الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب القول في أن إجماع أهل كل عصر حجة وأنه لا يقف على الصحابة خاصة

إذا أجمع أهل عصر على شيء ، كان إجماعهم حجة ، ولا يجوز اجتماعهم على الخطأ ، وقال داود بن علي : الإجماع : إجماع الصحابة دون غيرهم ، واحتج بقوله تعالى : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا ) ، وبقوله : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ) قال : وهذا خطاب مواجهة للصحابة دون غيرهم ، فلا مدخل فيه لمن سواهم ، قال : ولأن العقل يجوز الخطأ على العدد الكثير ، وإنما وجبت العصمة من طريق الشرع ، وقد ثبت الشرع بعصمة الصحابة في إجماعهم ، ولم يثبت بعصمة غيرهم ، فمن ادعى عصمة غيرهم فعليه إقامة الدليل .

وهذا غير صحيح ، لقوله تعالى : ( ويتبع غير سبيل المؤمنين ) ولم يفرق بين الصحابة وبين غيرهم ، فهو على عمومه .

وأيضا ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " لا تجتمع أمتي على ضلالة " ، وقوله : " إن يد الله على الجماعة " ، وقوله : " من فارق الجماعة مات ميتة جاهلية " ، وما أشبه ذلك من الأحاديث التي قدمناها ، وهي عامة في الصحابة وفي غيرهم .

[ ص: 428 ] فأما الجواب عن الآيتين فهو : أن ذلك خطاب لجميع الأمة كما قال الله تعالى : ( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ) ، ( وقاتلوا في سبيل الله ) ، ( فانكحوا ما طاب لكم من النساء ) ، وكل ذلك خطاب لجميع الأمة ، فكذلك هاهنا ، يدل عليه أن صغار الصحابة الذين بلغوا وصاروا من أهل الاجتهاد بعد نزول الآيتين داخلون فيهما ، فدل على ما قلناه .

وأما قوله : إن الشرع خص الصحابة بالعصمة ، فالجواب عنه : أن كل شرع أثبتنا به حجة الإجماع ، فهو عام في الصحابة ، وغيرهم ، فلم يصح ما قاله .

[ ص: 429 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية