الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              ذكر مصالحة أهل فدك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

                                                                                                                                                                                                                              لما أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى خيبر فدنا منها بعث محيصة بن مسعود الحارثي إلى فدك يدعوهم إلى الإسلام ويخوفهم أن يغزوهم كما غزا أهل خيبر . ويحل بساحتهم ، قال محيصة فجئتهم فأقمت عندهم يومين ، فجعلوا يتربصون ويقولون بالنطاة عامر وياسر والحارث ، وسيد اليهود مرحب ، ما نرى محمدا بقرب حراهم ، إن بها عشرة آلاف مقاتل ، قال محيصة :

                                                                                                                                                                                                                              فلما رأيت خبثهم أردت أن أرجع ، فقالوا : نحن نرسل معك رجالا منا يأخذون لنا الصلح ، ويظنون أن يهود تمتنع ، فلم يزالوا كذلك حتى جاءهم قتل أهل حصن ناعم ، وأهل النجدة منهم ، ففت ذلك أعضادهم ، فقدم رجل من رؤسائهم يقال له نون بن يوشع في نفر من يهود ، فصالحوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن يحقن دماءهم ويجليهم ، ويخلوا بينه وبين الأموال ، ففعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويقال : عرضوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يخرجوا من بلادهم ، ولا يكون للنبي - صلى الله عليه وسلم - عليهم من الأموال شيء ، فإذا كان أوان جذاذها جاءوا فجذوها ، فأبى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقبل ذلك ، وقال لهم محيصة : ما لكم منعة ولا حصون ولا رجال ، ولو بعث إليكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مائة رجل لساقوكم إليه ، فوقع الصلح بينهم بأن لهم نصف الأرضين بتربتها ، ولرسول الله - صلى الله عليه وسلم - نصفها ، فقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك ، يقول محمد بن عمر :

                                                                                                                                                                                                                              وهذا أثبت القولين ، وأقرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ذلك ، ولم يأتهم ، فلما كان عمر بن [ ص: 139 ] الخطاب وأجلى يهود خيبر بعث إليهم من يقوم أرضهم ، فبعث أبا الهيثم مالك بن التيهان - بفتح الفوقية وكسر التحتية المشددة ، وبالنون ، وفروة بن عمرو بن جبار - بتشديد الموحدة بن صخر ، وزيد بن ثابت ، فقوموها لهم ، النخل والأرض ، فأخذها عمر ، ودفع إليهم نصف قيمة النخل بتربتها ، فبلغ ذلك خمسين ألف درهم أو يزيد ، وكان ذلك المال جاء من العراق ، وأجلاهم إلى الشام .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية