ذكر ما قيل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما بلغه خبر خزاعة أرسل إلى قريش يخيرهم بين أمور ثلاثة  
روى ابن عائذ  عن  ابن عمر   - رضي الله تعالى عنهما ، ومحمد بن عمر  عن حزام بن هشام الكعبي  ومسدد في مسنده بسند صحيح عن محمد بن عباد بن جعفر  أحد ثقات التابعين وأئمتهم - رحمهم الله تعالى - واللفظ لمحمد بن عمر  ، قال حزام :  إن قريشا  ندمت على عون بني نفاثة ،  وقالوا : محمد  غارينا ، فقال عبد الله بن أبي سرح   - وهو يومئذ عندهم حال ردته عن الإسلام - وأسلم بعد ذلك - إن عندي رأيا ، إن محمدا  لن يغزوكم حتى يعذر إليكم ، ويخيركم في خصال كلها أهون عليكم من غزوه ، قالوا ما هي ؟ قال : يرسل إليكم أن أدوا قتلى خزاعة  وهم ثلاثة وعشرون قتيلا ، أو تبرؤوا من حلف من نقض الصلح وهم بنو نفاثة ،  أو ينبذ إليكم على سواء ، فما عندكم في هذه الخصال ؟ فقال القوم : أحر بما قال ابن أبي سرح   -وقد كان به عالما - قال  سهيل بن عمرو :  ما خلة أهون علينا من أن نبرأ من حلف بني نفاثة .  
فقال شيبة بن عثمان العبدري  حفظت أخوالك ، وغضبت لهم قال سهيل :  وأي قريش  لم تلده خزاعة ؟  قال شيبة :  ولكن ندي قتلى خزاعة  فهو أهون علينا ، وقال قرظة بن عبد عمرو :  لا والله لا يودون ولا نبرأ من حلف بني نفاثة ،  ولكنا ننبذ إليه على سواء . وقال أبو سفيان :  ليس هذا بشيء ، وما الرأي إلا جحد هذا الأمر ، أن تكون قريش  دخلت في نقض عهد أو قطع مدة وإنه قطع قوم بغير رضى منا ولا مشورة فما علينا . قالوا : هذا الرأي لا رأي غيره . 
وقال  عبد الله بن عمر   - رضي الله تعالى عنهما - : إن ركب خزاعة  لما قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخبروه خبرهم ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «فمن تهمتكم وظنتكم ؟ ” قالوا : 
بنو بكر ،  قال : «أكلها ؟ ” قالوا : لا ، ولكن بنو نفاثة قصرة ورأس القوم نوفل بن معاوية النفاثي . 
قال : «هذا بطن من بني بكر ، وأنا باعث إلى أهل مكة فسائلهم عن هذا الأمر ومخيرهم في خصال ثلاث” ، فبعث إليهم ضمرة 
- لم يسم أباه محمد بن عمر   - يخيرهم بين إحدى خلال ، بين أن يدوا قتلى خزاعة  أو يبرؤوا من حلف بني نفاثة ،  أو ينبذ إليهم على سواء . فأتاهم ضمرة  [ ص: 205 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأناخ راحلته بباب المسجد ، فدخل وقريش  في أنديتها ، فأخبرهم أنه رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخبرهم بالذي أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - به فقال قرظة بن عبد عمرو الأعمى :  أما أن ندي قتلى خزاعة  فإن نفاثة فيهم عرام فلا نديهم حتى لا يبقى لنا سبد ولا لبد ، وأما أن نتبرأ من حلف نفاثة فإنه ليس قبيلة من العرب تحج هذا البيت أشد تعظيما له من نفاثة ، وهم حلفاؤنا ، فلا نبرأ من حلفهم ، أو لا يبقى لنا سبد ولا لبد ، ولكن ننبذ إليه على سواء ، فرجع ضمرة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك من قولهم . 
وندمت قريش على رد رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبعثت أبا سفيان  فذكر قصة مجيئه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما سيأتي . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					