قوله ( الرابع : خيار التدليس بما يزيد به الثمن    . كتصرية اللبن في الضرع ، وتحمير وجه الجارية ، وتسويد شعرها وتجعيده ، وجمع ماء الرحى وإرساله عند عرضها ) .  [ ص: 399 ] قال في الرعاية : كذا تحسين وجه الصبرة ونحوها . وتصنيع النساج وجه الثوب ، وصقال الإسكاف وجه المتاع ونحوه . فهذا يثبت للمشتري خيار الرد بلا نزاع . وظاهره : أنه لو حصل ذلك من غير قصد التدليس لا خيار له . وهو أحد الوجهين . وهو احتمال في المغني ، والشرح ، ومالا إليه . 
الوجه الثاني : يثبت بذلك أيضا . اختاره  القاضي  ، واقتصر عليه في الفائق [ وجزم به في الكافي ] وقدمه في الرعاية الكبرى ، وشرح  ابن رزين    . وذكر صور المسألة : تحمير الوجه من الخجل أو التعب . وأطلقهما في الفروع . [ وقيل : لا يثبت إلا بحمرة الخجل أو التعب ونحوهما . وهو أولى من الأول ومال إليه  المصنف  ، والشارح    ] . 
فائدة : 
لو سود كف العبد ، أو ثوبه . ليظن أنه كاتب ، أو حداد ، أو علف الشاة ، أو غيرها . ليظن أنها حامل : لم يثبت للمشتري بذلك خيار . على الصحيح من المذهب . وقيل : يثبت . قوله ( ويرد مع المصراة عوض اللبن صاعا من تمر ) . يتعين التمر في الرد بشرطه . ولو زادت قيمته على المصراة ، أو نقصت عن قيمة اللبن . على الصحيح من المذهب . وعليه أكثر الأصحاب . وقيل : يجزئ القمح أيضا . اختاره الشيرازي    . لحديث رواه  البيهقي    . وقال الشيخ تقي الدين    : يعتبر في كل بلد صاع من غالب قوته . 
فائدتان 
إحداهما : علل أبو بكر  وجوب الصاع بأن لبن التصرية اختلط بلبن حدث في ملك المشتري . فلما لم يتميز قطع عليه أفضل الصلاة والسلام المشاجرة بينهما بإيجاب صاع . 
الثانية : لو اشترى أكثر من مصراة    : رد مع كل واحد صاعا . صرح به في الفائق وغيره .  [ ص: 400 ] قلت    : وهو داخل في عموم كلامهم . 
تنبيه : 
قوله ( فإن لم يجد التمر فقيمته في موضعه ) أي في موضع العقد . صرح به الأصحاب ، ولو زادت على قيمة المصراة . نص عليه  أحمد  رحمه الله . 
قوله ( فإن كان اللبن بحاله لم يتغير : رده وأجزأه ) . هذا المذهب . جزم به في الوجيز ، وغيره . وقدمه في الفروع وغيره . ونصره الشارح  ، وغيره . واختاره  المصنف  ، وغيره . 
قال  القاضي    : الأشبه أنه يلزم البائع قبوله . 
قال في الرعاية الكبرى : لزم البائع قبوله في الأقيس . واقتصر عليه . ويحتمل أنه لا يجزئه إلا التمر . وهو أحد الوجهين . وصححه في الخلاصة ، والبلغة ، والنظم . وقدمه في الهداية ، والمستوعب ، والتلخيص ، والمحرر ، والرعاية الصغرى ، والحاويين ، والفائق ، وغيرهم . ويشمله كلام  الخرقي    . وأطلقهما في المذهب ، ومسبوك الذهب ، والكافي ، والزركشي  ، وغيرهم . 
تنبيهان 
إحداهما : مفهوم قوله " لم يتغير رده " أنه إذا تغير لا يلزم البائع قبوله . وهو صحيح . وهو المذهب قدمه في الفروع ، والرعاية . واختاره  القاضي    [ والكافي وغيرهم ] وقيل : يجزئه رده ، ويلزم البائع قبوله [ اختاره  القاضي    ] . 
الثاني : لو علم التصرية قبل الحلب ، فردها قبل حلبها : لم يلزمه شيء . قوله ( ومتى علم التصرية فله الرد ) . فظاهره : أنه سواء كان قبل مضي ثلاثة أيام ، أو بعدها ما لم يرض . كسائر التدليس . وهذا قول  أبي الخطاب    . قال  المصنف  ، والشارح    : هذا القياس .  [ ص: 401 ] قال  ابن رزين  في شرحه : هذا أقيس . قال ابن منجا  في شرحه : هذا المذهب وقدمه في الكافي ، والنظم ، وإدراك الغاية . قال الزركشي    : ويتخرج من قول  أبي الخطاب  قول آخر : أن الخيار على الفور كالعيوب . لأن فيها قولا كذلك . انتهى . 
وقال  القاضي    : ليس له ردها إلا بعد ثلاث منذ علم . ويكون على الفور بعدها وهذا ظاهر كلام  الإمام أحمد    . وجزم به في الوجيز . وصححه في الخلاصة . وقدمه في المستوعب ، وشرح  ابن رزين  ، والحاوي الكبير ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، وقال فيهما : إذا لم يتبين التصرية إلا بعد ثلاث فوجهان . 
أحدهما : يثبت الرد عند تبين التصرية . والآخر : تكون مدة الخيار ثلاثا . انتهى . 
قلت    : الذي يظهر من تعليله بكلام  القاضي    : أنه إذا لم يعلم إلا بعد ثلاث . أن خياره يكون على الفور . 
وظاهر كلام ابن أبي موسى    : أنه متى علم التصرية ثبت له الخيار في الأيام الثلاثة إلى تمامها . قاله  المصنف  في المغني ، والشارح  عنه . 
وقال في الكافي ، وقال ابن أبي موسى    : إذا علم التصرية فله الخيار إلى تمام ثلاثة أيام من حين البيع . وقدمه في الرعاية الكبرى . لكن قال الزركشي    : ولا عبرة بما أوهمه كلام  أبي محمد  في الكافي : أن ابتداء الثلاثة على قول ابن أبي موسى  من حين البيع . وأطلقهن في المغني ، والشرح ، وتجريد العناية . واعلم أن الصحيح من المذهب : أنه متى علم التصرية يخير ثلاثة أيام منذ علم جزم به في المجرد ، والمنور ، وتذكرة ابن عبدوس  ، ومنتخب الأزجي    . وقدمه في الفروع ، والفائق ، والرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير . قال  المصنف  ، والشارح    : والعمل بالخبر أولى .  [ ص: 402 ] قال الزركشي    : هذا ظاهر الحديث ، وعليه المعتمد . ويحتمله كلام ابن أبي موسى    . والفرق بين هذا وبين قول  القاضي    : أن الخيرة على قول  القاضي  تكون بعد الأيام الثلاثة . وتكون على هذا على الفور ، وعلى المذهب : تكون الخيرة في الأيام الثلاثة . 
تنبيه : 
ظاهر قوله " فله الرد " أنه ليس له سواه أو الإمساك مجانا . وهو الصحيح من المذهب . 
قال الزركشي    : هو المشهور عند الأصحاب . وجزم به في المحرر ، والنظم ، والوجيز ، وغيرهم . وهو ظاهر كلامه في المغني ، والشرح ، وغيرهما . وقدمه في الفروع ، والرعاية الكبرى ، والفائق ، وغيرهم . وقيل : يخير بين الإمساك مع الأرش وبين الرد . وجزم به أبو بكر  في التنبيه ، والمبهج ، والتلخيص والترغيب ، والبلغة . والرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير ، وتذكرة ابن عبدوس    . ومال إليه صاحب الروضة . ونقله ابن هانئ    . وجزم به في المستوعب ، والحاوي الكبير في التصرية . لأنهما حكياه عن أبي بكر  واقتصرا عليه . وقدماه في غير التصرية . لكن قالا : ظاهر كلام غير أبي بكر  من أصحابنا : أنه ليس له الرد أو الإمساك لا غير . 
قوله ( وإن صار لبنها عادة : لم يكن له الرد في قياس قوله : إذا اشترى أمة مزوجة فطلقها الزوج ، لم يملك الرد ) . واعلم أنه إذا صار لبنها عادة لم يكن له الرد . وجزم به كل من ذكرها وأما إذا اشترى أمة مزوجة فطلقها الزوج وهو الأصل المقيس عليه فالصحيح من المذهب : أنه لا خيار للمشتري . نص عليه . قال  ابن عقيل  في الفصول : بشرط أن يكون طلاقها رجعيا . قلت    : لعله مراد  المصنف  ، والمذهب .  [ ص: 403 ] وقال  ابن عقيل  أيضا ، في طلاق بائن فيه عدة : احتمالان . قلت    : الذي يظهر : إن كانت العدة بقدر الاستبراء : أنه لا خيار له . وقال في الرعاية من عنده : إن اشترى معتدة من طلاق أو موت جاهلا ذلك فله ردها أو الأرش . 
تنبيه : 
قوله " فطلقها الزوج " هكذا أطلق أكثر الأصحاب . وقال في الرعايتين والفائق : فلو طلقت قبل علمه زال . نص عليه . فقيد الطلاق بعدم العلم . قال  شيخنا    : والأول أظهر . 
فائدة 
لو اشتراها ولم يعلم بكونها مزوجة : خير بين الرد أو الإمساك مع الأرش ، وإن كان عالما : فلا خيار له ، وليس له منع زوجها من وطئها بحال . قوله ( وإن كانت التصرية في غير بهيمة الأنعام    : فلا رد له في أحد الوجهين ) 
وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة والكافي ، والمغني ، والهادي ، والتلخيص ، والشرح ، والزركشي  ، والحاوي الكبير 
أحدهما : لا رد له . وهو ظاهر الوجيز . قال ابن البنا  تبعا لشيخه  القاضي  هذا قياس المذهب . قال  ابن رزين  في شرحه : هذا أقيس . 
والوجه الثاني : له الرد . وهو الصحيح من المذهب . صححه في التصحيح ، والبلغة ، والرعايتين ، والحاوي الصغير . واختاره  ابن عقيل  ، وابن عبدوس  في تذكرته . وقدمه في المحرر ، والفروع ، وشرح  ابن رزين    . قوله ( ولا يلزمه بدل اللبن )  [ ص: 404 ] هذا المذهب . وعليه الأصحاب . وقطع به أكثرهم . وقالوا في تعليله : لأنه لا يعتاض عنه في العادة . قال في الفروع : كذا قالوا . وليس بمانع انتهى . وقيل : إن جاز بيع لبن الأمة غرمه . ذكره في الرعاية . قلت    : ويخرج عليه غيره ، بل أولى . 
قوله ( ولا يحل للبائع تدليس سلعته . ولا كتمان عيبها ) أما التدليس : فحرام بلا نزاع . وأما كتمان العيب : فالصحيح من المذهب أنه حرام . وعليه أكثر الأصحاب وهو الصواب . وذكره الترمذي  عن العلماء ، وذكر  أبو الخطاب  أنه يكره . قال في التبصرة : الكراهة نص عليها  أحمد    . وجزم به في المذهب . وقدمه في الرعايتين ، والفائق . لكن اختار الأول . قال في التلخيص : والمشهور صحة البيع مع الكراهة . انتهى . قلت    : الذي يظهر أن مراد  الإمام أحمد  رحمه الله بالكراهة : التحريم . قوله ( فإن فعل فالبيع صحيح ) 
يعني إذا كتم العيب أو دلسه وباعه . وهذا المذهب . وعليه جماهير الأصحاب .  وعنه    : لا يصح . نقل  حنبل    : بيعه مردود . واختاره أبو بكر    . قال في الحاوي الكبير : وهو ظاهر منصوص  الإمام أحمد    . 
وفي رواية  حنبل    : إذا دلس البائع العيب وباع ، فتلف المبيع في يد المشتري بغير فعله  ، فإنه يرجع على البائع بجميع الثمن . وقوله . وقال أبو بكر    : إن دلس العيب فالمبيع باطل . قيل له : فما تقول في المصراة ؟ فلم يذكر جوابا . قال الشارح  ، وابن منجا  في شرحه : فدل على رجوعه . قلت    : أكثر الأصحاب يحكي : أن هذا اختيار أبي بكر    . ولم يذكروا أنه رجع 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					