الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال : وإذا اشترى الرجل من الرجل عبدا بألف درهم فلم يقبضه حتى وكل رجلا يقبضه الوكيل بغير أمر البائع ولم ينقد البائع الثمن فهلك العبد في يد الوكيل فللبائع أن يضمن الوكيل قيمة العبد فيكون في يده حتى يعطيه المشتري الثمن ; لأنه بالبيع المبيع صار مملوكا للمشتري ولكنه محبوس في يد البائع ما لم يصل إليه الثمن فقبض الوكيل في حق البائع جناية بمنزلة الغصب ، ولو غصبه منه غاصب فهلك في يده كان للبائع أن يضمنه القيمة وهذا نظير المرهون إذا قبضه وكيل الراهن بغير رضى المرتهن فهلك في يده يكون ضامنا حقا للمرتهن وهذا بخلاف ما لو كان المشتري قبضه بنفسه فهلك عنده فإنه لا يكون ضامنا للقيمة ; لأن قبض المشتري يقرر عليه ضمان الثمن فلا يوجب عليه ضمان القيمة إذ لا يجوز أن يجتمع الضمانان على واحد بسبب قبض واحد فأما قبض الوكيل فلا يوجب عليه ضمان الثمن فيكون موجبا ضمان القيمة لحق البائع ثم استرداد البائع القيمة منه كاسترداد العبد لو كان باقيا إذ القيمة تقوم مقام العين وإنما سميت قيمة لقيامها مقام العين [ ص: 196 ] فإذا أعطاه الثمن رجعت القيمة إلى الوكيل ; لأن الوكيل في حق المشتري كان أمينا ممتثلا لأمره وإنما كان ضمان القيمة عليه لحق البائع ، فإذا سقط حقه رجعت القيمة إلى الوكيل كما لو أوفى المشتري الثمن قبل أن يضمن البائع الوكيل ، ولو نويت القيمة عند البائع سقط الثمن عن المشتري ; لأن استرداد القيمة كاسترداد العين ولو استرد العين فهلك عنده انفسخ البيع وسقط الثمن فكذلك إذا استرد القيمة ثم يتبع الوكيل المشتري في القيمة ; لأنه في القبض كان عاملا له بأمره وقد لحقه فيه ضمان فيرجع به عليه ، ولو كان المشتري أعتق المبيع قبل القبض لم يكن عليه ضمان القيمة ; لأن إعتاقه إياه بمنزلة القبض ، ولو قبضه فهلك في يده لم يكن عليه ضمان القيمة فكذلك إذا أعتقه ، ولو كان الوكيل هو الذي قبض العبد بإذن المشتري ثم أعتقه المشتري فهذا وموت العبد في يد الوكيل سواء في حق البائع ; لأنه تعذر عليه استرداده بهذا السبب فهو كتعذر الاسترداد بالموت في يده وهذا لأن أمر المشتري الوكيل بالقبض غير معتبر في حقه ; لأنه لا يملك قبضه بنفسه لحق البائع في الحبس فكذلك لا يملك أن يأمر غيره به .

التالي السابق


الخدمات العلمية