الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      ما جاء فيما إذا عفا البنون ولم يعف البنات وتفسير البنات والعصبة

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن كان للمقتول ابنان وابنة ، فأقسم الابنان واستحقا الدم ثم عفا أحدهما ، هل يكون للابن الذي لم يعف وللابنة شيء ؟ قال : للابن الذي لم يعف خمسا الدية وللابنة خمس الدية ، ويسقط خمسا الدية حظ الذي عفا إلا أن يكون عفا على أن يأخذ الدية . فإن عفا على أن يأخذ الدية كان ذلك له . وكذلك قال لي مالك في الذي يقتل عمدا وله ورثة بنون ، رجال ونساء : إن النساء ليس لهن من العفو قليل ولا كثير ، فإن عفا الرجال على أن يأخذوا الدية ، فهي موروثة على فرائض الله يدخل في ذلك ورثة المقتول نساؤهم ورجالهم . فكذلك القسامة أيضا والقتل عمدا ببينة تقوم سواء إذا استحقوا الدم فليس للنساء عفو ، فإن عفا واحد ممن يجوز عفوه من الرجال صار ما بقي من الدية موروثا على فرائض الله يدخل في ذلك النساء . وإنما قال لي مالك : إذا عفا الرجال وقبلوا الدية دخل في ذلك النساء . وأنا أرى إذا عفا واحد منهم فهو بمنزلة عفوهم كلهم .

                                                                                                                                                                                      قلت : وتدخل امرأته في الدية إذا وقع العفو في قول مالك وإخوته لأمه ؟ قال : نعم ; لأن مالكا قال : إذا وقع العفو وقبلوا الدية فقد صار ما بقي من الدية موروثة على فرائض الله ويقضى منها دينه .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن عفا الرجال من غير أن يشترطوا الدية ، أيكون للنساء حظوظهن من الدية أم لا ؟ قال : لا ، إلا أن يعفو بعض الرجال ويبقى بعضهم . فإن بقي بعضهم كان للنساء مع من بقي نصيبهن من الدية ، فإن عفا الرجال كلهم لم يكن للنساء فيه دية ، وهذا الذي سمعت فيه ، وهو الذي فسرت لك في هذه المسألة كلها ، في البنين والبنات والإخوة والأخوات ، فأما إذا كان بنات وعصبة أو أخوات وعصبة ، فإنه لا عفو للبنات ولا للأخوات إلا بالعصبة ، ولا عفو للعصبة إلا بالبنات والأخوات إلا أن يعفو بعض البنات وبعض العصبة ، فيقضى لمن بقي من البنات والعصبة بالدية ، وكذلك الأخوات والعصبة وهو الذي سمعت واستحسنت .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية