الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفي هذه السنة . غزا الحكم بن عمرو الغفاري أهل جبل الأشل .

فغنم ، فكتب إليه زياد : إن أمير المؤمنين كتب إلي أن أصطفي [له ] الصفراء والبيضاء . فلما وصل الكتاب إليه قال للناس : اغدوا على غنائمكم ، وعزل الخمس ، وقسم بينهم الغنائم . فكتب إليه زياد : والله إن بقيت لك لأقطعن منك طابقا . فقال : اللهم إن كان لي عندك خير فاقبضني إليك . فمات بمرو .

أخبرنا محمد بن ناصر ، قال : أخبرنا أبو الحسين بن المبارك بن عبد الجبار ، قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الله الأنماطي ، قال : أخبرنا أبو حامد بن الحسين ، قال : أخبرنا أحمد بن الحارث بن محمد بن عبد الكريم المروزي ، قال : حدثني جدي محمد بن عبد الكريم ، قال : حدثنا الهيثم بن عدي ، قال : أخبرنا هشام بن حسان الفردوسي ، قال : حدثنا محمد بن سيرين ، قال : كنا عند عمران بن حصين في حلقته في المسجد ، إذ مر بنا الحكم بن عمرو الغفاري وقد عقد له زياد بن أبي سفيان على خراسان ، فقيل لعمران : هذا الحكم استعمل على خراسان ، فقال : علي به . فلما جاء قال : يا حكم ، أتذكر حديثا سمعته أنا وأنت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : وما هو ؟ قال : سمعناه يقول : "لا طاعة لمخلوق في [ ص: 230 ] معصية الخالق " . قال : نعم ، قال : إذا شئت [فقم ] ،

قال : فأتى خراسان فأصاب بها غنائم كثيرة ، فكتب إليه زياد : أما بعد ، فإن أمير المؤمنين كتب إلي أن أصطفي له البيضاء والصفراء ، ولا أعلمن ما قسمت بين الناس ذهبا ولا فضة . فلما جاءه الكتاب قال للناس : اغدوا على غنائمكم فخذوها ، ثم كتب إلى زياد : جاءني كتاب الأمير يذكر أن أمير المؤمنين كتب إليه أن يصطفي بالصفراء فلا يعلمن ما قسمت بين الناس ذهبا ولا فضة ، وإني وجدت كتاب الله قد سبق كتاب أمير المؤمنين ، ووالله الذي لا إله إلا هو لو أن السماوات والأرض كانتا رتقا على عبد اتقى الله لجعل له من ذلك مخرجا ، والسلام .

التالي السابق


الخدمات العلمية