الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              ذكر إسلام صفوان بن أمية - رضي الله عنه

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن إسحاق عن عروة بن الزبير ، والبيهقي عن الزهري ، ومحمد بن عمر عن شيوخه قالوا : خرج صفوان بن أمية يريد جدة ليركب منها إلى اليمن ،

                                                                                                                                                                                                                              فقال عمير بن وهب : يا نبي الله - إن صفوان بن أمية سيد قومي وقد خرج هاربا منك ، ليقذف نفسه في البحر ، فأمنه صلى الله عليك وسلم - قال : «هو آمن”

                                                                                                                                                                                                                              فخرج عمير حتى أدركه - وهو يريد أن يركب البحر - وقال صفوان لغلامه يسار - وليس معه غيره - ويحك!! انظر من ترى ؟ قال : هذا عمير بن وهب ، قال صفوان : ما أصنع بعمير بن وهب ، والله ما جاء إلا يريد قتلي قد ظاهر علي محمدا ، فلحقه فقال : يا أبا وهب جعلت فداك ، جئت من عند أبر الناس ، وأوصل الناس ، فداك أبي وأمي الله الله في نفسك أن تهلكها ، هذا أمان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد جئتك به . قال : ويحك [ ص: 254 ] اغرب عني فلا تكلمني . قال : أي صفوان فداك أبي وأمي . أفضل الناس وأبر الناس وخير الناس ابن عمك ، عزه عزك ، وشرفه شرفك وملكه ملكك ، قال : إني أخافه على نفسي . قال : هو أحلم من ذلك وأكرم ، قال : ولا أرجع معك حتى تأتيني بعلامة أعرفها ، فقال : امكث مكانك حتى آتيك بها ، فرجع عمير إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : إن صفوان أبى أن يأنس لي حتى يرى منك أمارة يعرفها ، فنزع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمامته فأعطاه إياها ، وهي البرد الذي دخل فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معتجرا به برد حبرة ، فرجع معه صفوان حتى انتهى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي بالمسلمين العصر في المسجد ، فلما سلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

                                                                                                                                                                                                                              صاح صفوان : يا محمد ، إن عمير بن وهب جاءني ببردك ، وزعم أنك دعوتني إلى القدوم عليك ، فإن رضيت أمرا وإلا سيرتني شهرين . فقال : «انزل أبا وهب” قال : لا والله حتى تبين لي قال : «بل لك تسيير أربعة أشهر” فنزل صفوان ، ولما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى هوازن وفرق غنائمها فرأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صفوان ينظر إلى شعب ملآن نعما وشاء ورعاء ، فأدام النظر إليه ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرمقه فقال : «يا أبا وهب يعجبك هذا الشعب ؟ ” قال : نعم قال : «هو لك وما فيه” فقبض صفوان ما في الشعب ،

                                                                                                                                                                                                                              وقال عند ذلك : ما طابت نفس أحد بمثل هذا إلا نفس نبي ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله . وأسلم مكانه


                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية