الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
606 - أنا أبو بكر البرقاني ، نا عمر بن محمد بن علي بن الزيات ، لفظا ، أنا هارون بن يوسف ، ثنا ابن أبي عمر ، نا سفيان ، عن عمرو ، عن طاوس ، قال : سمعت أبا هريرة ، يحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " احتج آدم وموسى ، فقال موسى يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة ، فقال له آدم : يا موسى اصطفاك الله برسالته ، وكتب لك التوراة بيده ، لم تلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة ؟ " - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : - " فجح آدم موسى " ، يعني : أن آدم هو حج موسى .

قلت : وضع موسى الملامة في غير موضعها فصار محجوجا ، وذلك أنه لام آدم على أمر لم يفعله ، وهو خروج الناس من الجنة ، وإنما هو فعل الله تعالى ، ولو أن موسى لام آدم على خطيئته الموجبة لذلك لكان واضعا للملامة موضعها ، ولكان آدم محجوجا وليس أحد ملوما إلا على ما يفعله ، لا على ما تولد من فعله مما فعله غيره ، والكافر إنما يلام على فعل الكفر لا على دخول النار ، والقاتل إنما يلام على فعله لا على موت مقتوله ، ولا على أخذ القصاص منه .

فعلمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث كيف نسأل عند المحاجة ، [ ص: 559 ] وبين لنا أن المحاجة جائزة ، وأن من أخطأ موضع السؤال كان محجوجا ، وظهر بذلك قول الله تعالى : ( كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون ) .

وليس هذا الحديث الذي ذكرناه من باب إثبات القدر في شيء ، وإنما هو وارد فيما وصفناه من محاجة آدم وموسى ، وإثبات القدر إنما صح في آيات وأحاديث أخر .

التالي السابق


الخدمات العلمية