قوله ( ولمن له الخيار الفسخ من غير حضور صاحبه ولا رضاه    ) . هذا المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . وأطلقوا . [ وقال  المجد  في شرحه : هو ظاهر كلام الأصحاب ] .  [ ص: 378 ] ونقل أبو طالب  له الفسخ برد الثمن . وجزم به الشيخ تقي الدين  رحمه الله ، كالشفيع . 
قلت    : وهذا الصواب الذي لا يعدل عنه ، خصوصا في زمننا هذا . وقد كثرت الحيل . ويحتمل أن يحمل كلام من أطلق على ذلك . وخرج  أبو الخطاب  ، ومن تبعه من عزل الوكيل : أنه لا يفسخ في غيبته حتى يبلغه في المدة . 
قال في القاعدة الثالثة والستين : وفيه نظر . فإن من له الخيار يتصرف في الفسخ . 
قوله ( وإن مضت المدة ولم يفسخاه  بطل خيارهما ) . يعني ولزم البيع . وهذا المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . وقطع به كثير منهم وقيل : لا يلزم بمضي المدة . اختاره  القاضي    . لأن مدة الخيار ضربت لحق له لا لحق عليه . فلم يلزم الحكم بمضي المدة كمضي الأجل في حق المولى . فعلى هذا : ينبغي أن يقال : إذا مضت المدة يؤمر بالفسخ . وإن لم يفعل ، فسخ عليه الحاكم . كما قلنا في المولى على ما يأتي . 
قوله ( وينتقل الملك إلى المشتري بنفس العقد في أظهر الروايتين ) وكذا قال في الهداية ، والمستوعب ، والتلخيص ، وغيرهم . وهذا المذهب بلا ريب . وعليه الأصحاب . 
قال في القواعد الفقهية : وهي المذهب الذي عليه الأصحاب . قال  المصنف  ، والشارح  ، وصاحب الفروع ، وغيرهم : هذا ظاهر المذهب . قال في المحرر : هذا أشهر الروايتين . قال في الفائق : هذا أصح الروايتين . قال في الرعاية الكبرى : وإذا ثبت الملك في المبيع للمشتري ثبت في الثمن للبائع . انتهى .  [ ص: 379 ] والرواية الثانية : لا ينتقل الملك عن البائع حتى ينقضي الخيار . فعليها يكون الملك للبائع . 
وقال في القواعد الفقهية : ومن الأصحاب من حكى أن الملك يخرج عن البائع ولا يدخل إلى المشتري . قال : وهو ضعيف . 
فائدة : 
حكم انتقال الملك في خيار المجلس  حكم انتقاله في خيار الشرط . خلافا ومذهبا . 
تنبيه : 
لهذا الخلاف فوائد كثيرة . ذكرها العلامة ابن رجب  رحمه الله في قواعده ، وغيره . 
منها لو اشترى من يعتق عليه ، أو زوجته  ، فعلى المذهب : يعتق وينفسخ نكاحها . وعلى الثانية : لا يثبت ذلك . 
ومنها لو حلف لا يبيع ، فباع بشرط الخيار : خرج على الخلاف . قدمه في القواعد . وقال : ذكره  القاضي    . وأنكر  المجد  ذلك ، وقال : يحنث على الروايتين . قلت    : وهو الصواب . 
وأما للأخذ بالشفعة : فلا يثبت في مدة الخيار ، على كلا الروايتين ، عند أكثر الأصحاب . ونص عليه في رواية  حنبل    . 
فمنهم من علل بأن الملك لم يستقر بعد . ومنهم من علل بأن الأخذ بالشفعة يسقط حق البائع من الخيار . فلذلك لم يجز المطالبة به في مدته . وهو تعليل  القاضي  في خلافه . 
فعلى هذا : لو كان الخيار للمشتري وحده تثبت الشفعة . وذكر  أبو الخطاب  احتمالان بثبوت الشفعة مطلقا ، إذا قلنا بانتقال الملك إلى المشتري . قال في الفروع : تفريعا على المذهب .  [ ص: 380 ] قال  أبو الخطاب  وغيره : ويأخذ بالشفعة . ويأتي ذلك في آخر الشفعة في أول الفصل الأخير من كلام  المصنف    . 
ومنها : لو باع أحد الشريكين شقصا بشرط الخيار ، فباع الشفيع حصته في مدة الخيار    . فعلى المذهب : يستحق المشتري الأول انتزاع شقص الشفيع من يد مشتريه . لأنه شريك الشفيع حالة بيعه . 
وعلى الثانية : يستحقه البائع الأول ، لأن الملك باق له . 
ومنها : لو باع عبدا بشرط الخيار ، وأهل هلال الفطر وهو في مدة الخيار    . فعلى المذهب : الفطرة على المشتري . وعلى الثانية : على البائع . 
ومنها : لو باع نصابا من الماشية بشرط الخيار حولا    . فعلى المذهب : زكاته على المشتري . وعلى الثانية : على البائع . 
ومنها : الكسب والنماء المنفصل في مدته . فعلى المذهب : هو للمشتري على الصحيح من المذهب ، أمضيا العقد أو فسخاه .  وعنه  إن فسخ أحدهما فالنماء المنفصل للبائع .  وعنه  وكسبه . وعلى الثاني للبائع . وقيل : هما للمشتري إن ضمنه . وستأتي هذه المسألة في كلام  المصنف    . 
ومنها : مؤنة المبيع من الحيوان والعبيد . فعلى المذهب : على المشتري . وعلى الثانية على البائع . 
ومنها : لو تلف المبيع في مدة الخيار    . فإن كان بعد القبض أو لم يكن فيها : فمن مال المشتري على المذهب . ومن مال البائع على الثانية . على ما يأتي في كلام  المصنف    . 
ومنها : لو تعيب في مدة الخيار    . فعلى المذهب : لا يرد بذلك إلا أن يكون غير مضمون على المشتري لانتفاء القبض . وعلى الثانية : له الرد بكل حال . 
ومنها : لو باع الملتقط اللقطة بعد الحول ، بشرط الخيار . ثم جاء ربها في  [ ص: 381 ] مدة الخيار    . فإن قلنا لم ينتقل الملك . فالرد واجب . وإن قلنا بانتقاله ، فوجهان . جزم في الكافي بالوجوب . 
قلت    : ويتوجه عدم الوجوب ، وتكون له القيمة أو المثل . 
ومنها : لو باع محل صيدا بشرط الخيار ، ثم أحرم في مدته    . فإن قلنا بانتقال الملك عنه ، فليس له الفسخ . لأنه ابتداء ملك على الصيد ، وهو ممنوع منه . وإن قلنا : لم ينتقل الملك عنه فله ذلك . ثم إن كان في يده المشاهدة أرسله ، وإلا فلا . 
ومنها : لو باعت الزوجة الصداق قبل الدخول ، بشرط الخيار ، ثم طلقها الزوج    . فإن قلنا بانتقال الملك عنها ، ففي لزوم استردادها وجهان . قلت    : الأولى عدم لزوم استردادها . وإن قلنا لم يزل عنها : استرده وجها واحدا . 
ومنها لو باع أمة بشرط الخيار ، ثم فسخ البيع  ، وجب على البائع الاستبراء على المذهب . وعلى الثانية : لا يلزمه . لبقاء الملك . 
ومنها : لو اشترى أمة بشرط الخيار واستبرأها في مدته    . فإن قلنا : الملك لم ينتقل إليه ، لم يكفه ذلك الاستبراء . وإن قلنا بانتقاله . فقال في الهداية ، والمغني ، وغيرهما : يكفي . 
وذكر في الترغيب والمحرر وجهين لعدم استقرار الملك . 
ومنها : التصرف في مدة الخيار والوطء . ويأتيان في كلام  المصنف  قريبا . 
فائدة : 
الحمل وقت العقد مبيع . على الصحيح من المذهب . جزم به  المصنف  والشارح  ، وغيرهما . وقدمه في الفروع وغيره . قال في القواعد الفقهية : قال  القاضي  ،  وابن عقيل    : إن قلنا للحمل حكم ، فهو داخل في العقد ، ويأخذ قسطا من العوض . ولمن قلنا : لا حكم له لم يأخذ  [ ص: 382 ] قسطا . وكان حكمه حكم النماء المنفصل . فلو ردت العين بعيب . فإن قلنا له حكم : رد مع الأصل ، وإلا كان حكمه حكم النماء . 
قال : وقياس المذهب : يقتضي أن حكمه حكم الأجزاء ، لا حكم الولد المنفصل ، فيجب رده مع العين . وأن لا حكم له ، وهو أصح . انتهى . 
وذكر في أول القاعدة الرابعة والثمانين : أن  القاضي  ،  وابن عقيل  ، وغيرهما قالوا : الصحيح من المذهب ، أن له حكما . انتهى .  وعنه  الحمل نماء . فترد الأم بعيب بالثمن كله . قطع به في الوسيلة ، واقتصر عليه في الفروع . فعلى المذهب : هل هو كأحد عينين ، أو بيع للأم لا حكم له ؟ فيه روايتان . ذكرهما في المنتخب في الصداق . وقد تقدم كلام ابن رجب    . وقال  القاضي  في المجرد ، في أثناء التفليس : وإن كانت حين البيع حاملا ، ثم أفلس المشتري . فله الرجوع فيها وفي ولدها . لأنها إذا كانت حاملا حين البيع فقد باع عينين ، وقد رجع فيهما . قوله ( فما حصل من كسب أو نماء منفصل : فهو له ، أمضيا العقد أو فسخاه    ) هذا مبني على المذهب . وهو أنه ينتقل الملك إلى المشتري . وهذا المذهب . وعليه الأصحاب . وجزم به في القواعد وغيرها . وقدمه في الفروع .  وعنه  إن فسخ أحدهما فالنماء المنفصل للبائع . عنه : والكسب . وعلى الرواية الثانية : يكون للبائع . وقيل : هما للمشتري إن ضمنه . وتقدم ذلك في الفوائد . وقال في القاعدة الثانية والثمانين : لو فسخ البيع في مدة الخيار ، وكان له نماء متصل  ، مخرج في المستوعب والتلخيص وجهين كالفسخ بالعيب . وذكر  القاضي  في خلافه ،  وابن عقيل  في عمده : أن الفسخ بالخيار فسخ  [ ص: 383 ] للعقد من أصله . لأنه لم يرض فيه بلزوم البيع ، بخلاف الفسخ بالعيب ونحوه . فعلى هذا : يرجع بالنماء المنفصل في الخيار ، بخلاف العيب . انتهى . ويأتي في خيار العيب : هل الحمل والطلع ، أو الحب يصير زرعا : زيادة متصلة ، أو منفصلة  
				
						
						
