الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

583 - سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، أبو عمر :

روى عن أبيه ، وأبي أيوب ، وأبي هريرة . وكان فقيها عابدا جوادا صالحا ، وكان أشبه أولاد أبيه به ، وكان أبوه شديد المحبة له فإذا ليم على ذلك أنشد:


يلومونني في سالم وألومهم وجلدة بين العين والأنف سالم

[ ص: 114 ]

أخبرنا المبارك بن علي ، قال: أخبرنا شجاع بن فارس ، قال: أخبرنا محمد بن علي بن الفتح ، قال: أخبرنا ابن أخي ميمي ، قال: أخبرنا ابن صفوان ، قال: أخبرنا أبو بكر القرشي ، قال: حدثني محمد بن الحسين ، قال: حدثني يحيى بن أبي بكير ، قال: حدثنا هودة بن عبد العزيز ، قال:

زحم سالم بن عبد الله رجل فقال له سالم: بعض هذا رحمك الله ، فقال له الرجل: ما أراك إلا رجل سوء ، فقال له سالم: ما أحسبك أبعدت .

أخبرنا محمد بن القاسم ، قال: أخبرنا حمد بن أحمد ، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ ، قال: حدثنا أبي ، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسين ، قال:

حدثنا أحمد بن سعيد ، قال: حدثنا ابن وهب ، قال: حدثني حنظلة ، قال:

رأيت سالم بن عبد الله بن عمر يخرج إلى السوق فيشتري حوائج نفسه .

أخبرنا إسماعيل بن أحمد بإسناد له عن أشهب بن مالك ، قال: لم يكن أحد في زمن سالم بن عبد الله أشبه بمن مضى من الصالحين في الزهد والقصد في العيش منه ، كان يلبس بدرهمين ، وقال له سليمان بن عبد الملك ورآه حسن السجية: أي شيء تأكل؟ قال: الخبز والزيت وإذا وجدت اللحم أكلته ، فقال له: أو تشتهيه ، قال:

إذا لم أشتهه تركته حتى أشتهيه .

أخبرنا محمد بن ناصر الحافظ ، قال: أنبأنا أبو طاهر بن أبي الصقر ، قال: أخبرنا هبة الله بن إبراهيم الصواف ، قال: أخبرنا الحسن بن إسماعيل الضراب ، قال: أخبرنا أحمد بن مروان ، قال: أخبرنا عمير بن مرداس ، قال: حدثنا الحميدي ، قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول:

دخل هشام بن عبد الملك الكعبة فإذا هو بسالم بن عبد الله ، فقال له: يا سالم سلني حاجة ، فقال له: إني لأستحي من الله أن أسأل في بيت الله غيره . فلما خرج خرج [ ص: 115 ] في أثره ، فقال له: الآن قد خرجت فسلني حاجة ، فقال له سالم: من حوائج الدنيا أم من حوائج الآخرة؟ فقال: من حوائج الدنيا ، فقال له: ما سألت من يملكها فكيف أسأل من لا يملكها .

توفي سالم بالمدينة في آخر ذي الحجة من هذه السنة ، وصلى عليه هشام بن عبد الملك مقدمه المدينة ودفن بالبقيع .

584 - طاووس بن كيسان اليماني ، ويكنى أبا عبد الرحمن ، مولى لهمذان :

حج أربعين حجة ، وجالس سبعين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

أخبرنا أبو بكر العامري ، قال: أخبرنا علي بن صادق ، قال: أخبرنا أبو عبد الله بن باكويه ، قال: حدثنا عبد الواحد بن بكر ، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، قال: حدثنا أحمد بن روح ، قال: حدثنا أحمد بن حامد ، قال: حدثنا عبد المنعم بن إدريس ، عن أبيه قال:

صلى وهب بن منبه وطاووس اليماني الغداة بوضوء العتمة أربعين سنة .

أخبرنا عبد الوهاب الأنماطي بإسناده عن أبي بكر بن عبيد ، قال: حدثنا الحسن بن يحيى ، قال: أخبرنا عبد الرزاق بن داود بن إبراهيم :

أن الأسد حبس الناس ليلة في طريق الحج ، فدق الناس بعضهم بعضا ، فلما كان السحر ذهب عنهم ، فنزل الناس يمينا وشمالا فألقوا أنفسهم فناموا ، وقام طاووس يصلي ، فقال له ابنه: ألا تنام فقد نصبت الليلة؟ فقال طاووس : ومن ينام السحر .

أخبرنا ابن ناصر ، قال: أخبرنا عبد القادر بن محمد ، قال: أخبرنا أبو علي التميمي ، قال: أخبرنا أبو بكر بن مالك ، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال:

حدثني أبي ، قال: حدثنا عبد الرزاق ، قال:

قدم طاووس مكة فقدم أمير فقيل له: إن من فضله ، ومن ، ومن ، فلو أتيته ، قال: ما إليه من حاجة ، قالوا: إنا نخافه عليك ، قال: فما هو كما تقولون . [ ص: 116 ]

585 - العابد اليمني:

أخبرنا محمد بن ناصر الحافظ ، قال: أخبرنا أبو الحسن بن عبد الجبار ، قال:

قال: أخبرنا محمد بن علي بن الفتح ، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الدقاق ، قال:

أخبرنا الحسين بن صوفان ، قال: أخبرنا أبو بكر بن عبيد ، قال: حدثني أبو حاتم الرازي ، قال: حدثني أحمد بن عبد الله بن عياض القرشي ، قال: حدثنا عبد الرحمن بن كامل القرقساني ، قال: حدثنا علوان بن داود ، عن علي بن زيد ، قال:

قال طاووس :

بينا أنا بمكة بعث إلي الحجاج فأجلسني إلى جنبه وأتكأني على وسادة إذ سمع ملبيا يلبي حول البيت رافعا صوته بالتلبية ، فقال: علي بالرجل ، فأتي به ، فقال: ممن الرجل؟ قال: من المسلمين ، قال: ليس عن الإسلام سألتك ، قال: فعم سألت؟ قال:

سألتك عن البلد ، قال: من أهل اليمن ، قال: كيف تركت محمد بن يوسف؟ - يريد أخاه - قال: تركته عظيما وسيما لباسا ركابا خراجا ولاجا ، قال: ليس عن هذا سألتك ، قال: فعم سألت؟ قال: سألتك عن سيرته ، قال: تركته ظلوما غشوما ، مطيعا للمخلوق عاصيا للخالق ، فقال له الحجاج: ما حملك على أن تتكلم بهذا الكلام وأنت تعلم مكانه مني؟ قال الرجل: أتراه بمكانه منك أعز مني بمكاني من الله عز وجل وأنا وافد بيته ومصدق نبيه وقاضي دينه ، قال: فسكت الحجاج فما أجاب جوابا ، فقام الرجل من غير أن يؤذن له فانصرف .

قال طاووس : فقمت في أثره وقلت: الرجل حكيم ، فأتى البيت فتعلق بأستاره ثم قال: اللهم بك أعوذ وبك ألوذ ، اللهم اجعل لي في اللهف إلى جودك ، والرضا بضمانك مندوحة عن منع الباخلين وغنى عما في أيدي المستأثرين ، اللهم فرجك القريب ومعروفك القديم وعادتك الحسنة . ثم ذهب الناس فرأيته عشية عرفة وهو يقول:

اللهم إن كنت لم تقبل حجي وتعبي ونصبي فلا تحرمني الأجر على مصيبتي بتركك القبول . ثم ذهب في الناس فرأيته غداة جمع يقول: وا سوءتاه منك [والله] وإن عفوت . يردد ذلك . [ ص: 117 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية