الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة

372 - ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يكنى أبا عبد الله :

أصابه سبي فاشتراه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعتقه ، فلم يزل معه حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل حمص فمات في هذه السنة .

373 - الحارث بن ربعي ، أبو قتادة الأنصاري :

قال الواقدي : اسمه النعمان .

وقال الهيثم بن عدي : اسمه عمرو . والأول أصح .

شهد ما بعد بدر ، وحضر مع علي قتال الخوارج بالنهروان . وقد قيل إنه مات في خلافته وصلى عليه ، ولا يصح ذلك بل عاش بعده .

قال أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثنا محمد بن سعد ، قال : حدثنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة ، قال :

توفي أبو قتادة بالمدينة سنة أربع وخمسين ، وهو ابن سبعين سنة

374 - حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى :

ولد قبل الفيل باثنتي عشرة سنة ، وكان آدم شديد الأدمة خفيف اللحم .

[أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عبد الوهاب ، أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة ، أخبرنا المخلص ، أخبرنا أحمد بن سليمان الطوسي ، حدثنا ] الزبير بن [ ص: 269 ] بكار ، قال : حدثني مصعب بن عثمان ، قال :

دخلت أم حكيم بن حزام الكعبة معها نسوة من قريش وهي حامل بحكيم بن حزام ، فضربها المخاض في الكعبة ، فأتيت بنطع حيث أعجلتها الولادة ، فولدت حكيم بن حزام في الكعبة على النطع . وكان حكيم من سادات قريش في الجاهلية والإسلام .

قال الزبير بن بكار : حدثني محمد بن الضحاك ، عن أبيه ، قال : لم يدخل دار الندوة أحد من قريش للمشورة حتى يبلغ أربعين سنة إلا حكيم بن حزام ، دخلها وهو ابن خمس عشرة سنة .

أخبرنا محمد بن أبي طاهر ، قال : أخبرنا الجوهري ، قال : أخبرنا ابن حيوية ، قال : أخبرنا أحمد بن معروف ، قال : حدثنا الحسين بن الفهم ، قال : حدثنا محمد بن سعد ، قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا المنذر بن عبد الله بن المنذر عن موسى بن عقبة ، عن أبي حبيبة مولى الزبير ، قال : سمعت حكيم بن حزام ، يقول :

ولدت قبل قدوم أصحاب الفيل بثلاث عشرة سنة وأنا أعقل حين أراد عبد المطلب أن يذبح ولده عبد الله حتى وقع نذره ، وذلك قبل مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس سنين .

قال محمد بن عمر : شهد حكيم بن حزام مع أبيه حرب الفجار ، وقتل أبوه حزام في الفجار الأخير ، وكان حكيم يكنى أبا خالد وكان له جماعة من الولد كلهم أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلموا يوم الفتح .

قال محمد بن عمر : وأخبرنا إبراهيم بن جعفر بن محمود ، عن أبيه وغيره ، قالوا : بكى حكيم بن حزام ، فقال له ابنه : ما يبكيك يا أبه ؟ قال : خصال كلها أبكاني ، [ ص: 270 ] أما أولها : فبطء إسلامي حتى سبقت في مواطن كلها صالحة ، ونجوت يوم بدر ويوم أحد ، فقلت : لا أخرج من مكة ولا أوضع مع قريش ما بقيت ، فأقمت بمكة ويأبى الله أن يشرح قلبي للإسلام وذلك أني أنظر إلى بقايا من قريش لهم أسنان متمسكين بما هم عليه من أمر الجاهلية فأقتدي بهم ، ويا ليت أني لم أقتد بهم ، فما أهلكنا إلا اقتداؤنا بآبائنا وكبرائنا ، فلما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة جعلت أفكر ، وأتاني أبو سفيان بن حرب ، فقال : أبا خالد ، والله إني لأخشى أن يأتينا محمد في جموع يثرب ، فهل أنت تابعي إلى شرف نتروح الخبر ؟ قلت : نعم . قال : فخرجنا نتحدث ونحن مشاة حتى إذا كنا بمر الظهران إذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدهم من الناس ، فلقي العباس بن عبد المطلب أبا سفيان ، فذهب به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجعت إلى مكة فدخلت بيتي وآمن الناس ، فجئته صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بالبطحاء وأسلمت وصدقته وشهدت أن ما جاء به حق ، وخرجت معه إلى حنين . فأعطى رجالا من الغنائم والأموال ، وسألته حينئذ فألحقت المسلة . قال محمد بن عمر : وحدثني معمر ، عن الزهري ، عن ابن المسيب ، وعروة بن الزبير ، قالا : حدثنا حكيم بن حزام ، قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان بحنين مائة من الإبل فأعطانيها ، ثم سألته مائة فأعطانيها ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يا حكيم ، إن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه ، ومن أخذه بإسراف نفس لم يبارك فيه ، وكان كالذي يأكل ولا يشبع ، فاليد العليا خير من اليد السفلى ، وابدأ بمن تعول " .

فكان حكيم يقول : والذي بعثك بالحق لا أزرأ أحدا بعدك شيئا حتى أفارق الدنيا ، فكان أبو بكر الصديق يدعو حكيما ليعطيه فيأبى أن يقبل منه شيئا ، وكان عمر يدعو حكيما إلى عطائه فيأبى أن يأخذه ، فيقول : أيها الناس أشهدكم على حكيم أني أدعوه إلى عطائه فيأبى أن يأخذه ، فلم يزرأ حكيم أحدا من الناس شيئا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفي .

[ ص: 271 ] قال محمد بن سعد : وأخبرنا عبد الله بن نمير ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه : أن حكيم بن حزام أعتق في الجاهلية مائة رقبة وحمل على مائة بعير ، ثم أعتق في الإسلام مائة رقبة وحمل على مائة بعير ، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، أرأيت شيئا كنت فعلته في الجاهلية أتحنث به ، هل لي فيه من أجر ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أسلمت على ما سلف لك من خير " .

أنبأنا الحسين بن محمد بن عبد الوهاب ، قال : أخبرنا ابن المسلمة ، قال : أخبرنا المخلص ، قال : أخبرنا أحمد بن سليمان الطوسي ، قال : حدثنا الزبير بن بكار ، قال : وحدثني عمي مصعب بن عبد الله ، قال :

جاء الإسلام وفي يد حكيم الرفادة ودار الندوة بيده ، فباعها بعد من معاوية بمائة ألف درهم فقال له عبد الله بن الزبير : بعت مكرمة قريش ، فقال حكيم : ذهبت المكارم إلا التقوى يا ابن أخي ، إني اشتريت بها دارا في الجنة ، أشهد أني قد جعلتها في سبيل الله .

وكان يفعل المعروف ويصل الرحم ، عاش ستين سنة في الجاهلية وستين سنة في الإسلام .

قال الزبير : وحدثني يعقوب بن محمد بن عيسى ، قال : حدثني عثمان بن عمر بن عثمان بن سليمان بن أبي حثمة ، عن أبيه ، عن أبي بكر بن سليمان ، قال :

حج حكيم بن حزام معه مائة بدنة [قد أهداها ] ، وجللها الحبرة ، وكفها على أعجازها ، ووقف مائة وصيف يوم عرفة في أعناقهم أطوقة الفضة قد نقش في رءوسها عتقاء الله من حكيم بن حزام ، وأعتقهم وأهدى ألف شاة .

قال الزبير بن بكار : وأخبرني إبراهيم بن حمزة ، أن مشركي قريش حصروا بني هاشم في الشعب ، وكان حكيم بن حزام تأتيه العير تحمل الحنطة من الشام فيقبل بها إلى الشعب ، ثم يضرب أعجازها فتدخل عليهم فيأخذون ما عليها من الحنطة .

قال الزبير : حدثني إبراهيم بن المنذر ، عن الواقدي ، عن الضحاك بن عثمان قال : قال حكيم بن حزام : [ ص: 272 ] كنت أعالج البز في الجاهلية ، وكنت رجلا تاجرا أخرج إلى اليمن وإلى الشام في الرحلتين ، وكنت أربح أرباحا كثيرة فأعود على فقراء قومي ونحن لا نعبد شيئا نريد بذلك ثراء الأموال والمحبة في العشيرة ، وكنت أحضر للأسواق ، وكان لنا ثلاثة أسواق : سوق بعكاظ يقوم صبح هلال ذي القعدة ، فيقوم عشرين يوما ويحضرها العرب ، وبها ابتعت زيد بن حارثة لعمتي خديجة بنت خويلد وهو يومئذ غلام ، فأخذته بستمائة درهم ، فلما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة سألها زيدا ، فوهبته له فأعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم . وبها ابتعت حلة ذي يزن ، كسوتها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما رأيت أحدا قط أجمل ولا أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الحلة .

قال : ويقال : إن حكيم بن حزام قدم بالحلة في هدنة الحديبية وهو يريد الشام في عير ، فأرسل بالحلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقبلها ، وقال : "لا أقبل هدية مشرك " ، قال حكيم : فجزعت جزعا شديدا حيث رد هديتي ، وبعتها بسوق النبط من أول سائم سامني ، ودس رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها زيد بن حارثة فاشتراها ، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبسها بعد .

وكان سوق مجنة تقوم عشرة أيام حتى إذا رأينا هلال ذي الحجة انصرفنا وانتهينا إلى سوق ذي المجاز تقام ثمانية أيام .

وكل هذه الأسواق ألقى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في المواسم يستعرض القبائل قبيلة قبيلة يدعوهم إلى الله تعالى ، فلا أرى أحدا يستجيب ، وقريش أشد القبائل عليه حتى بعث ربه عز وجل قوما أراد بهم كرامة هذا الحي من الأنصار فبايعوه وآمنوا به وبذلوا له أنفسهم وأموالهم ، فجعل الله له دار هجرة . فلما حج معاوية سامني بداري بمكة فبعتها منه بأربعين ألف دينار ، فبلغني أن ابن الزبير يقول : ما يدري هذا الشيخ ما يبيع ليردن عليه بيعه . فقلت : والله ما ابتعتها إلا بزق من خمر . وكان حكيم يشتري الظهر والأداة والزاد ثم لا يجيئه أحد يستحمله في السبيل إلا حمله .

[ ص: 273 ] وكان معاوية عام حج مر به وهو ابن عشرين ومائة سنة ، فأرسل إليه بلقوح [يشرب من لبنها وذلك بعد أن سأله أي الطعام يأكل ، فقال : أما مضغ فلا مضغ بي ، فأرسل إليه بلقوح ] وصله ، فأبى أن يقبلها وقال : لم آخذ من بعد النبي صلى الله عليه وسلم شيئا ، قد دعاني أبو بكر وعمر رضي الله عنهما إلى حقي فأبيت .

توفي بالمدينة في هذه السنة وهو ابن مائة وعشرين سنة .

375 - حويطب بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل ، أبو محمد :

أسلم يوم الفتح ، وصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو أحد النفر الذين أمرهم عمر بن الخطاب بتجديد أنصاب الحرم .

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي البزار ، قال : أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري ، قال : أخبرنا أبو عمر بن حيوية ، قال : أخبرنا ابن معروف ، قال : أخبرنا ابن الفهم ، قال : حدثنا محمد بن سعد ، قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني إبراهيم بن جعفر بن محمود بن مسلمة الأشهلي ، عن أبيه ، قال :

كان حويطب بن عبد العزى قد بلغ عشرين ومائة سنة ، ستين في الجاهلية ، وستين في الإسلام ، فلما ولي مروان بن الحكم المدينة في عمله الأول دخل عليه حويطب مع مشيخة جلة : حكيم بن حزام ، ومخرمة بن نوفل ، فتحدثوا عنده ثم تفرقوا ، فدخل عليه حويطب يوما بعد ذلك فتحدث عنده فقال له مروان : ما سنك ؟ فأخبره ، فقال له : تأخر إسلامك أيها الشيخ حتى سبقك الأحداث ، فقال حويطب : الله المستعان ، والله لقد هممت بالإسلام مرة بعد مرة ، كل ذلك يعوقني أبوك ، يقول : تدع شرفك ، وتدع دين آبائك لدين محدث وتصير تابعا ، قال : فأسكت مروان ، وندم على ما كان .

[ ص: 274 ] قال له : ثم قال حويطب : أما كان أخبرك عثمان ما كان لقي من أبيك حين أسلم ؟ فازداد مروان غما ، ثم قال حويطب : ما كان في قريش أحد من كبرائنا الذين بقوا على دين قومهم إلى أن فتحت مكة ، كان أكره لما هو عليه مني ، ولكن المقادير . ولقد شهدت بدرا مع المشركين فرأيت عبرا ، رأيت الملائكة تقتل وتأسر بين السماء والأرض ، فقلت : هذا رجل ممنوع ، ولم أذكر ما رأيت ، فانهزمنا راجعين إلى مكة ، فأقمنا بمكة نسلم رجلا رجلا ، فلما كان يوم الحديبية حضرت وشهدت الصلح ومشيت فيه حتى تم ، وكل ذلك أريد الإسلام ويأبى الله إلا ما يريد ، فلما كتبنا صلح الحديبية كنت أنا أحد شهوده ، قلت : لا ترى قريش من محمد إلا ما يسوؤها ، قد رضيت أن دافعت بالراح .

فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم عام القضية ، وخرجت قريش عن مكة ، وكنت فيمن تخلف في مكة أنا وسهيل بن عمرو ولات يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مضى الوقت ، وهو ثلاث ، فلما انقضت الثلاث أقبلت أنا وسهيل بن عمرو ، فقلنا : قد مضى شرطك فاخرج بمن معك من بلدنا ، فصاح : يا بلال لا تغيب الشمس وأحد من المسلمين بمكة ممن قدم معنا .


وبالإسناد عن إبراهيم ، عن أبيه ، قال : حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ، عن موسى بن عقبة ، عن المنذر بن جهم ، قال : قال حويطب : لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عام الفتح خفت خوفا شديدا ، فخرجت من بيتي وفرقت عيالي في مواضع يأمنون فيها ، ثم انتهيت إلى حائط عوف ، فكنت فيه فإذا أنا بأبي ذر الغفاري وكان بيني وبينه خلة ، فلما رأيته هربت منه ، فقال : أبا محمد ، قلت : لبيك ، قال : ما لك ، قلت : الخوف ، قال : لا خوف عليك تعال أنت آمن بأمان الله ، فرجعت إليه وسلمت عليه ، فقال لي : اذهب إلى منزلك ، قلت : وهل سبيل إلى منزلي ، والله ما أراني أصل إلى بيتي حيا حتى ألقى فأقتل أو يدخل علي في منزلي فأقتل وإن عيالي في مواضع شتى ، قال : فاجمع عيالك معك في موضع واحد وأنا أبلغ معك منزلك ، [ ص: 275 ] فبلغ معي وجعل ينادي على بابي : إن حويطب آمن فلا يهج . ثم انصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره ، فقال : "أوليس قد آمنا الناس كلهم إلا من أمرت بقتله " .

فاطمأننت ورددت عيالي إلى مواضعهم ، وعاد إلي أبو ذر فقال : يا أبا محمد حتى متى وإلى متى قد سبقت في المواطن كلها وفاتك خير كثير وبقي خير كثير فأت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم تسلم ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أبر الناس وأوصل الناس وأحلم الناس . قلت : فأنا أخرج معك فآتيه ، فخرجت معه حتى أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبطحاء وعنده أبو بكر وعمر ، فوقفت على رأسه وقد سألت أبا ذر : كيف يقال إذا سلم عليه ؟ قال : قل السلام عليك أيها النبي ورحمة الله ، قال : "وعليك السلام ، أحويطب ؟ " قلت : نعم ، أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، فقال : "الحمد لله الذي هداك " . وسر بإسلامي واستقرضني مالا فأقرضته أربعين ألف درهم وشهدت معه حنينا والطائف ، وأعطاني من غنائم حنين مائة بعير .

ثم قدم حويطب بعد ذلك المدينة فنزلها وله بها دار
.

قال محمد بن عمر : حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه ، قال :

باع حويطب داره بمكة من معاوية بأربعين ألف دينار ، فقيل له : يا أبا محمد ، أربعون ألف دينار ، فقال : وما أربعون ألف دينار لرجل عنده خمسة من العيال .

ومات حويطب بالمدينة في هذه السنة وله مائة وعشرون سنة .

376 - سعيد بن يربوع بن عنكثة بن عامر بن مخزوم :

أسلم يوم الفتح ، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا وأعطاه من غنائمها خمسين بعيرا ، وكان ممن يجدد أنصاب الحرم كل سنة معرفة بها حتى ذهب بصره في آخر خلافة عمر رضي الله عنه .

وتوفي بالمدينة في هذه السنة وهو ابن مائة وعشرين سنة .

[ ص: 276 ] 377 - سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود :

تزوجها السكران بن عمرو ، وأسلما وخرجا إلى الحبشة في الهجرة الثانية ، فلما قدم مكة توفي ، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها فخطبها فتزوجها ، فهي أول امرأة تزوجها بعد خديجة ، وكان ذلك في رمضان سنة عشر من النبوة ، وبنى بها بمكة ، وكانت قد كبرت فأراد طلاقها ، فقالت : دعني أحشر في جملة أزواجك وليلتي لعائشة .

وقيل : إنه طلقها ، فلما قالت هذا راجعها .

وتوفيت في شوال هذه السنة بالمدينة .

378 - مرة بن شراحبيل الهمداني :

ويقال له : مرة الخير ، ومرة الطيب ، سمي ذلك لعبادته .

وروى عن أبي بكر ، وعمر ، وعلي ، وابن مسعود . وكان كثير الصلاة تبين في وجهه وكفيه آثار الركوع والسجود .

أخبرنا محمد بن أبي القاسم ، قال : أخبرنا حمد بن أحمد ، قال : أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ ، قال : أخبرنا أبو حامد بن جبلة ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق ، قال : حدثنا سعدان بن يزيد ، قال : حدثنا الهيثم بن جميل ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عطاء بن السائب ، قال :

كان مرة يصلي كل يوم وليلة ألف ركعة ، فلما ثقل وبدن صلى أربعمائة ركعة ، وكنت تنظر إلى مباركه كأنها مبارك الإبل .

أخبرنا إسماعيل بن أحمد ، قال : أخبرنا محمد بن هبة الله الطبري ، قال : أخبرنا ابن بشران ، قال : حدثنا ابن صفوان ، قال : أخبرنا أبو بكر القرشي ، قال : حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثني محمد بن جعفر بن عون ، قال : حدثني بكر بن محمد العابد ، قال : حدثنا الحارث الغنوي ، قال : [ ص: 277 ] سجد مرة الهمداني حتى أكل التراب جبهته ، فلما مات رآه رجل من أهله في منامه كأن موضع سجوده كهيئة الكوكب الدري يلمع . فقلت له : ما هذا الذي أرى بوجهك ؟ قال : كسى موضع السجود بأكل التراب له نورا ، قال : فما منزلتك في الجنة ؟ قال : خير منزلة ، دار لا ينتقل عنها أهلها ولا يموتون .

379 - النعيمان بن عمرو بن رفاعة بن الحارث :

شهد بدرا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان يؤتى به مرة بعد مرة في شرب النبيذ ، فقال رجل : اللهم العنه ، ما أكثر ما يشرب وأكثر ما يجلد ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله " .

[ ص: 278 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية