( المبيع ) دون زوائده المنفصلة ومثله في جميع ما يأتي الثمن كما سيذكره بقوله : والثمن المعين كالمبيع ( قبل قبضه ) الواقع عن البيع ( من ضمان البائع ) بمعنى انفساخ البيع بتلفه ، أو إتلاف البائع والتخيير بتعيبه ، أو تعييب غير مشتر وإتلاف أجنبي لبقاء سلطنته عليه ، وإن قال للبائع أودعتك إياه وقولهم إن إيداع من يده ضامنة يبرئه مفروض في ضمان اليد وما هنا ضمان عقد أو عرضه على المشتري فامتنع من قبوله ما لم يضعه بين يديه ، ويعلم به ، ولا مانع له منه ، ومنه أن يكون بمحل لا يلزمه تسلمه فيه كما هو ظاهر .

                                                                                                                              وبحث الإمام أنه لا بد من قربه منه بحيث تناله يده منه من غير حاجة لانتقال ، أو قيام قال : ولو وضعه البائع عن يمينه ، أو يساره ، وهو تلقاء وجهه لم يكن قبضا ا هـ .

                                                                                                                              وما ذكره أولا متجه وآخرا فيه نظر ظاهر ؛ إذ لا فرق ، والذي يتجه أنه متى قرب من المشتري كما ذكر ، ولم يعد البائع مستوليا عليه مع ذلك حصل القبض ، وإن كان عن يمينه مثلا ويأتي ذلك في وضع المدين الدين عند دائنه [ ص: 394 ] أما زوائده الحادثة في يد البائع فهي عنده أمانة ؛ لأن ضمان الأصل بالعقد ، وهو لم يشملها ، ولا وجد منه تعد

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 393 ] باب ) ( قوله : الواقع عن المبيع ) يخرج به نحو قبض المشتري له من البائع وديعة الآتي قريبا فهو مما أريد بقبل القبض أيضا ( قوله : ما لم يضعه بين يديه إلخ ) هذا الوضع يحصل به القبض ، وإن لم يمتنع من قبوله .

                                                                                                                              م ر - [ ص: 394 ] وظاهره حصول القبض بهذا الوضع ، وإن لم يكن خفيفا يتناول باليد ، وقد يخالف ما يأتي إن قبض المنقول بتحويل المشتري ، أو نائبه إلا أن يقال : وضع البائع له بين يديه تحويل منزل منزلة تحويل المشتري ، ويؤيد الإطلاق هنا أن قبض الخفيف الذي يتناول باليد بتناول المشتري له باليد مع أنه كفى وضعه بين يديه كما صرح به هذا الكلام .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( باب في حكم المبيع ونحوه قبل قبضه ) ( قوله : في حكم المبيع ) إلى قول المتن فإن تلف في النهاية إلا قوله : ومنه إلى وبحث ( قوله : ونحوه ) كالثمن المعين ا هـ ع ش أي : والصداق وعوض الخلع والدم في الصلح عنه والأجرة المعينة ( قوله : وبيان القبض والتنازع ) أي : بيان أحكامهما ( قوله : وما يتعلق بذلك ) أي : كبيان ما يفعل إذا غاب الثمن ا هـ .

                                                                                                                              ع ش ( قوله : دون زوائده إلخ ) فإنها أمانة في يده كما يأتي ا هـ ع ش ( قوله : الواقع عن البيع ) يخرج به نحو قبض المشتري له من البائع وديعة الآتي قريبا أي : في قوله : ومن عكسه قبض المشتري له وديعة إلخ فهو مما أريد بقبل القبض أيضا سم على حج أي : أو يقال : يخرج به قبضه له بغير إذن بائعه ، أو بإذنه ، ولم يقبضه القبض الناقل للضمان على ما يأتي فإنه ينفسخ العقد بتلفه في يد المشتري ، وإن ضمنه ضمان يد بالمثل ، أو القيمة ا هـ ع ش قول المتن ( من ضمان البائع ) أي المالك ، وإن صدر العقد من وليه ، أو وكيله ا هـ .

                                                                                                                              ع ش ( قوله : بتلفه ) أي : بآفة و ( قوله والتخيير بتعيبه ) أي : بآفة ( وقوله سلطنته ) أي : البائع ا هـ .

                                                                                                                              ع ش ( قوله : وإن قال للبائع إلخ ) غاية للمتن ( قوله : أودعتك إياه ) أي : وأقبضه له ا هـ .

                                                                                                                              ع ش ( قوله : مفروض في ضمان اليد ) وهو ما يضمن عند التلف بالبدل الشرعي من مثل ، أو قيمة كالمغصوب والمسام والمعار ، وضمان العقد هو ما يضمن بمقابله من ثمن ، أو غيره كالمبيع والثمن المعينين والصداق والأجرة المعينة وغير ذلك ا هـ .

                                                                                                                              ع ش ( قوله : أو عرضه ) عطف على قوله : قال للبائع ( قوله : ما لم يضعه إلخ ) ظرف لقوله : أو عرضه إلخ وانظر هل يشترط أن يكون الوضع بقصد الإقباض ا هـ رشيدي والظاهر نعم ا هـ .

                                                                                                                              كردي ( قوله : ما لم يضعه إلخ ) أي : البائع ( بين يديه ) أي المشتري ا هـ ع ش عبارة المغني نعم إن وضعه بين يديه عند امتناعه برئ في الأصح ا هـ وعبارة سم هذا الوضع يحصل به القبض ، وإن لم يمتنع من قبوله م ر وظاهره حصول القبض بهذا الوضع ، وإن لم يكن ضعيفا يتناول باليد ، وقد يخالف ما يأتي أن قبض المنقول بتحويل المشتري أو نائبه إلا أن يقال : وضع البائع له بين يديه تحويل منزل منزلة تحويل المشتري ، ويؤيد الإطلاق هنا أن قبض الخفيف الذي يتناول باليد بتناول المشتري له باليد مع أنه كفى وضعه بين يديه كما صرح به هذا الكلام ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ومنه ) أي : من المانع أن يكون أي الوضع ا هـ كردي ( قوله : ولو وضعه ) أي البائع المبيع ا هـ نهاية ( قوله : على يمينه ) أي : يمين نفسه ا هـ رشيدي ( قوله : وهو ) أي : المشتري ا هـ نهاية ( قوله : تلفا إلخ ) أي : مثلا فيما يظهر ا هـ سيد عمر ( قوله : وما ذكره أولا ) أي : قوله : لا بد من قربه إلخ و ( قوله : وآخرا ) أي : قوله : ولو وضعه على يمينه إلخ ا هـ .

                                                                                                                              ع ش ( قوله : أنه متى قرب إلخ ) نعم إن كان ثقيلا لا تعد اليد حوالة فإن كان محله للمشتري كفى ، وإلا فلا بد من نقله انتهى خط مؤلف م ر أقول ، وقد يقال في الاكتفاء بكون المحل للمشتري نظر لما يأتي أن المنقول إذا كان ثقيلا لا بد من نقله إلى محل لا يختص بالبائع فلا فرق في الثقيل بين كونه في ملك المشتري ، أو غيره ، وقد يقال : لا منافاة بين ما هنا وما يأتي ؛ لأن ما يأتي مفروض فيما لو كان في محل يختص بالبائع ومفهومه أنه إذا كان بمحل للمشتري لا يجب نقله منه فالمسألتان مستويتان ا هـ .

                                                                                                                              ع ش ( قوله : كما ذكر ) أي : بحيث تناله يده ا هـ ع ش ( قوله : والذي يتجه إلخ ) هذا كله بالنسبة لحصول القبض عن جهة العقد فلو خرج مستحقا ، ولم يقبضه المشتري لم يكن للمستحق مطالبته به لعدم قبضه له حقيقة ، وكذا لو باعه قبل نقله فنقله المشتري الثاني فليس للمستحق مطالبة المشتري الأول قال الإمام : وإنما يكون الوضع بين يدي المشتري قبضا في الصحيح دون الفاسد ، وكذا تخلية الدار ونحوها إنما تكون قبضا في الصحيح دون غيره نهاية ومغني قال الرشيدي قوله : بالنسبة لحصول القبض إلخ أي : بحيث يبرأ البائع عن ضمانه بالنسبة لغير مسألة الاستحقاق الآتية أي : لأن الضمان فيها من ضمان اليد كما هو ظاهر وبحيث يصح تصرف المشتري فيه على - [ ص: 394 ] الإطلاق ، قوله : ولم يقبضه يعني لم يتناوله قوله : وكذا لو باعه أي : المشتري ؛ إذ بيعه حينئذ صحيح كما علم مما مر ا هـ .

                                                                                                                              وقال ع ش قوله : ولم يقبضه أي بأن لم يتناوله سواء بقي في محله ، أو أخذه البائع ، قوله : مطالبته أي : المشتري وقوله وكذا لو باعه أي : البائع والمشتري ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أما زوائده إلخ ) أي : المنفصلة كثمرة ولبن وبيض وصوف وركاز وموهوب وموصى به نهاية ومغني قال ع ش قوله : وركاز أي : وجده العبد المبيع أما ما ظهر من الركاز ، وهو في يد البائع فليس مما ذكر ؛ لأنه ليس للمشتري بل للبائع إذا ادعاه ، وإلا فلمن ملك منه إلى أن ينتهي الأمر إلى المحيي فهو له ، وإن لم يدعه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ولا وجد منه إلخ ) عبارة المغني : ولم تحتو يده عليها لتملكها كالمستام ، ولا للانتفاع بها كالمستعير ، ولم يوجد منه تعد كالغالب حتى يضمن ، وسبب ضمان اليد عندهم أحد هذه الثلاثة ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية