(باب) الرجلين يودعان الرجل شيئين فيخلط بينهما
قال أبو بكر: فالحنطة والشعير بين الرجلين على قدر أموالهما، فإن كان نقص من قيمتهما (شيء بالخلط) كان على المستودع ما دخل في ذلك من النقص، لأنه جان. وهذا يشبه مذهب ( وإذا أودع رجل رجلا حنطة، وأودعه آخر شعيرا فخلط بينهما، ) وبه قال الشافعي أبو ثور.
وكذلك نقول . [ ص: 72 ]
وفيه قول ثان: في أن عليه لصاحب الحنطة (حنطة) مثل حنطته ولصاحب الشعير شعيرا مثل شعيره. هذا قول أصحاب الرأي، وذكر الرجل يغتصب من الرجل الحنطة، واغتصب من رجل آخر [شعيرا] فخلطهما جميعا أن هذا الذي قاله أصحاب الرأي تأويل قول ابن القاسم . مالك
وقال أصحاب الرأي: إن لم يخلطهما هو وخلطهما رجل غيره لا يعرف ولا يقدر عليه، (قالوا: تباع) الحنطة ويعطى صاحب الشعير ما أصاب الشعير، وكذلك كل شيء مما يكال أو يوزن اختلط بعضه ببعض مثل هذا .
قال ليس بين أن يخلطهما الغاصب والمستودع وبين أن يخلطهما أجنبي من الناس فرق . أبو بكر:
قال إذا اختلط حنطة لرجل وشعير لرجل فباعاه جزافا فقال صاحب الحنطة: كانت حنطتي كرين، وقال صاحب الشعير: بل (كانت حنطتك) كرا، وقال صاحب الشعير: كان شعيري كرين، وقال صاحب الحنطة: بل كان شعيرك كرا أقسما اليمين على ما أقدر كل واحد منهما لصاحبه، هذا قول أبو بكر: . [ ص: 73 ] أبي ثور
وقال أصحاب الرأي: يحلف كل واحد منهما على أن لهذا كذا ولهذا كذا، وهذا معنى قول لم يختلفوا في هذه المسألة . أبي ثور
وقال في الشافعي يقال للغاصب: إن شئت أعطيته مكيال زيت مثل زيته، وإن شئت (أخذ) من هذا الزيت مكيالا، ثم كان غير مزداد إذا كان زيتك مثل زيته، وكنت تاركا للفضل إذا كان زيتك خيرا من زيته، ولا خيار للمغصوب، لأنه غير منتقص، فإن كان صب ذلك الزيت في زيت شر من زيته ضمن الغاصب له مثل زيته، لأنه قد انتقص زيته بتصبيبه فيما هو شر منه، وإن صب زيته في بان أو شيرق أو دهن طيب أو سمن أو عسل ضمن في هذا كله، لأنه لا يتخلص منه الزيت، ولا يكون له أن يدفع إليه مكيالا منه، وإن كان مكيال منه [خيرا] من الزيت، من قبل أنه غير (الزيت) . الرجل يغتصب من الرجل مكيال زيت (فيصبه) في زيت مثله أو خير منه
ولو اغتصبه زيتا فأغلاه على النار فنقص كان عليه أن يسلمه إليه وما نقص مكيلته، ثم إن كانت النار تنقصه شيئا في القيمة كان عليه أن يغرم [ ص: 74 ] نقصانه، وإن لم تكن تنقصه [شيئا] في القيمة فلا شيء عليه، ولو غصبه حنطة جيدة فخلطها برديئة كان كما وصفت في الزيت يغرم له [مثلها] بمثل كيلها، إلا أن يكون يقدر على أن يميزها حتى تكون معروفة، وإن خلطها (بمثلها) أو أجود كان كما وصفت في الزيت .
واختلفوا في فكان الرجل يغصب طعاما ويحبسه حتى يفسد: يقول: ولو اغتصبه حنطة جيدة [فأصابها] عنده ماء أو عفن أو [أكلة] أو دخلها نقص في عينها، كان عليه أن يدفعها إليه وقيمة ما نقصها يقوم بالحال التي غصبها والحال التي دفعها بها، (ثم) يغرم فضل ما بين القيمتين. وهذا قول الشافعي . أبي ثور
وقال أصحاب الرأي: عليه [طعام] مثله ومثل كيله، ويكون هذا الطعام للغاصب، لأني أكره أن يأخذ طعامه وفضلا (إذا) أخذ طعامه وما نقصه [ ص: 75 ] قال كما قال أبو بكر: أقول، وقد ذكرت الذي منع [مما] قالوا وهو قوله: ( الشافعي لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ) وتحريم النبي صلى الله عليه وسلم الأموال، وقوله: "لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه" .
فهؤلاء يزيلون ملك المالك عن (ماله) بغير حجة ويجعلون الملك للغاصب بغير ثبت، وكل ذلك (غير) جائز، ولا يجوز [إزالة] ملك مسلم عن ما ملكه الله إلا بحجة .