الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          باب الهمزة والذال وما معهما في الثلاثي

                                                          ( أذن ) الهمزة والذال والنون أصلان متقاربان في المعنى ، متباعدان في اللفظ ، أحدهما أذن كل ذي أذن ، والآخر العلم; وعنهما يتفرع الباب كله . فأما التقارب فبالأذن يقع علم كل مسموع . وأما تفرع الباب [ ص: 76 ] فالأذن معروفة مؤنثة . ويقال لذي الأذن آذن ، ولذات الأذن أذناء . أنشد سلمة عن الفراء :


                                                          مثل النعامة كانت وهي سالمة أذناء حتى زهاها الحين والجنن

                                                          أراد الجنون :


                                                          جاءت لتشري قرنا أو تعوضه     والدهر فيه رباح البيع والغبن
                                                          فقيل أذناك ظلم ثمت اصطلمت     إلى الصماخ فلا قرن ولا أذن

                                                          ويقال للرجل السامع من كل أحد أذن . قال الله تعالى : ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن . والأذن عروة الكوز ، وهذا مستعار . والأذن الاستماع ، وقيل أذن لأنه بالأذن يكون . ومما جاء مجازا واستعارة الحديث : ما أذن الله تعالى لشيء كأذنه لنبي يتغنى بالقرآن وقال عدي بن زيد :


                                                          أيها القلب تعلل بددن     إن همي في سماع وأذن

                                                          وقال أيضا :


                                                          وسماع يأذن الشيخ له     وحديث مثل ماذي مشار

                                                          [ ص: 77 ] والأصل الآخر العلم والإعلام . تقول العرب قد أذنت بهذا الأمر ، أي : علمت . وآذنني فلان أعلمني . والمصدر الأذن والإيذان . وفعله بإذني ، أي : بعلمي ، ويجوز بأمري ، وهو قريب من ذلك . قال الخليل : ومن ذلك أذن لي في كذا . ومن الباب الأذان ، وهو اسم التأذين ، كما أن العذاب اسم التعذيب ، وربما حولوه إلى فعيل فقالوا أذين . قال :


                                                          حتى إذا نودي بالأذين

                                                          والوجه في هذا أن الأذين [ الأذان ] ، وحجته ما قد ذكرناه . والأذين أيضا : المكان يأتيه الأذان من كل ناحية . وقال :


                                                          طهور الحصى كانت أذينا ولم تكن     بها ريبة مما يخاف تريب

                                                          والأذين أيضا : المؤذن . قال الراجز :


                                                          فانكشحت له عليها زمجره     سحقا وما نادى أذين المدره

                                                          أراد مؤذن البيوت التي تبنى بالطين واللبن والحجارة . فأما قوله تعالى :

                                                          وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ، فقال الخليل : التأذن من قولك لأفعلن كذا ، تريد به إيجاب الفعل ، أي : سأفعله لا محالة . وهذا قول . وأوضح منه قول الفراء تأذن ربكم : أعلم ربكم . وربما قالت العرب في معنى أفعلت : تفعلت . ومثله أوعدني وتوعدني; وهو كثير . وآذن الرجل حاجبه ، وهو من الباب .

                                                          [ ص: 78 ]

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية