الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

331 - حفصة بنت عمر بن الخطاب :

كانت عند خنيس بن حذافة السهمي ، وهاجرت معه إلى المدينة ، فمات عنها بعد الهجرة ، فقدم النبي صلى الله عليه وسلم من بدر فتزوجها .

وفي رواية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلقها ، فقال له جبريل : راجعها فإنها صوامة قوامة .

وفي رواية أنه أراد طلاقها ، فقال جبريل : لا تطلقها فإنها صوامة قوامة ، وإنها زوجتك في الجنة .

توفيت في شعبان هذه السنة ، وهي بنت ستين سنة .

وقيل : ماتت في خلافة عثمان بالمدينة .

332 - زيد بن ثابت بن زيد بن لوذان ، أبو سعيد :

كان يكتب الوحي .

[ ص: 214 ] أنبأنا عبد الوهاب الحافظ ، [أخبرنا عاصم بن الحسن ، أخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أخبرنا عثمان بن أحمد ] بإسناده عن الحسن بن البراء ، قال :

كان زيد بن ثابت ترجمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكاتبه إلى الملوك ، وتعلم الفارسية في ثمان عشرة ليلة من رسول كسرى ، وتعلم الرومية والحبشية والقبطية من خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم .

أخبرنا محمد بن أبي طاهر ، قال : أخبرنا أبو محمد الجوهري ، قال : أخبرنا أبو عمر بن حيوية ، قال : أخبرنا أحمد بن معروف ، قال : أخبرنا الحسين بن الفهم ، قال : حدثنا محمد بن سعد ، قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة ، قال : قال زيد بن ثابت :

كانت وقعة بغاث وأنا ابن ست سنين ، وكانت قبل هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس سنين ، فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن إحدى عشرة سنة ، وأتي بي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : غلام من الخزرج قد قرأ ست عشرة سورة ، فلم أجز في بدر ولا أحد ، وأجزت في الخندق
.

قال ابن سعد : وحدثنا محمد بن معاوية ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه ، عن خارجة بن زيد بن ثابت ، عن أبيه :

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يتعلم كتاب يهود ، وقال : "إني لا آمنهم أن يبدلوا كتابي " . فقال : فتعلمته في بضع عشر
.

قال ابن سعد : وقال محمد بن عمر كان زيد يكتب كتاب العربية وكتاب العبرانية ، وأول مشهد شهده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق ، وكان ممن ينقل التراب يومئذ ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أعلمهم بالفرائض زيد " واستعمله عمر على القضاء .

[ ص: 215 ] قال ابن سعد : وأخبرنا عفان ، قال : حدثنا شعبة ، عن ابن إسحاق ، أنه سمع مسروقا يقول :

أتيت المدينة فسألت عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا زيد بن ثابت من الراسخين في العلم .

قال ابن سعد : وحدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري ، قال : حدثنا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن ابن عباس : أنه أخذ لزيد بن ثابت بالركاب ، فقال : تنح يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : هكذا يفعل بعلمائنا وكبرائنا .

قال ابن سعد : وأخبرنا أبو معاوية الضرير ، قال : حدثنا الأعمش ، عن ثابت بن عبيد ، قال :

كان زيد بن ثابت من أفكه الناس في بيته ، وأزمته إذا خرج إلى الرجال .

قال : وأخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري ، قال : حدثنا هشام بن حسان ، قال : حدثنا محمد بن سيرين ، قال :

خرج زيد بن ثابت يوم الجمعة فاستقبله الناس راجعين ، فدخل دارا ، فقيل له : فقال : من لا يستحي من الناس لا يستحي من الله .

قال ابن سعد : وأخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا معمر ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن السباق ، عن زيد بن ثابت ، قال :

أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة ، فقال : إن القتل قد استحر بقراء القرآن ، وإني أخشى أن يذهب كثيرا من القرآن ، فإني أرى أن يجمع القرآن ، وأنت رجل شاب عاقل لا نتهمك ، وقد كنت تكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي ، فتتبع القرآن فأجمعه . قال زيد : فوالله لو كلفني نقل جبل أنقله حجرا حجرا ما كان أثقل علي مما أمرني به ، فقمت [ ص: 216 ] فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع والعسب والأكتاف وصدور الرجال ، فوجدت آخر سورة التوبة مع خريمة بن ثابت : لقد جاءكم رسول من أنفسكم الآيتين .

قال علماء السير : أتى خريمة بن ثابت بهاتين الآيتين ، قال زيد : من يشهد معك ، قال : عمر أنا . وكان أبو بكر قد قال : إذا أتاكم أحد بشيء من القرآن تنكرانه فشهد عليه رجلان ، فأثبتاه . ولما نسخ عثمان المصاحف أمر أبي بن كعب أن يملي وزيدا أن يكتب ، وكان عمر رضي الله عنه يستخلف زيدا على المدينة إذا سافر ، ولما حوصر عثمان كان زيد يذب عنه ، ودخل عليه فقال : هذه الأنصار يقولون جئنا لننصر الله مرتين ، فقال عثمان : أما القتال فلا .

توفي زيد بالمدينة في هذه السنة وهو ابن ستة وخمسين سنة ، ومات قبل أن تصفر الشمس ، فلم يخرج حتى أصبح ، فصلى عليه مروان .

وقيل : إنه توفي سنة خمس وخمسين . وقيل : سنة إحدى وخمسين . وقال ابن عباس : لقد مات اليوم علم كثير ، وقال أبو هريرة : مات خير هذه الأمة .

333 - سلمة بن سلامة بن وقش بن زغبة ، أبو عوف :

شهد بدرا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومات بالمدينة في هذه السنة وهو ابن سبعين سنة ، وانقرض عقبه .

334 - عاصم بن عدي ، أبو عمرو :

خلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج إلى بدر على قباء أهل العالية لشيء بلغه عنهم ، وضرب له بسهمه وأجره ، وكان كمن شهدها ، وشهد أحدا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك ومعه مالك بن الدخشم فأحرقا مسجد الضرار .

وتوفي وهو ابن مائة وخمس عشرة سنة .

[ ص: 217 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية