الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( بكر ) الباء والكاف والراء أصل واحد يرجع إليه فرعان هما منه . فالأول أول الشيء وبدؤه . والثاني مشتق منه ، والثالث تشبيه . فالأول البكرة وهي الغداة ، والجمع البكر . والتبكير والبكور والابتكار المضي في ذلك الوقت . والإبكار : البكرة ، كما أن الإصباح اسم الصبح . وباكرت الشيء إذا بكرت عليه .

                                                          قال أبو زيد : أبكرت الورد إبكارا ، وأبكرت الغداء ، وبكرت على الحاجة وأبكرت غيري ، بكرت وأبكرت . ويقال رجل بكر صاحب بكور . كما يقال حذر . قال الخليل : غيث باكور وهو المبكر في أول الوسمي ، وهو أيضا الساري في أول الليل وأول النهار . قال :


                                                          جرت الريح بها عثنونها وتهادتها مداليج بكر

                                                          يقال : سحابة مدلاج بكور . ويقال بكرت الأمطار تبكيرا وبكرت بكورا ، إذا تقدمت .

                                                          [ ص: 288 ] الفراء : أبكر السحاب وبكر ، وبكر ، وبكرت الشجرة وأبكرت وبكرت تبكر تبكيرا وبكرت بكورا ، وهي بكور ، إذا عجلت بالإثمار والينع ، وإذا كانت عادتها ذاك فهي مبكار ، وجمع بكور بكر ، قال الهذلي :


                                                          ذلك ما دينك إذ جنبت     في الصبح مثل البكر المبتل

                                                          والتمرة باكورة ، ويقال هي البكيرة والبكائر . ويقال أرض مبكار ، إذا كانت تنبت في أول نبات الأرض . قالالأخطل :


                                                          غيث تظاهر في ميثاء مبكار

                                                          فهذا الأصل الأول ، وما بعده مشتق منه . فمنه البكر من الإبل ، ما لم يبزل بعد . وذلك لأنه في فتاء سنه وأول عمره ، فهذا المعنى الذي يجمع بينه وبين الذي قبله ، فإذا بزل فهو جمل . والبكرة الأنثى ، فإذا بزلت فهي ناقة . قال أبو عبيدة : وجمعه بكار ، وأدنى العدد ثلاثة أبكر . ومنه المثل : " صدقني سن بكره " وأصله أن رجلا ساوم آخر ببكر أراد شراءه وسأل البائع عن سنه ، فأخبره بغير الصدق فقال : بكر - وكان هرما - ففره المشتري ، فقال : " صدقني سن بكره " .

                                                          قال التميمي : يسمى البعير بكرا من لدن يركب إلى أن يربع ، والأنثى بكرة . والقعود البكر . قال : ويقول العرب : " أروى من بكر هبنقة " [ ص: 289 ] وهو الذي كان يحمق ; وكان بكره يصدر عن الماء مع الصادر وقد روي ، ثم يرد مع الوارد قبل أن يصل إلى الكلأ .

                                                          قال الخليل : والبكر من النساء التي لم تمسس قط . قال أبو عبيد : إذا ولدت المرأة واحدا فهي بكر أيضا . قال الخليل : يسمى بكرا أو غلاما أو جارية . ويقال أشد الناس بكر ابن بكرين . قال : وبقرة بكر فتية لم تحمل . والبكر من كل أمر أوله . ويقول : ما هذا الأمر ببكير ولا ثني ، على معنى ما هو بأول ولا ثان . قال :


                                                          وقوف لدى الأبواب طلاب حاجة     عوانا من الحاجات أو حاجة بكرا

                                                          والبكر : الكرم الذي حمل أول مرة . قال الأعشى :


                                                          تنخلها من بكار القطاف     أزيرق آمن إكسادها

                                                          قال الخليل : عسل أبكار تعسله أبكار النحل ، أي أفتاؤها ، ويقال بل الأبكار من الجواري يلينه . فهذا الأصل الثاني ، وليس بالبعيد من قياس الأول .

                                                          [ ص: 290 ] وأما الثالث فالبكرة التي يستقى عليها . ولو قال قائل إنها أعيرت اسم البكرة من النوق كان مذهبا ، والبكرة معروفة . قال امرؤ القيس :


                                                          كأن هاديها إذ قام ملجمها     قعو على بكرة زوراء منصوب

                                                          وثم حلقات في حلية السيف تسمى بكرات . وكل ذلك أصله واحد .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية