الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في جناية الموصى بعتقه قلت : أرأيت إن أوصى فقال : هو حر بعد موتي بشهر . فمات السيد والثلث لا يحمله ؟

                                                                                                                                                                                      قال : يقال للورثة : أجيزوا الوصية وإلا فأعتقوا ما حمل الثلث بتلا .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن أجازوا الوصية ؟

                                                                                                                                                                                      قال : إذا خدمهم تمام الشهر خرج جميعه حرا ، وهو قول مالك .

                                                                                                                                                                                      قلت : وإن قال السيد : هو حر بعد موتي بشهر . فأجازت الورثة الوصية . ثم جنى العبد جناية قبل أن يمضي الشهر ؟ قال : يقال للورثة : افتكوا خدمته أو أسلموها .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن افتكوها [ ص: 585 ] أو أسلموها . أيعتق العبد بجميعه إذا مضى الشهر ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم ، وهو قول مالك .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن عتق العبد بعد مضي الشهر وقد كانوا أنفذوا ما أوصى به الميت وأسلموه ؟

                                                                                                                                                                                      قال : يكون ما بقي من الجناية في ذمة العبد يتبع بها .

                                                                                                                                                                                      قلت : وهذا قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن كان الورثة افتكوه فخدمهم بقية الشهر ثم عتق ، هل يتبع بشيء ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا ، وقد بلغني ذلك عن مالك ممن أرضاه .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن كانت الورثة - حين مات الميت - لم يجيزوا الوصية فأعتقت عليهم الثلث بتلا ثم جنى جناية ؟

                                                                                                                                                                                      قال : تقسم الجناية أثلاثا ، فيكون ثلث الجناية على الثلث المعتق .

                                                                                                                                                                                      ويقال للورثة : افتكوا ثلثيكم بثلثي الجناية أو أسلموه ، فيكون ثلثاه رقيقا لأولياء الجناية ، وهو قول مالك .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن أعتق رجل عبدا له في مرضه فجنى العبد جناية ، أيدفع بها أم لا ؟ قال : إذا أوصى بعتقه كان له أن يدفعه أو يفتديه إذا اعتدلت قيمته وجنايته ، فإن فداه كان على الوصية . فأما إذا أبت عتقه في مرضه ، فإنه يكون مثل المدبر ، تكون الجناية في ذمته إذا حمله الثلث - وكذلك بلغني عمن أرضى به - ولا تكون في رقبته . وإن كان لسيده أموال مأمونة من دور أو أرضين فهو حر حين أعتقه ، والجناية على العاقلة إن كانت خطأ ، وإن كانت عمدا اقتص منه .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن أوصى بعتقه إلى شهر ولا يحمله الثلث ، فجنى العبد جناية قبل أن يجيز الورثة الوصية ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني أرى أن يقال للورثة : اختاروا ، إما أن أعطيتم أرش الجناية كلها وتكون لكم خدمة العبد فتكونون قد أجزتم وصية صاحبكم ويخدمكم إلى الأجل فذلك لكم ، وإذا انقضت الخدمة خرج العبد حرا بجميعه ولم تتبعوه بشيء ، وإن أبيتم عتق من العبد ثلثه وقيل لكم : افتدوا الثلثين اللذين صارا لكم بثلثي الدية ، وإلا فأسلموهما لأولياء الجناية ويكون ثلث الجناية على الثلث الذي عتق منه .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية