ذكر نزوله - صلى الله عليه وسلم - بالحجر ، وما وقع في ذلك من الآيات 
روى الإمام  مالك  ،  وأحمد  ، والشيخان عن  عبد الله بن عمر  ، والإمام  أحمد  عن  جابر بن عبد الله  ، الإمام  أحمد  بسند حسن عن أبي كبشة الأنماري  ،  وابن إسحاق  عن رواية ابن يونس  عن  الزهري  ، والإمام  أحمد  عن  أبي حميد الساعدي  رضي الله عنهم : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما مر بالحجر تقنع بردائه وهو على الرحل ،  فاتضع راحلته حتى خلف أبيات ثمود ، ولما نزل هناك سارع الناس إلى أهل الحجر يدخلون عليهم ، واستقى الناس من الآبار التي كانت تشرب منها ثمود ، فعجنوا ونصبوا القدور باللحم ، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنودي في الناس : الصلاة جامعة ، فلما اجتمعوا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن  [ ص: 447 ] تكونوا باكين أن يصيبكم ما أصابهم  ، ولا تشربوا من مائها ولا تتوضئوا منه للصلاة ، واعلفوا العجين الإبل" ثم ارتحل بهم حتى نزل على العين التي كانت تشرب منها الناقة ، وقال : "لا تسألوا الآيات . فقد سألها قوم صالح ، سألوا نبيهم أن تبعث آية ، فبعث الله تبارك وتعالى لهم الناقة ، فكانت ترد هذا الفج وتصدر من هذا الفج ، فعتوا عن أمر ربهم فعقروها ، وكانت تشرب مياههم يوما ، ويشربون لبنها يوما ، فعقروها فأخذتهم صيحة أهمد الله تعالى من تحت أديم السماء منهم إلا رجلا واحدا كان في حرم الله تعالى ، قيل : من هو يا رسول الله ؟ قال "أبو رغال" فلما خرج من الحرم أصابه ما أصاب قومه ، ما تدخلون على قوم غضب الله عليهم" فناداه رجل منهم : 
تعجب منهم ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "ألا أنبئكم بأعجب من ذلك ؟ رجل من أنفسكم فينبئكم بما كان قبلكم وما هو كائن بعدكم فاستقيموا وسددوا ، فإن الله تعالى لا يعبأ بعذابكم شيئا ، وسيأتي الله بقوم لا يدفعون عن أنفسهم بشيء ، وإنها ستهب عليكم الليلة ريح شديدة فلا يقومن أحد ، ومن كان له بعير فليوثق عقاله ، ولا يخرجن أحد منكم إلا ومعه صاحب له" ، ففعل الناس ما أمرهم به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا رجلين من بني ساعدة  ، خرج أحدهما لحاجته والآخر في طلب بعيره ، فأما الذي خرج لحاجته فإنه خنق على مذهبه - أي موضعه - وأما الذي خرج في طلب بعيره فاحتملته الريح حتى طرحته بجبلي طيء اللذين يقال لأحدهما أجأ ويقال للآخر سلمى ، فأخبر بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : ألم أنهكم عن أن يخرج منكم أحد إلا ومعه صاحبه ثم دعا للذي أصيب على مذهبه فشفي ، وأما الآخر فإن طيئا أهدته لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين رجع إلى المدينة  . 
				
						
						
