5818 ص: فإن قال قائل : فقد خص النبي -عليه السلام - في هذا الحديث الوالد الواهب دون سائر الواهبين ، أفيكون حكم الولد فيما وهب لأبيه خلاف حكم الوالد فيما وهب لولده ؟
قيل له : بل حكمهما في هذا سواء ، وذكر رسول الله -عليه السلام - أحدهما على المعنى الذي ذكرنا يجزئ من ذكره إياهما ومن ذكر غيرهما ممن حكمه في هذا مثل حكمهما ، وقد قال الله -عز وجل - :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت فحرم هؤلاء جميعا بالأنساب ، ثم قال :
[ ص: 326 ] nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة ولم يذكر في التحريم بالرضاع غير هاتين ، فكان ذكره ذلك دليلا على أن
nindex.php?page=treesubj&link=10982_13003سائر من حرم بالنسب في حكم الرضاع سواء ، وأغناه ذكر هاتين بالتحريم [بالرضاع عن ذكر من سواهما في ذلك إذ كان قد جمع بينهن في التحريم] بالأنساب فجعل حكمهن حكما واحدا ، فدل تحريمه بعضهن أيضا بالرضاع أن حكمهن في ذلك حكم واحد ، فكذلك رسول الله -عليه السلام - لما قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=101554nindex.php?page=treesubj&link=7325 "لا يحل لأحد أن يرجع في هبته " فعم بذلك الناس جميعا ، ثم قال : إلا الوالد لولده ، على المعنى الذي ذكرنا دل ذلك على أن من سوى الوالد من الواهبين في رجوع الهبات إليهم برد الله -عز وجل - إياها كذلك ، وأغناه ذكر بعضهم عن ذكر سائرهم .
5818 ص: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ خَصَّ النَّبِيُّ -عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْوَالِدَ الْوَاهِبَ دُونَ سَائِرِ الْوَاهِبِينَ ، أَفَيَكُونُ حُكْمُ الْوَلَدِ فِيمَا وَهَبَ لِأَبِيهِ خِلَافَ حُكْمِ الْوَالِدِ فِيمَا وَهَبَ لِوَلَدِهِ ؟
قِيلَ لَهُ : بَلْ حُكْمُهُمَا فِي هَذَا سَوَاءٌ ، وَذِكْرُ رَسُولِ اللَّهِ -عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَحَدَهُمَا عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَا يُجْزِئُ مِنْ ذِكْرِهِ إِيَّاهُمَا وَمِنْ ذِكْرِ غَيْرِهِمَا مِمَّنْ حُكْمُهُ فِي هَذَا مِثْلُ حُكْمِهِمَا ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ فَحَرَّمَ هَؤُلَاءِ جَمِيعًا بِالْأَنْسَابِ ، ثُمَّ قَالَ :
[ ص: 326 ] nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي التَّحْرِيمِ بِالرَّضَاعِ غَيْرَ هَاتَيْنِ ، فَكَانَ ذِكْرُهُ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=10982_13003سَائِرَ مَنْ حَرُمَ بِالنَّسَبِ فِي حُكْمِ الرَّضَاعِ سَوَاءٌ ، وَأَغْنَاهُ ذِكْرُ هَاتَيْنِ بِالتَّحْرِيمِ [بِالرَّضَاعِ عَنْ ذِكْرِ مَنْ سِوَاهُمَا فِي ذَلِكَ إِذْ كَانَ قَدْ جَمَعَ بَيْنَهُنَّ فِي التَّحْرِيمِ] بِالْأَنْسَابِ فَجَعَلَ حُكْمَهُنَّ حُكْمًا وَاحِدًا ، فَدَلَّ تَحْرِيمُهُ بِعْضَهُنَّ أَيْضًا بِالرَّضَاعِ أَنَّ حُكْمَهُنَّ فِي ذَلِكَ حَكَمٌ وَاحِدٌ ، فَكَذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ -عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=101554nindex.php?page=treesubj&link=7325 "لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ " فَعَمَّ بِذَلِكَ النَّاسَ جَمِيعًا ، ثُمَّ قَالَ : إِلَّا الْوَالِدَ لِوَلَدِهِ ، عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَا دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَنْ سِوَى الْوَالِدِ مِنَ الْوَاهِبِينَ فِي رُجُوعِ الْهِبَاتِ إِلَيْهِمْ بِرَدِّ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ - إِيَّاهَا كَذَلِكَ ، وَأَغْنَاهُ ذِكْرُ بَعْضِهِمْ عَنْ ذِكْرِ سَائِرِهِمْ .