الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال : وإذا اشترى عبدا بألف فلم يقبضه ولم ينقد الثمن حتى قطع البائع يده ثم قطع المشتري وأجنبي رجله من خلاف فعلى المشتري ثلاثة أثمان الثمن وثلث ثمن الثمن حصة جنايته وجناية الأجنبي ويبطل عنه جناية البائع أربعة أثمان الثمن وثلث الثمن ; لأن البائع بقطع اليد أتلف نصفه والمشتري مع الأجنبي بقطع الرجل أتلف نصف ما بقي ثم ما بقي وهو الربع تلف بجناية ثلثه فيكون ثلث ذلك الربع هالكا بجناية كل واحد منهم وأصل السهام من ثمانية ثم انكسر بالأثلاث فيضرب ثمانية في ثلاثة فيكون أربعة وعشرون ثم انكسر بالأنصاف ; لأن ما تلف بجناية المشتري والأجنبي يكون نصفين بينهما فتضعف أربعة وعشرون للكسر بالأنصاف فيكون ثمانية وأربعين التالف بجناية البائع أربعة وعشرون وبسراية جنايته أربعة فذلك ثمانية وعشرون وذلك أربعة أثمان العبد وثلثا ثمنه ; لأن سهام العبد ثمانية وأربعون كل ثمن ستة فأربعة وعشرون أربعة أثمان وأربعة ثلثا الثمن وجنايته موجبة سقوط الثمن فلهذا سقط أربعة أثمان الثمن وثلثا الثمن ويتقرر على المشتري ثلاثة أثمان الثمن وثلث الثمن حصة ما تلف بجنايته وحصة [ ص: 181 ] ما تلف بجناية الأجنبي ; لأن الأجنبي ضامن للقيمة فيبقى البيع فيما تلف بجناية الأجنبي تبعا لبدله والتالف بجنايتهما وسراية جنايتهما في الحاصل عشرون وذلك ثلاثة أثمان العبد وثلث ثمنه ويرجع المشتري على الأجنبي بثمن القيمة وثلثي ثمنها ; لأن التالف بجناية الأجنبي نصف العشرون وهو عشرة وذلك ثمن العبد وثلثا ثمنه فيرجع المشتري عليه بثمن القيمة وثلثي ثمن القيمة ولا يتصدق بشيء منه وإن كان فيه فضل على حصة من الثمن ; لأن المشتري بجنايته يصير قابضا وجناية الأجنبي اقترنت بجناية المشتري ووجوب القيمة عليه بعد الجناية فعرفنا أن الوجوب على الأجنبي بعد قبض المشتري فكان ذلك ربحا على ملكه وضمانه .

ولو كان البائع والأجنبي هما اللذان قطعا اليد أولا ثم قطع المشتري رجله من خلاف فمات من ذلك كله فهو على ما ذكرنا من التخريج يرتفع سهام العبد إلى ثمانية وأربعين والفائت بجناية البائع والأجنبي أربعة وعشرون وبسراية جنايتهما ثمانية وذلك اثنان وثلاثون بينهما نصفان فيكون الفائت بفعل كل واحد منهما ستة عشر وبجناية المشتري اثني عشر وبسراية جنايته أربعة فذلك ستة عشر فأما ما تلف بفعل البائع فيسقط ثمنه عن المشتري وذلك ثمنا الثمن وثلثا ثمنه كل ثمن ستة وما سوى ذلك قيمته واجبة على المشتري أما حصة ما تلف بجنايته فغير مشكل ، وكذلك حصة ما تلف بجناية الأجنبي ; لأنه قد وجب عليه بدله وهو القيمة فعرفنا أنه يقرر على المشتري خمسة أثمان الثمن وثلث ثمن الثمن ويرجع المشتري على الأجنبي بثمن القيمة وثلثي ثمن القيمة فيكون ذلك على عاقلته في ثلاث سنين ; لأن الجناية على طرف المملوك إذا اتصلت بالنفس تتحملها العاقلة وكما أن بدل النفس كله يكون مؤجلا في ثلاث سنين فكذلك كل جزء من بدل النفس فعرفنا أنها على الأجنبي وذلك ثمنا القيمة وثلثا ثمنها يؤخذ من عاقلته في ثلاث سنين في كل سنة ثلث ذلك ، فإذا قبض المشتري ذلك فإنه يقابل مقدار ربع القيمة بربع الثمن فإن كان فيه فضل تصدق بالفضل ; لأن مقدار الربع وجب بأصل جناية الأجنبي وقد كان ذلك قبل قبض المشتري فهذا ربح حصل لا في ضمانه فيتصدق به بالفضل وأما ثلثا ثمن القيمة فهو سالم للمشتري لا يتصدق بشيء منه ; لأن وجوب ذلك على المشتري بسراية جنايته وقد كان ذلك بعد ما صار المشتري قابضا له بالجناية فهو ربح حصل في ضمانه ، ألا ترى أن رجلا لو اشترى عبدا فلم يقبضه حتى قطع أجنبي يده ثم قبضه على ذلك ورضيه فمات في يده من جناية الأجنبي عليه فعلى عاقلة الأجنبي قيمة [ ص: 182 ] العبد في ثلاث سنين ، فإذا قبضها وفيها فضل تصدق بنصف الفضل ; لأن ذلك ربح ما لم يضمن واليد قطعت قبل دخول العبد في ضمانه ولا يتصدق بنصف الفضل ; لأن السراية كانت بعد دخول العبد في ضمان المشتري بالقبض .

التالي السابق


الخدمات العلمية