الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( ولا الأدهان النجسة ) هذا المذهب مطلقا . وعليه جماهير الأصحاب . قال في المذهب ، والكافي وغيرهما : هذا ظاهر المذهب . قال المصنف ، الشارح ، والناظم ، وغيرهم : هذا الصحيح من المذهب . وجزم به في الوجيز وغيره . وقدمه في المستوعب ، والمحرر ، والفروع ، والرعايتين . والحاويين ، والفائق وغيرهم . وعنه يجوز بيعها لكافر علم نجاستها . ذكرها أبو الخطاب في باب الأطعمة . ومن بعده . وخرج أبو الخطاب ، والمصنف ، وصاحب التلخيص ، وغيرهم : جواز بيعها حتى لمسلم ، من رواية جواز الاستصباح بها ، على ما يأتي من تخريج المصنف في كلامه . وقيل : يجوز بيعها إن قلنا تطهر بغسلها وإلا فلا . قاله في الرعاية . قلت : هذا المذهب . ولا حاجة إلى حكايته قولا . ولهذا قال في المحرر ، والحاويين ، وغيرهم على القول بأنها تطهر يجوز بيعها . ولم يحكوا خلافا . وقيل : يجوز بيعها إن جاز الاستصباح بها . ولعله القول المخرج المتقدم . لكن حكاهما في الرعاية .

تنبيه :

قال ابن منجا في شرحه : مراد المصنف بقوله في الرواية الثانية ( يعلم نجاستها ) اعتقاده للطهارة . قال : لأن نفس العلم بالنجاسة ليس شرطا في بيع الثوب النجس . فكذا هنا . قال في المطلع : وقوله " يعلم نجاستها " بمعنى أنه يجوز له في شريعته الانتفاع بها . قلت : ظاهر كلام المصنف وكثير من الأصحاب : اشتراط إعلامه بنجاسته [ ص: 282 ] لا غير سواء اعتقد طهارته أو لا . وهو كالصريح في كلام صاحب التلخيص فيه . فإنه قال : وعنه يباع لكافر بشرط أن يعلم بالحال . وقال في الهداية وغيره : بشرط أن يعلمه أنها نجسة . وقد استدل لهذه الرواية بما يوافق ما نقول . فإنهم استدلوا بقول أبي موسى " لتوا به السويق ، وبيعوه . ولا تبيعوه من مسلم . وبينوه " . وقال في الكافي : ويعلم بحاله لأنه يعتقد حله . قوله ( وفي جواز الاستصباح بها روايتان ) وأطلقهما في الهداية ، والإيضاح ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والكافي ، والمغني ، والتلخيص ، والمحرر ، وابن تميم ، والرعاية الصغرى . والحاويين ، والشرح ، وشرح ابن منجا ، والفائق ، والمذهب الأحمد ، والفروع .

إحداهما : يجوز . وهو المذهب . صححه في التصحيح ، والخلاصة ، والرعاية الكبرى ، وغيرهم . قال الزركشي : هذا أشهر الروايتين . ونصرها في المغني . واختاره الخرقي ، والشيخ تقي الدين وغيرهما . وجزم به في الإفادات في باب النجاسة .

والرواية الثانية : لا يجوز الاستصباح بها . جزم به في الوجيز .

فائدتان

إحداهما : حيث جوزنا الاستصباح بها . فيكون على وجه لا تتعدى نجاسته إما بأن يجعل في إبريق ، ويصب منه في المصباح ولا يمس ، وإما بأن يدع على رأس الجرة التي فيها الدهن سراجا مثقوبا ، ويطينه على رأس إناء الدهن . وكلما نقص دهن السراج صب فيه ماء ، بحيث يرفع الدهن ، فيملأ السراج وما أشبهه . قاله جماعة . ونقله طائفة عن الإمام أحمد . [ ص: 283 ] قلت : الذي يظهر : أن هذا ليس شرطا في صحة البيع . وظاهر كلام الفروع : أنه جعله شرطا عند القائلين به .

الثانية : لا يجوز الاستصباح بشحوم الميتة ، ولا بشحم الكلب ، والخنزير ، ولا الانتفاع بشيء من ذلك ، قولا واحدا . عند الأصحاب . ونص عليه . واختار الشيخ تقي الدين جواز الانتفاع بالنجاسات . وقال : سواء في ذلك شحم الميتة وغيره . وهو قول للشافعي . وأومأ إليه في رواية ابن منصور .

تنبيه :

قوله ( ويتخرج على ذلك جواز بيعها ) أن المصنف وغيره . خرجوا جواز البيع من رواية جواز الاستصباح بها .

التالي السابق


الخدمات العلمية