روى البيهقي عن عروة ، وعن موسى بن عقبة ، وعن الزهري ، وعن ابن إسحاق ، وعن محمد بن عمر عن شيوخه ، قالوا : واللفظ لابن إسحاق قال : حدثني عبد الله بن سهل بن عبد الرحمن بن سهل أخو بني حارثة عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال : خرج مرحب اليهودي من حصن خيبر ، وقد جمع سلاحه يقول من يبارز ويرتجز
قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب أطعن أحيانا وحينا أضرب
إذا الليوث أقبلت تحرب
فأجابه كعب بن مالك فقال :
قد علمت خيبر أني كعب مفرج الغمى جريء صلب
إذا شبت الحرب تلتها الحرب معي حسام كالعقيق عضب
نطأكم حتى يذل الصعب نعطي الجزاء أو يفيء النهب
قال ابن هشام : وأنشدني أبو زيد - رحمه الله :
قد علمت خيبر أني كعب وأنني متى تشب الحرب
ماض على الهول جريء صلب معي حسام كالعقيق عضب
بكف ماض ليس فيه عتب ندككم حتى يذل الصعب
قال جابر : فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «من لهذا ؟ » قال محمد بن مسلمة : أنا له يا رسول الله ، أنا والله الموتور الثائر ، قتل أخي بالأمس ، قال : «فقم إليه ، اللهم أعنه عليه»
قال : فلما دنا أحدهما من صاحبه ، دخلت بينهما شجرة عمرية من شجر العشر ، فجعل أحدهما يلوذ بها من صاحبه ، فكلما لاذ منه بها اقتطع صاحبه ما دونه منها ، حتى برز كل واحد منهما لصاحبه ، وصارت بينهما كالرجل القائم ، ما فيها فنن ، ثم حمل مرحب على محمد بن مسلمة فضربه ، فاتقاه بالدرقة ، فوقع سيفه فيها ، فعضت به فأمسكته ، وضربه محمد بن مسلمة حتى قتله . والله أعلم .
قلت : جزم جماعة من أصحاب المغازي : بأن محمد بن مسلمة هو الذي قتل مرحبا .
ولكن ثبت في صحيح مسلم كما تقدم عن سلمة بن الأكوع أن عليا - رضي الله عنه - هو الذي قتل مرحبا .
وورد ذلك في حديث بريدة بن الحصيب ، وأبي نافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى تقدير صحة ما ذكره جابر ، وجزم به جماعة ، فما في صحيح مسلم مقدم عليه من وجهين :
أحدهما أنه أصح إسنادا ، الثاني . أن جابرا لم يشهد خيبر كما ذكره ابن إسحاق ، ومحمد بن عمر ، وغيرهما ، وقد شهدها سلمة وبريدة ، وأبو رافع - رضي الله عنهم - وهم أعلم ممن لم يشهدها ، وما قيل من أن محمد بن مسلمة ضرب ساقي مرحب فقطعهما ولم يجهز عليه ، ومر به علي فأجهز عليه ، يأباه حديث سلمة وأبي رافع ، والله أعلم . وصحح أبو عمر - رحمه الله - أن عليا - رضي الله عنه - هو الذي قتل مرحبا ، وقال ابن الأثير : إنه الصحيح .


