ذكر حثه - صلى الله عليه وسلم - على النفقة والحملان في سبيل الله تبارك وتعالى 
في حديث  عمران بن حصين   - رضي الله عنهما - عند  الطبراني  أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجلس كل يوم على المنبر فيدعو فيقول : "اللهم إن تهلك هذه العصابة لن تعبد في الأرض  . فلم يكن للناس قوة .  [ ص: 435 ] 
قال محمد بن عمر   - رحمه الله تعالى - حض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الصدقات  فجاءوا بصدقات كثيرة ، فكان أول من جاء  أبو بكر الصديق   - رضي الله عنه - جاء بماله كله أربعة آلاف درهم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "هل أبقيت لأهلك شيئا ؟ " فقال : أبقيت لهم الله ورسوله . وجاء  عمر بن الخطاب   - رضي الله عنه - بنصف ماله ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "هل أبقيت لأهلك شيئا ؟ " قال : نعم مثل ما جئت به ، 
وحمل  العباس  ،  وطلحة بن عبيد الله  ،  وسعد بن عبادة -  رضي الله عنهم - وحمل  عبد الرحمن بن عوف   - رضي الله عنه - مائتي أوقية إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتصدق عاصم بن عدي   - رضي الله عنه - بسبعين وسقا من تمر ، وجهز  عثمان بن عفان   - رضي الله عنه - ثلث ذلك الجيش حتى أنه كان يقال : ما بقيت لهم حاجة حتى كفاهم شنق أسقيتهم . 
قلت : كان ذلك الجيش زيادة على ثلاثين ألفا ، فيكون - رضي الله عنه - جهز عشرة آلاف . 
وذكر أبو عمرو  في الدرر ، وتبعه في الإشارة : أن  عثمان  حمل على تسعمائة بعير ومائة فرس بجهازها ، وقال  ابن إسحاق   - رحمه الله تعالى - أنفق  عثمان  في ذلك الجيش نفقة عظيمة لم ينفق أحد مثلها . 
ونقل ابن هشام  عمن يثق به : أن  عثمان   - رضي الله عنه - أنفق في جيش العسرة ألف دينار قلت غير الإبل والزاد وما يتعلق بذلك . قال : فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اللهم ارض عن عثمان فإني عنه راض   . وروى الإمام  أحمد  ،  والترمذي  وحسنه ،  والبيهقي  عن  عبد الرحمن بن سمرة   - رضي الله عنه - قال : جاء عثمان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بألف دينار في كمه حين جهز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جيش العسرة ، فصبها في حجر النبي - صلى الله عليه وسلم - فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يقلبها بيده ويقول : "ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم يرددها مرارا  . 
وروى  عبد الله ابن الإمام أحمد  في زوائد المسند ،  والترمذي  ،  والبيهقي  عن عبد الرحمن بن خباب -  بالمعجمة وموحدتين - رضي الله عنه - قال : خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحث على جيش العسرة ،  فقال عثمان - رضي الله عنه - علي مائة بعير بأحلاسها وأقتابها ، ثم نزل مرقاة أخرى من المنبر فحث فقال عثمان - رضي الله عنه - : علي مائة أخرى بأحلاسها وأقتابها ثم نزل مرقاة أخرى فحث فقال عثمان - رضي الله عنه - : علي مائة أخرى  [ ص: 436 ] بأحلاسها وأقتابها . فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول بيده - هكذا - يحركها كالمتعجب "ما على عثمان ما عمل بعد هذا اليوم" أو قال : - بعدها -  . 
وروى الطيالسي  ، والإمام  أحمد  ،  والنسائي  عن  الأحنف بن قيس   - رحمه الله تعالى - قال : سمعت  عثمان   - رضي الله عنه - يقول  لسعد بن أبي وقاص   وعلي  والزبير   وطلحة   : 
أنشدكم الله ، هل تعلمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "من جهز جيش العسرة غفر الله له" فجهزتهم حتى ما يفقدون خطاما ولا عقالا ؟ قالوا : اللهم نعم  . 
ويأتي في ترجمة  عثمان   - رضي الله عنه - أحاديث كثيرة في ذلك . 
قال محمد بن عمر   - رحمه الله : وحمل رجال ، وقوى ناس دون هؤلاء من هم أضعف منهم ، حتى إن الرجل ليأتي بالبعير إلى الرجل والرجلين فيقول : هذا البعير بيننا نعتقبه ، ويأتي الرجل بالنفقة فيعطيها بعض من يخرج حتى إن كان النساء يبعثن بما يقدرن عليه ، وحمل  كعب بن عجرة   واثلة بن الأسقع  ، وروى  أبو داود  ، ومحمد بن عمر  عن  واثلة بن الأسقع  ، - رضي الله عنه - قال : نادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك ، فخرجت إلى أهلي - وقد خرج أول أصحابه - فطفت في المدينة أنادي : ألا من يحمل رجلا وله سهمه ؟ فإذا شيخ من الأنصار - سماه محمد بن عمر   :  كعب بن عجرة   - فقال : سهمه على أن تحمله عقبة وطعامه معنا ؟ فقلت : نعم ، فقال : سر على بركة الله تعالى ، فخرجت مع خير صاحب حتى أفاء الله علينا  . 
قال محمد بن عمر   : بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع  خالد بن الوليد  إلى أكيدر دومة   . قال : 
فأصابني قلائص - قال محمد بن عمر   : ستة - فسقتهن حتى أتيته بهن ، فخرج فقعد على حقيبة من حقائب إبله ثم قال : سقهن مقبلات . فسقتهن ، ثم قال : سقهن مدبرات ، فقال : ما أرى قلائصك إلا كراما ، فقلت : إنما هي غنيمتك التي شرطت لك ، قال : خذ قلائصك يا ابن أخي ، فغير سهمك أردنا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					