الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
288 - طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن تيم بن مرة ، يكنى أبا محمد :

وأمه الصعبة بنت عمار الحضرمي ، وأمها عاتكة بنت وهب بن قصي بن كلاب . وكان وهب صاحب الرفادة دون قريش كلها .

وكان لطلحة من الولد محمد ، وهو السجاد ، وبه كان يكنى ، قتل معه يوم الجمل ، وعمران ، وأمهما حمنة بنت جحش . وموسى ، وأمه خولة بنت القعقاع بن معبد ، وكان يقال للقعقاع تيار الفرات من سخائه . ويعقوب وكان جوادا قتل يوم الحرة ، وإسماعيل ، وإسحاق ، وأمهم أم أبان بنت عقبة بن ربيعة . وزكريا ، ويوسف ، وعائشة ، أمهم أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق . وعيسى ويحيى ، وأمهما سعدى بنت عوف . وأم إسحاق تزوجها الحسن بن علي ، فولدت له طلحة ثم توفي عنها ، فخلف عليها [ ص: 112 ] الحسين بن علي فولدت له فاطمة ، والصعبة ، ومريم ، وصالح الأمهات .

وكان طلحة آدم كثير الشعر ليس بالجعد القطط ، ولا بالسبط ، حسن الوجه ، دقيق القرنين لا يغير شعره .

أخبرنا محمد بن عبد الباقي البزاز ، قال: أخبرنا الحسن بن علي الجوهري ، قال: أخبرنا ابن حيوية ، قال: أخبرنا أحمد بن معروف ، قال: أخبرنا الحسين بن الفهم ، قال: حدثنا محمد بن سعد ، قال: حدثنا محمد بن عمر ، قال: حدثني الضحاك بن عثمان ، عن مخرمة بن سليمان الوالبي ، عن إبراهيم بن محمد بن طلحة ، قال: قال طلحة بن عبيد الله:

حضرت سوق بصرى فإذا راهب في صومعته يقول: سلوا أهل هذا الموسم أفيهم أحد من أهل الحرم ؟ قال طلحة: فقلت: نعم أنا ، فقال: هل ظهر أحمد بعد؟ قال: قلت: ومن أحمد ؟ قال: ابن عبد الله بن عبد المطلب ، [هذا شهره الذي يخرج فيه ، وهو آخر الأنبياء ، ومخرجه من الحرم ، ومهاجره إلى نخل وحرة وسباخ ، فإياك أن تسبق إليه] ،

قال طلحة: فوقع في قلبي ما قال ، فخرجت سريعا حتى قدمت مكة ، فقلت: هل كان من حدث؟ قالوا: نعم ، محمد بن عبد الله الأمين تنبأ وقد تبعه ابن أبي قحافة . قال: فخرجت حتى دخلت على أبي بكر ، فقلت: اتبعت هذا الرجل؟ قال: نعم ، فانطلق إليه فادخل عليه فاتبعه فإنه يدعو إلى الحق ، فأخبره طلحة بما قال الراهب ، فخرج أبو بكر بطلحة فدخل به على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأسلم طلحة ، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال الراهب ، فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك .

فلما أسلم أبو بكر وطلحة بن عبيد الله أخذهما نوفل بن خويلد بن العدوية فشدهما في حبل واحد ولم يمنعهما بنو تيم ، وكان نوفل بن خويلد يدعى أسد قريش ، فلذلك سمي أبو بكر وطلحة القرينين
.

قال علماء السير: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين طلحة وسعيد بن زيد ، وبعثهما رسول [ ص: 113 ] الله صلى الله عليه وسلم يتحسسان خبر العير ، فخرجا ففاتتهما بدر ، فضرب لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهامهما وأجورهما ، فكانا كمن شهدها .

وشهد طلحة أحدا ، وثبت يومئذ حين ولي الناس ، ورمى مالك بن زهير يوم أحد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتقى طلحة بيده عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأصابت خنصره فشلت أصبعاه ، وجرح يومئذ أربعا وعشرين جراحة ، وقع منها في رأسه شجة ، فلما كسرت رباعية رسول الله صلى الله عليه وسلم وشج في وجهه احتمله طلحة ورجع به القهقرى ، كلما أدركه أحد من المشركين قاتل دونه حتى أسنده إلى الشعب . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أوجب طلحة " .

أخبرنا محمد بن عبد الباقي ، [أخبرنا الجوهري ، أخبرنا ابن حيويه ، أخبرنا أحمد بن معروف ، أخبرنا الحسين بن الفهم ، قال: أخبرنا ] محمد بن سعد ، [أخبرنا الفضل بن دكين] ، عن سفيان بن عيينة ، عن طلحة بن يحيى ، قال: حدثتني جدتي سعدى ابنة عوف المرية ، قالت: دخلت على طلحة ذات يوم ، فقلت: ما لي أراك مهموما؟ قال: عندي مال قد أهمني ، فقسمته . فسألتها: كم كان المال؟ قالت: أربعمائة ألف .

قال ابن سعد: وأخبرنا روح ، قال حدثنا هشام بن عروة ، عن الحسن ، أن طلحة باع أرضا له من عثمان بن عفان بسبعمائة ألف ، فحملها إليه ، فلما جاء بها ، قال: إن رجلا يبيت هذه عنده في بيته لا يدري ما يطرقه من أمر الله لغرير بالله ، فبات [ ص: 114 ] ورسله تختلف بها في سكك المدينة حتى أسحر وما عنده منها درهم .

حضر طلحة يوم الجمل ، فرماه مروان بن الحكم فأصاب ساقه ، فلم يزل ينزف الدم ، فقال: اللهم خذ لعثمان مني حتى يرضى ، فمات وهو ابن أربع وستين سنة . وقيل: اثنتين وستين .

وترك طلحة من العين ألفي ألف درهم ومائتي ألف دينار ، وترك عروضا كثيرة ، وقومت أصوله وعقاره ثمانين ألف ألف درهم .

وقال عمرو بن العاص: حدثت أن طلحة ترك مائة بهار في كل بهار ثلاثة قناطير ذهب . وسمعت أن البهار جلد ثور .

توفي يوم الجمل على ما سبق شرحه .

التالي السابق


الخدمات العلمية