قوله ( ومن : ذبح هديا في موضعه ، وحل ) يعني يتحلل بنحر هديه بنية التحلل به وجوبا فتعتبر النية هنا للتحلل ولم تعتبر في غير المحصر لأن غيره قد أتى بأفعال النسك ، فقد أتى بما عليه والمحصر يريد الخروج من العبادة قبل إكمالها والذبح قد يكون لغير الحل أحرم فحصره عدو ، ومنعه من الوصول إلى البيت ، ولم يكن له طريق آمن إلى الحج ، ولو بعدت وفات الحج
تنبيه :
ظاهر كلام : أنه سواء أحصره العدو قبل الوقوف المصنف بعرفة أو بعده وهو صحيح ، وهو المذهب نص عليه وجزم به في الرعايتين ، والزركشي [ ص: 68 ] والحاويين وقدمه في الفروع وقال ، المصنف والشارح : إنما ذلك إذا كان قبل التحلل الأول فأما : فليس له أن يتحلل ومتى زال الحصر : أتى بالطواف وتم حجه قوله ( ذبح هديا في موضعه ) يعني : في موضع حصره وهذا المذهب ، وسواء كان موضعه في الحل أو في الحرم نص عليه وعليه الأصحاب المحصر عن طواف الإفاضة ، بعد رمي الجمرة لا ينحره إلا في الحرم ويواطئ رجلا على نحره في وقت يتحلل فيه قال وعنه : هذا والله أعلم فيمن كان حصره خاصا فأما الحصر العام : فلا ينبغي أن يقوله أحد المصنف لا ينحره إلا في الحرم ، إذا كان مفردا أو كان قارنا ويكون يوم النحر قال في الكافي : وكذلك من ساق هديا لا يتحلل إلا يوم النحر وقدم في الرعاية : أنه لا ينحر الهدي إلا يوم النحر قال وعنه الزركشي وغيره : ويجب أن ينوي بذبحه التحلل به لأن الهدي يكون لغيره فلزمه النية ، طلبا للتمييز
تنبيه :
قوله " ذبح هديا " يعني أن الهدي يلزمه وهذا المذهب و عليه الأصحاب واختار ابن القيم في الهدي : أنه لا يلزم المحصر هدي
فائدة
: على الصحيح من المذهب وقال لا يلزم المحصر إلا دم واحد ، سواء تحلل بعد فواته أو لا وغيره : إن تحلل بعد فواته ، فعليه هديان : هدي لتحلله ، وهدي لفواته تنبيهان القاضي
أحدهما : ظاهر قوله " ذبح هديا وحل " أن الحل مرتب على الذبح وهو المذهب بلا ريب في المحرم بالحج : لا يحل إلا يوم النحر ليتحقق الفوات [ ص: 69 ] وعنه
الثاني : ظاهر قوله ( صام عشرة أيام ثم حل ) أنه لا إطعام فيه وهو صحيح وهو الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وهو من المفردات فإن لم يجد هديا فيه إطعام وقال وعنه الآجري : إن عدم الهدي مكانه قومه طعاما ، وصام عن كل مد يوما وحل وأحب أن لا يحل حتى يصوم إن قدر فإن صعب عليه : حل ثم صام وتقدم ذلك في الفدية فائدتان
إحداهما : لو حصر عن فعل واجب : لم يتحلل على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وعليه دم له وقال : يتوجه فيمن حصر بعد تحلله الثاني : يتحلل وأومأ إليه قال في الفائق ، وقال القاضي : له التحلل شيخنا
الثانية : يباح التحلل لحاجة في الدفع إلى قتال ، أو بذل مال كثير فإن كان يسيرا والعدو مسلم فقال ، المصنف والشارح : قياس المذهب وجوب بذله كالزيادة في ثمن الماء للوضوء قلت : وهو الصواب وقيل : لا يجب بذله ونقله المصنف والشارح عن بعض الأصحاب وأطلقها في الفروع ومع كفر العدو يستحب قتالهم إن قوي المسلمون ، وإلا فتركه أولى
تنبيه :
ظاهر هنا : أن الحلاق أو التقصير لا يجب هنا ويحصل التحلل بدونه وهو أحد القولين لعدم ذكره في الآية ولأنه مباح ليس بنسك خارج الحرم لأنه من توابع الحرم كالرمي والطواف وقدم في المحرر عدم الوجوب وهو ظاهره كلام المصنف وقدمه الخرقي في شرحه وقيل : فيه روايتان مبنيتان على أنه هل هو نسك ، أو إطلاق من محظور [ ص: 70 ] وجزم بهذه الطريقة في الكافي وقال في المغني والشرح بعد أن أطلقا الروايتين ولعل الخلاف مبني على الخلاف في الحلق : هل هو نسك ، أو إطلاق من محظور ؟ وقدم الوجوب في الرعاية واختاره ابن رزين في التعليق وغيره وأطلق الطريقتين في الفروع قوله ( وإن نوى التحلل قبل ذلك لم يحل ) ولزمه دم لتحلله هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقدمه في الفروع وقيل : لا يلزمه دم لذلك جزم به في المغني والشرح القاضي