الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( [ بقر ) الباء والقاف والراء ] أصلان ، وربما جمع ناس بينهما وزعموا أنه أصل واحد ، وذلك البقر . والأصل الثاني التوسع في الشيء وفتح الشيء .

                                                          [ ص: 278 ] فأما البقر فجماعة البقرة ، وجمعها أيضا البقير والباقر ، كقولك حمير وضئين . قال :


                                                          يكسعن أذناب البقير الكنس

                                                          وقال في الباقر :


                                                          وما ذنبه أن عافت الماء باقر     وما إن تعاف الماء إلا ليضربا

                                                          والباقر مثل الجامل في الجمال . قال أبو عبيدة : يقال للذكر أيضا بقرة ، كما يقال للديك دجاجة .

                                                          قال الأصمعي : يقال : رأيت لبني فلان بقرا وبقيرا وباقرا وباقورة . قال : وأبقور مثل أمعوز . قال : وأنشدني ابن [ أبي ] طرفة :


                                                          فسكنتهم بالقول حتى كأنهم     بواقر جلح أسكنتها المراتع

                                                          قال : والبواقر جمع لا واحد لها ، ويجوز أن يكون جمع باقرة . قال : والبقير لا واحد له ، وهو جمع مثل الضئين والشوي .

                                                          ويقال : بقر الرجل : إذا نظر إلى بقر كثير مفاجأة فذهب عقله .

                                                          [ ص: 279 ] ومما حمل على هذا الباب قولهم في العيال البقرة ، يقال : جاء فلان يسوق بقرة ، أي : عيالا كثيرا . وقال يونس : البقرة المرأة .

                                                          وأما الأصل الثاني فالتبقر التوسع والتفتح ، من بقرت البطن . قال الأصمعي : تبقر فلان في ماله ، أي : أفسده . وإليه يذهب في حديثه صلى الله عليه وسلم : أنه نهى عن التبقر في الأهل والمال .

                                                          قال الأصمعي : يقال : ناقة بقير ، للتي يبقر بطنها عن ولدها . وفتنة باقرة كداء البطن . والمهر البقير الذي تموت أمه قبل النتاج فيبقر بطنها فيستخرج .

                                                          قال أبو حاتم للمهر إذا خرج من بطن أمه وهو في السلا والماسكة ، فيقع بالأرض جسده : هو بقير ، وضده السليل .

                                                          ومن هذا الباب قولهم : بقروا ما حولهم ، أي : حفروا; يقال : كم بقرتم لفسيلكم . والبقيرى لعبة لهم ، يدقدقون دارات مثل مواقع الحوافر . وقال طفيل :


                                                          وملن فما تنفك حول متالع     لها مثل آثار المبقر ملعب

                                                          ومنه قول الخضري :


                                                          نيط بحقويها جميش أقمر     جهم كبقار الوليد أشعر

                                                          [ ص: 280 ] فهذا الأصل الثاني . ومن جمع بينهما ذهب إلى أن البقر سميت لأنها تبقر الأرض ، وليس ذلك بشيء .

                                                          ومما شذ عن الباب قولهم بيقر : إذا هاجر من أرض إلى أرض . ويقال : بيقر : إذا تعرض للهلكة . وينشد قول امرئ القيس :


                                                          ألا هل أتاها والحوادث جمة     بأن امرأ القيس بن تملك بيقرا

                                                          ويقال : بيقر ، أي : أتى أرض العراق . ويقال أيضا بيقر : إذا عدا منكسا رأسه ضعفا . قال :


                                                          كما بيقر من يمشي إلى الجلسد

                                                          وقال ابن الأعرابي : بيقر : ساق نفسه . وإلى بعض ما مضى يرجع البقار ، وهو موضع . قال النابغة :


                                                          سهكين من صدأ الحديد كأنهم     تحت السنور جنة البقار

                                                          وبقر : اسم كثيب . قال :

                                                          [ ص: 281 ]

                                                          تنفي الطوارف عنه دعصتا بقر     ويافع من فرندادين ملموم



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية