الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في الجناية على أم الولد والمدبر والمدبرة والمكاتبة قلت : أرأيت جراحات أم الولد إذا جني عليها ، لمن تكون ؟

                                                                                                                                                                                      قال للسيد ، وكذلك المدبرة .

                                                                                                                                                                                      قلت : وهذا قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت لو أن رجلا غصب أمة رجل نفسها ، أو أم ولد رجل غصبها نفسها ، أيجعل على الغاصب الصداق في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : كل من غصب حرة أو أمة أو أم ولد أو مدبرة أو مكاتبة فعليه صداقها إن كانت حرة ، وإن كانت أمة فعليه ما نقصها . وإن كانت أم ولد أو مكاتبة أو مدبرة فإنما هن محمل الإماء عند مالك ، عليه ما نقصها .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت ما جعلت على هذا الغاصب من نقصان أم الولد أو المدبرة أو المكاتبة ، لمن تجعله أللسيد أم لها في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : للسيد إلا في المكاتبة ; لأن أم الولد لو جني عليها جناية كل ذلك لسيدها عند مالك ، وكذلك المدبرة لو جني عليها لكان لسيدها عند مالك . فكذلك هذا الذي نقصها من وطء هذا الغاصب إنما يحمل محمل الجناية عليها ، فيكون ذلك للسيد . فإن كانت مكاتبة أخذه سيدها وقاصها به في آخر نجومها .

                                                                                                                                                                                      وكذلك قال لي مالك فيما جني على المكاتبة ، إن سيدها يأخذه ويقاصها فيما أخذ في آخر نجم من كتابتها . وكذلك المكاتب في الجناية إذا جني عليه ، وإنما جعل مالك لسيد المكاتب أخذ ما جني عليه ، لأنه يخاف عليه استهلاكه فيرجع معيبا إلى سيده ، وقد أتلف ما أخذ من أرش جنايته .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال لي مالك في المدبر إذا قتل أو جرح أو أصابه ما يكون لذلك عقل ، فإن ذلك يقوم قيمة عبد ولا يقوم قيمة مدبر . وكذلك قال مالك في أم الولد ، وكذلك قال مالك في المعتقة إلى سنين .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك في الأمة إذا غصبها رجل نفسها فلم ينقصها ذلك : إنه لا شيء على الغاصب إلا الحد . قال : وكذلك أم الولد والمدبرة والمكاتبة مثل ما قال مالك في الأمة ، لأن مالكا قال : جراح أم الولد والمدبرة والمكاتبة جراح أمة ، فكذلك هي في كل حالاتها يكون على غاصبهن ما يكون على غاصب الأمة سحنون عن ابن وهب عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه أنه قال في عبد افتض أمة فذهب بعذرتها . قال يغرم لأهلها ما بين ثمنها بكرا وثمنها ثيبا .

                                                                                                                                                                                      وقال أبو الزناد : رأيت عبدا أسود افتض جارية حرة في عهد أبان بن عثمان فقضى أبان بالعبد للجارية .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية