ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
715 - حفص بن سليمان ، أبو سلمة الخلال ، وزير أبي العباس السفاح:
وهو أول من وزر لهم ، ولم يكن خلالا إنما كان منزله بالكوفة بقرب الخلالين ، وكان يجلس عندهم فسمي خلالا . وقتل في هذه السنة على ما ذكرنا في حوادث السنة . [ ص: 316 ]
716 - الربيع بن أبي راشد ، أبو عبد الله:
سمع من سعيد بن جبر ، ومن الثوري . وكان كالغائب عن الخلق .
قال أبو بكر بن أبي الدنيا: حدثنا محمد بن أبي يزيد الآدمي ، قال: حدثنا سفيان بن عيينة ، عن خلف بن حوشب ، قال: كنت مع الربيع بن أبي راشد في الجبانة ، فقرأ رجل: يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث . . . . الآية ، فقال الربيع: حال ذكر الموت بيني وبين كثير مما أريد من التجارة ، ولو فارق ذكر الموت قلبي ساعة خشيت أن يفسد علي قلبي ، ولولا أن أخالف من كان قبلي لكانت الجبانة مسكني إلى أن أموت .
قال: وقال عمر بن ذر: كنت إذا رأيت الربيع بن أبي راشد كأنه مخمار من [غير] شراب .
717 - [زبان] بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم ، أبو إبراهيم:
كان سيد بني عبد العزيز وفارسهم ، حضر الوقعة مع مروان بن محمد ليلة بوصير فتقنطر به فرسه ، فقتله المسور في هذه السنة ، ولم يعرفوه . وقد روى عنه الأوزاعي .
718 - صفوان بن سليم ، أبو عبد الله الزهري ، مولى حميد بن عبد الرحمن:
روى عن ابن عمر ، وجابر ، وعبد الله بن جعفر ، وسهل بن حنيف ، وجماعة من كبار التابعين . كان ثقة كثير الحديث عابدا .
أخبرنا محمد بن أبي القاسم ، قال: أخبرنا حمد بن أحمد الحداد ، قال: أخبرنا أبو نعيم الأصفهاني ، قال: حدثنا ابن جعفر ، قال: حدثنا جعفر بن محمد الفريابي ، [ ص: 317 ] قال: حدثنا أبو أمية ، قال: حدثنا يعقوب بن محمد ، قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم ، قال: عادلني صفوان بن سليم إلى مكة ، فما وضع جنبه في المحمل حتى رجع .
قال أبو نعيم: وأخبرنا محمد بن أحمد بن إبراهيم في كتابه ، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عاصم ، قال: حدثنا سعيد بن كثير بن يحيى ، قال: حدثني أبي ، قال: قدم سليمان بن عبد الملك المدينة وعمر بن عبد العزيز عامله عليها . قال: فصلى بالناس الظهر ثم فتح باب المقصورة ، واستند إلى المحراب واستقبل الناس بوجهه ، فنظر إلى صفوان بن سليم عن غير معرفة ، فقال: يا عمر ، من هذا الرجل؟ ما رأيت سمتا أحسن منه ، قال: يا أمير المؤمنين ، هذا صفوان بن سليم ، قال: يا غلام ، كيس فيه خمسمائة دينار ، فأتي بكيس فيه خمسمائة دينار ، فقال لخادمه: ترى هذا الرجل القائم يصلي ، فوصفه للغلام حتى أثبته . قال: فخرج الغلام بالكيس حتى جلس إلى صفوان ، فلما نظر إليه صفوان ركع وسجد ثم سلم وأقبل عليه ، فقال: ما حاجتك؟ قال: أمرني أمير المؤمنين ، وهو ذا ينظر إليك وإلي أن أدفع إليك هذا الكيس فيه خمسمائة دينار ، وهو يقول لك: استعن بهذه على زمانك وعلى عيالك ، فقال صفوان: ليس أنا بالذي أرسلت إليه ، فقال الغلام: ألست صفوان بن سليم؟ قال: بلى أنا صفوان بن سليم ، قال: فإليك أرسلت ، قال: اذهب فاستثبت ، فإذا أثبت فهلم ، فقال الغلام: فأمسك الكيس معك وأنا أذهب ، قال: لا ، إذا أمسكت كنت قد أخذت ، ولكن اذهب فاستثبت وأنا هاهنا جالس .
فولى الغلام وأخذ صفوان نعليه وخرج ، فلم ير بها حتى خرج سليمان من المدينة .
قال أحمد بن محمد بن عاصم: وحدثنا أبو مصعب ، قال: قال لي ابن حازم: دخلت أنا وأبي نسأل عن صفوان بن سليم وهو في مصلاه ، فما زال أبي حتى رده إلى فراشه ، فأخبرتني مولاته أن ساعة خرجتم مات .
[ ص: 318 ]
719 - عبد الحميد بن يحيى بن سعيد ، مولى بني عامر بن لؤي ، الكاتب ، كاتب مروان بن محمد:
كان الأساس في البلاغة ، رسم رسومها ، وأصل أصولها ، وفرع فروعها ، وقد كان قبله سالم مولى سعيد بن عبد الملك مقدما في هذه الصناعة إلا أنه دون عبد الحميد ، وكان متصلا في حداثته بعبد الله بن مالك الثقفي كاتب الوليد بن عبد الملك ، فتأدب وبرع ، ثم اتصل بمروان بن محمد قبل الخلافة فغلب عليه ، فكان يخط بين يديه قبل الخلافة أحسن خط ، ولا ينتحل شيئا من البلاغة ، ثم قام في الخلافة مقام الوزير .
أخبرنا أبو منصور القزاز ، قال: أخبرنا أبو بكر بن ثابت ، قال: أخبرنا علي بن علي ، قال: حدثنا محمد بن عمر المرزبان ، قال: حدثنا علي بن سليمان الأخفش ، قال: قال أحمد بن يوسف الكاتب: رآني عبد الحميد بن يحيى وأنا أكتب خطا رديئا ، فقال: إن أردت أن تجود خطك فأطل جحفتك واشممها ، وحرف قطتك وأيمنها .
قال علماء السير: انقرض ملك بني أمية على أربعة لم يجتمع مثلهم في دولة:
مروان بن محمد بن الحكم في شجاعته وسياسته ، وعبد الحميد في كتابته وبلاغته ، ويزيد بن عمر بن هبيرة في تدبيره وصحة رأيه ، ونصر بن سيار في صولته وضبطه وبعد صوته .
720 - عمر بن المنكدر:
كان من العباد المجتهدين ، وقوام الليل .
أخبرنا عبد الوهاب [الحافظ بإسناده] ، عن [ابن] أبي بكر الرشي ، قال: حدثني الحسن بن الصباح ، قال: حدثنا العلاء بن عبد الجبار ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال: قالت أم عمر بن المنكدر لعمر: [ ص: 319 ] إني لأشتهي أن أراك نائما ، فقال: يا أماه ، والله إن الليل ليرد علي فيهولني ، فينقضي عني وما قضيت إربي .
وفي رواية: أنهم قالوا له: فما هذا البكاء الكثير؟ فقال: آية من كتاب الله تعالى أبكتني: وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون .
721 - منصور بن المعتمر ، أبو عتاب ، السلمي:
أسند عن أنس وعن جماعة من كبار التابعين ، وكان من العلماء المتعبدين الثقات . صام أربعين سنة وتمامها ، وكان محروما كأنه قد أصيب بمصيبة ، وبكى حتى عمش .
أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك ، ويحيى بن علي ، قالا: أخبرنا عبد الله بن محمد الصريفيني ، قال: أخبرنا محمد بن الحسن بن عبدان ، قال: حدثنا الحسين بن إسماعيل ، قال: حدثنا محمد بن يحيى الأزدي ، قال: حدثنا خلف بن تميم ، عن زائدة بن قدامة ، قال: صام منصور بن المعتمر أربعين سنة ، قام ليلها وصام نهارها ، وكان يبكي الليل ، فتقول له أمه: يا بني ، قتلت قتيلا؟ فيقول: أنا أعلم ما صنعت بنفسي ، فإذا أصبح كحل عينيه ودهن رأسه وبرق شفتيه وخرج إلى الناس ، فأخذه ذات يوم يوسف بن عمر عامل الكوفة يريده على القضاء ، فامتنع ، قال: فدخلت عليه وقد جيء بالقيد ليقيد ، قال: فجاءه خصمان ، فقعدا بين يديه فلم يسألهما ولم يكلمهما ، فقيل ليوسف بن عمر: إنك لو نثرت لحمه لم يل لك قضاء ، فخلى عنه وتركه .
أخبرنا ابن ناصر بإسناد له عن العلاء بن سالم العبدي ، قال: كان منصور يصلي في سطحه ، فلما مات قال غلام لأمه: يا أماه الجذع الذي كان في آل فلان [ ص: 320 ] ليس أراه ، قالت: يا بني ليس ذلك جذع ، ذلك منصور ، وقد مات .
أخبرنا ابن منصور ، قال: أخبرنا حمد بن أحمد ، قال: أخبرنا أبو نعيم الأصفهاني ، قال: حدثنا أبو محمد بن حيان ، قال: حدثنا محمد بن يحيى ، قال: حدثنا أزهر بن جميل ، قال: حدثنا ابن عيينة ، قال: رأيت منصور بن المعتمر في المنام ، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: كدت أن ألقى الله بعمل نبي .
قال سفيان: إن منصورا صام ستين سنة يقوم ليلها ويصوم نهارها .
722 - مروان بن محمد بن مروان بن الحكم:
قتل في ذي الحجة من هذه السنة وهو ابن اثنتين وستين سنة ، وقيل: تسع وستين .
وقيل: ثمان وخمسين . وكانت ولايته خمس سنين وعشرة أشهر وستة عشر يوما .
[ ص: 321 ]


