قوله ( ومن باع سلعة نسيئة  لم يجز أن يشتريها بأقل مما باعها نقدا ، إلا أن تكون قد تغيرت صفتها ) . هذه مسألة العينة ، فعلها محرم . على الصحيح من المذهب . نص عليه . وعليه الأصحاب . وعند  أبي الخطاب    : يحرم استحسانا ، ويجوز قياسا . وكذا قال في الترغيب : لم يجز استحسانا . وفي كلام  القاضي  وأصحابه : القياس صحة البيع . قال في الفروع : ومرادهم أن القياس خولف لدليل راجح . فلا خلاف إذا في المسألة . وحكى الزركشي  بالصحة قولا . وذكر الشيخ تقي الدين  أيضا : أنه يصح البيع الأول . إذا كان بيانا بلا مواطأة ، وإلا بطلا . وأنه قول  أحمد    . قال في الفروع : ويتوجه أن مراد من أطلق : هذا . إلا أنه قال في الانتصار : إذا قصد بالأول الثاني يحرم . وربما قلنا ببطلانه . وقال أيضا : يحتمل إن قصد أن لا يصحا ، وإن سلم : فالبيع الأول خلا عن ذريعة الربا .  [ ص: 336 ] 
تنبيه : 
قوله ( لم يجز أن يشتريها بأقل مما باعها نقدا ) . قاله  أبو الخطاب  ،  والمصنف  في المغني ، والشارح  ، والناظم  ، وصاحب الوجيز ، والرعاية الصغرى ، وغيرهم . والصحيح من المذهب : لا يشترط في التحريم أن يشتريها بنقد . بل يحرم شراؤها ، سواء كان بنقد أو نسيئة . قال في الفروع : ولم يقله  أحمد  ، والأكثر . بل لو كان بعد حل أجله . نقله  ابن القاسم  وسندي    . 
فوائد 
إحداها : لو اشتراها بعرض ، أو كان بيعها الأول بعرض ، فاشتراها بنقد جاز . قال  المصنف  والشارح    : لا نعلم فيه خلافا . قال في الفروع : فإن كان بغير جنسه جاز . انتهى . 
وإن باعها بنقد واشتراها بنقد آخر . فقال الأصحاب : يجوز قاله  المصنف  ، والشارح    . 
وفي الانتصار وجه لا يجوز إلا إذا كان بعرض . فلا يجوز إلا إذا كان بنقدين مختلفين . واختاره  المصنف  ، والشارح    . قلت    : وهو الصواب . 
الثانية : من مسائل العينة لو باعه شيئا بثمن لم يقبضه . ذكره  القاضي  وأصحابه . وهو ظاهر كلام  الإمام أحمد    . ثم اشتراه بأقل مما باعه نقدا ، أو غير نقد على الخلاف المتقدم : لم يصح . 
الثالثة : عكس العينة : مثلها في الحكم . وهي أن يبيع السلعة بثمن حال . ثم يشتريها بأكثر نسيئة . على الصحيح من المذهب . نص عليه . قدمه في المغني ، والشرح ، والفروع ، والفائق . ونقل أبو داود    : يجوز بلا حيلة .  [ ص: 337 ] ونقل المروذي  فيمن باع شيئا ، ثم وجده يباع أيشتريه بأقل مما باعه ؟ قال : لا . ولكن بأكثر لا بأس . قال  المصنف    : ويحتمل أن يجوز له شراؤها بجنس الثمن بأكثر منه . إذا لم تكن مواطأة ولا حيلة . بل وقع اتفاقا من غير قصد . قوله ( فإن اشتراه أبوه أو ابنه جاز ) مراده : إذا لم يكن حيلة . فإن كان حيلة لم يجز . وكذا يجوز له الشراء من غير مشتريه لا من وكيله . قال في الفائق قلت    : بشرط عدم المواطأة . انتهى . قلت    : وهو مراد الأصحاب . 
فائدة : 
لو احتاج إلى نقد ، فاشترى ما يساوي مائة بمائة وخمسين . فلا بأس . نص عليه . وهو المذهب . وعليه الأصحاب . وهي مسألة التورق .  وعنه  يكره .  وعنه  يحرم . اختاره الشيخ تقي الدين    . فإن باعه لمن اشترى منه : لم يجز . وهي ، العينة . نص عليه . قوله ( وإن باع ما يجري فيه الربا نسيئة ، ثم اشترى منه بثمنه قبل قبضه من جنسه ، أو ما لا يجوز بيعه نسيئة    : لم يجز ) وهو المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . وقطع به كثير منهم . واختار  المصنف  الصحة مطلقا ، إذا لم يكن حيلة . وقال : قياس مسألة العينة أخذ عين جنسه . واختاره في الفائق . واختار الشيخ تقي الدين  الصحة ، إذا كان ثم حاجة . وإلا فلا . 
تنبيه : 
شمل كلام  المصنف  مسألتين : إحداهما : أن يبيعه كيل بر إلى شهر بمائة ، ثم يشتري بثمنه بعد استحقاقه  [ ص: 338 ] منه برا . فلا يجوز . قال في التلخيص : قاله أصحابنا . ونص عليه . 
الثانية : أن يأخذ بالثمن منه شعيرا أو غيره مما يجري فيه الربا نسيئة . فلا يجوز . 
فوائد الباب 
يحرم التسعير . ويكره الشراء به . على الصحيح من المذهب . وإن هدد من خالفه : حرم وبطل العقد . على الصحيح من المذهب . صححه في الفروع ، والرعاية الكبرى . وقدمه في الرعاية الصغرى . وقيل : لا يبطل العقد بأحدهما هل الوعيد إكراه أم لا ؟ . ويحرم قوله " بع كالناس " على الصحيح من المذهب . وفيه وجه : لا يحرم . وأوجب الشيخ تقي الدين  إلزامهم المعاوضة بمثل الثمن . وقال : لا نزاع فيه ، لأنها مصلحة عامة لحق الله تعالى . وكره  الإمام أحمد  البيع والشراء من مكان ألزم الناس بهما فيه ، لا الشراء ممن اشترى منه . وكره أيضا الشراء بلا حاجة من جالس على الطريق ، ومن بائع مضطر ونحوه . وقال في المنتخب : لبيعه بدون ثمنه . ويحرم الاحتكار في قوت الآدمي فقط . على الصحيح من المذهب . نص عليه . وقيل : لا يحرم .  وعنه  يحرم أيضا فيما يأكله الناس .  وعنه  أو يضرهم إدخاره بشرائه في ضيق . وقال  المصنف    : من بلده لا جالبا . والأول قدمه في الفروع . وقاله  القاضي  وغيره ويصح شراء محتكر على الصحيح من المذهب . وفي الترغيب احتمال بعدم الصحة . وفي كراهة التجارة في الطعام إذا لم يرد الحكرة : روايتان . وأطلقهما في الفروع .  [ ص: 339 ] قال في الرعاية الكبرى : ومن جلب شيئا ، أو استغله من ملكه ، أو مما استأجره ، أو اشتراه زمن الرخص ، ولم يضيق على الناس إذن ، أو اشتراه من بلد كبير ، كبغداد  والبصرة  ومصر  ونحوها . فله حبسه حتى يغلو ، وليس محتكرا . نص عليه . وترك ادخاره . لذلك أولى . انتهى . وقال  القاضي    : يكره إن تربص به السعر ، لا جالبا بسعر يومه . نقل عبد الله   وحنبل    : الجالب أحسن حالا ، وأرجو أن لا بأس ، ما لم يحتكر . وقال : لا ينبغي أن يتمنى الغلاء . وقال في الرعاية الصغرى : يكره . واختاره الشيخ تقي الدين    . ويجبر المحتكر على بيعه كما يبيع الناس . فإن أبى وخيف التلف فرقه الإمام ويردون مثله . قال في الفروع : ويتوجه قيمته . قلت    : وهو قوي . وكذا سلاح لحاجة . قاله الشيخ تقي الدين    . قلت    : وأولى . ولا يكره ادخار قوت لأهله ودوابه . نص عليه . ونقل جعفر    : سنة وسنتين ولا ينوي التجارة : فأرجو أن لا يضيق . ومن ضمن مكانا ليبيع فيه ويشتري وحده : كره الشراء منه بلا حاجة . ويحرم عليه أخذ زيادة بلا حق . ذكره الشيخ تقي الدين    . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					